واشنطن تدعو أنقرة إلى وقف التصعيد في شمال سوريا
وتتفهم "المخاوف الأمنية المشروعة" لتركيا
فيما يواصل النظام التركي عدوانه العسكري على شمال سوريا، دعت الولايات المتحدة إلى وقف فوري للتصعيد، وأعلنت تفهمها لما سمته “المخاوف الأمنية المشروعة” لتركيا في ما يتعلق “بالإرهاب”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان، إن “الولايات المتحدة تدعو إلى وقف فوري للتصعيد في شمال سوريا”.
وأضاف: “نشعر بقلق بالغ إزاء الأعمال العسكرية الأخيرة التي تزعزع استقرار المنطقة، وتهدد هدفنا المشترك لمحاربة داعش، وتُعرّض المدنيين والجنود الأميركيين للخطر”، معرباً عن خالص التعازي لوقوع خسائر في أرواح المدنيين في سوريا وتركيا.
وتابع برايس: “نتفهم أن تركيا لديها مخاوف أمنية مشروعة في ما يتعلّق بالإرهاب. في الوقت نفسه، عبرنا باستمرار عن مخاوفنا الجدية بشأن تأثير التصعيد في سوريا على أهدافنا (لمحاربة) داعش، وعلى المدنيين على جانبي الحدود”.
يعرقل هزيمة داعش
من جهتها، أفادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأربعاء، بأن الضربات الجوية التركية الأخيرة في شمال سوريا “هددت سلامة العسكريين الأميركيين”، مشيرة إلى أن “الوضع المتصاعد يعرِض للخطر سنوات من التقدم ضد مقاتلي تنظيم داعش”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، البريجادير جنرال بات رايدر، في بيان، إن “الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأميركيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم داعش”.
وفي وقت سابق، الأربعاء، قالت القيادة المركزية للجيش الأميركي، إنَّ غارة تركية في شمال سوريا عرَّضت قواتها “للخطر”.
واستهدفت مسيّرة تركية، الثلاثاء، قاعدة عسكرية مشتركة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتحالف الدولي بقيادة واشنطن في محافظة الحسكة (شمال شرقي)، وفق ما أعلنته “قسد”، مشيرة إلى سقوط اثنين من عناصرها.
وقال المكتب الإعلامي للقيادة المركزية لوكالة “فرانس برس”، الأربعاء: “تلقينا معلومات.. أفادت بأنه كان ثمة خطر على القوات والأفراد الأميركيين” جراء القصف التركي، من دون تسجيل أي إصابات في صفوفهم.
والتحالف الدولي هو الداعم الرئيس لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، وعمودها الفقري “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تصنّفها أنقرة منظمة “إرهابية”، وتعتبرها امتداداً لـ”حزب العمال الكردستاني”.
وينتشر بضع مئات من عناصر