واشنطن تتعهد بالرد خطيّاً على مبادرة الضمانات الأمنية الروسية
كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن تعهد خلال اجتماع عقد بينهما في جنيف، بأن واشنطن ستقدم الأسبوع القادم ردها على مبادرة الضمانات الأمنية، فيما أكد بلينكن خلال مؤتمر صحافي منفصل بأن واشنطن ستقدم رداً خطياً على المطالب الروسية الأسبوع المقبل.
وقال لافروف، أثناء مؤتمر صحفي عقده اليوم الجمعة في أعقاب الاجتماع، أن محادثات اليوم كانت “مفيدة وصريحة”، مشيرا إلى أن هذا اللقاء كان مرحليا وأن بلينكن أعرب عن ارتياحه إزاء نتائجه.
وأضاف لافروف: “قال لي أنتوني بلينكن إنه مرتاح لتبادل الآراء الذي حصل اليوم، ما سيساعدهم الأسبوع القادم في تقديم رد خطي (على مبادرة الضمانات الأمنية المطروحة من قبل روسيا)”.
وقف تمدد حلف الناتو
وأكد عميد الدبلوماسية الروسية أنه كرر خلال الاجتماع طلب موسكو لوقف تمدد حلف الناتو شرقا، موضحا أن هذا الطلب يأتي لأن الحلف الذي أنشئ أصلا لمواجهة الاتحاد السوفيتي يعمل حاليا ضد روسيا.
وردا على سؤال عن تقييمه للوضع الحالي في المباحثات بين روسيا والولايات المتحدة، قال لافروف: “لا أستطيع القول ما إذا كنا الآن نسير بالمسار الصحيح أم لا، ولن ندرك ذلك ما لم نتلق الرد الأمريكي الخطي على كافة مقترحاتنا”.
وأبدى لافروف تأييده لفكرة نشر الرد الأمريكي على المبادرة الروسية، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا القرار ينبغي اتخاذه بالتشاور مع الولايات المتحدة.
وأكد الوزير أنه سيجري اتصالا جديدا مع بلينكن بعد تقديم الولايات المتحدة ردها على الاقتراحات الروسية، ودعا الصحفيين إلى “عدم استباق الأمور”، ردا على سؤال عن إمكانية إجراء مكالمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن بهذا الشأن.
وقال: “الرئيس بوتين مستعد دائما للتواصل مع الرئيس بايدن، لكن من الواضح أنه ينبغي التحضير لهذه الاتصالات على نحو جدي.
لافروف: لا يجوز ربط أمن أوروبا بالملف الأوكراني وحده
وأكد وزير الخارجية الروسي أن الجانب الأمريكي حاول في اجتماع اليوم التركيز على الملف الأوكراني وطرح ضرورة “خفض التصعيد” كشرط أساسي وكرر براهين عن حق الدول في تشكيل تحالفات عسكرية.
وتابع لافروف: “لكننا في المقابل قدمنا طيفا من الوثائق التي تشترط لحرية اختيار التحالفات ضرورة الامتناع عن أي خطوات تؤدي إلى تعزيز أمن أية دولة على حساب أمن دول أخرى، وطلبنا من أنتوني بلينكن وفريقه توضيح كيفية تفسيرهم هذا الجزء من الالتزامات التي تم تبنيها وتأكيدها مرارا على المستوى السياسي ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.
وصرح الوزير الروسي بأن نظيره الأمريكي تعهد له بتوضيح موقف واشنطن بهذا الشأن.
ولفت لافروف إلى أن موسكو قدمت الأجوبة على كافة الأسئلة المتعلقة بتواجد قواتها عند حدود أوكرانيا، مشددا مرة أخرى على أن روسيا لم تهدد الشعب الأوكراني ولا تنوي غزو هذا البلد المجاور.
التهديد الروسي لأوكرانيا
وأضاف لافروف أنه لم يسمع اليوم أي براهين تبرر موقف الولايات المتحدة بشأن “التهديد الروسي لأوكرانيا”، وذكر أن بلينكن نفسه أقر بأن الحديث يدور عن نشر روسيا قواتها داخل حدودها.
ورجح الوزير الروسي أن “الهستيريا” التي يروج لها الغرب حاليا ربما تستهدف تبرير خطوات عسكرية جديدة لحكومة كييف في منطقة دونباس أو على الأقل تبرير نهج كييف الرامي إلى تقويض اتفاقات مينسك تماما، وقال: “عندما ستنتهي هذه الهستيريا الروسوفوبية، سيصبح جليا للجميع أن هذا النظام فاشل”.
وذكر لافروف أن بلينكن أكد له استعداد إدارة الرئيس جو بايدن للمساعدة في تطبيق اتفاقات مينسك، لافتا إلى أنه حث نظيره الأمريكي على ممارسة الضغط على كييف في هذا الشأن.
وأشار الوزير إلى أن أمن أوروبا أوسع من الملف الأوكراني، قائلا: “نعم، نعتقد أن القضية الأوكرانية تستحق اهتماما بالغا، لكن لا يجوز ربط مسألة هيكل أمن أوروبا عموما بهذه المسألة فقط”.
وقال لافروف بشأن الملف الأوكراني: “ناقشنا هذه المسألة على نحو صريح مع توني بلينكن وهو وافق على أنه ينبغي خوض حوار بعقلانية أكثر. آمل أن تنخفض لديهم الانفعالات العاطفية لكن ليس هناك أي ضمانات”.
استعداد أميركي لمناقشة القضايا الأمنية
بعد انتهاء اللقاء مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن واشنطن مستعدة لمناقشة القضايا الأمنية التي طرحتها روسيا، مؤكداً التزام بلاده بدعم سيادة أوكرانيا وحق شعبها في تقرير مصيره، مهدداً بالرد على أي هجوم حتى لو لم يكن عسكرياً.
إلى هذا، أكد في مؤتمر صحافي منفصل عقب انتهاء المؤتمر الصحافي لنظيره الروسي في جنيف، أن روسيا ستواجه تبعات وتنديدا دوليا لو هاجمت أوكرانيا، مضيفا “على روسيا اختيار المسار الذي تريده بشأن أزمة أوكرانيا”.
سنقدم ردا خطيا
وشدد على أن نافذة المسار الدبلوماسي مفتوحة مع موسكو، لافتاً إلى أنه “يمكن أن نجد أرضية مشتركة لحل الأزمة”.
كما أضاف “روسيا تحشد قوات على حدود أوكرانيا وسبق لها أن قامت بالغزو”، مهددا بالرد على أي هجوم روسي “حتى لو لم يكن عسكريا”.
أما عن المطالب الأمنية الروسية، قال بلينكن سنقدم ردا خطيا على المطالب الروسية الأسبوع المقبل.
مبادرة الضمانات الأمنية
وكان لافروف قد قال قبل الاجتماع مع بلينكن إن مبادرة الضمانات الأمنية التي طرحتها موسكو تقضي بانسحاب القوات والأسلحة والمعدات العسكرية الأجنبية من بلغاريا ورومانيا.
ورداً على سؤال عما يعني بالنسبة لهاتين الدولتين الطلب الذي وجهته موسكو إلى حلف الناتو للعودة إلى توازن القوى في أوروبا، الذي كان في عام 1997، أشار لافروف إلى أن “الحديث يدور عن أحد العناصر الرئيسية للمبادرة الروسية، ولذلك تمت صياغة هذه الفكرة بأقصى درجة من الوضوح لمنع أي اختلاف في تفسيرها”، وذلك في تصريحات نشرتها الخارجية الروسية، الجمعة.
كما أضاف: “يدور الحديث عن انسحاب القوات والمعدات والعسكرية الأجنبية وخطوات أخرى رامية للعودة إلى وضع ما كان في عام 1997 في أراضي الدول التي لم تكن أعضاء في الناتو في ذلك الحين، ومنها بلغاريا ورومانيا”.
كذلك شدد لافروف على أن الاقتراحات المطروحة من قبل موسكو تمثل “رؤية واقعية لكيفية ضمان أمن أوروبا لأمد طويل، وتهيئة الظروف الملائمة للتعايش السلمي بين روسيا والغرب”.
وأردف قائلاً: “في الظروف الحالية، يشكل ذلك ربما السبيل الوحيد إلى تعزيز الأمن العام في القارة دون الإضرار بأمن دول إقليمية محددة”.
لكن رومانيا اعتبرت طلب روسيا سحب قوات حلف الأطلسي من أراضيها “غير مقبول”.
وعقد اللقاء بين سيرغي لافروف وأنتوني بلينكن في قصر مطل على بحيرة ليمان، في أحدث خطوة من مسار دبلوماسي مكثف بدأ منذ 11 يوماً في جنيف بين مساعدَيهما.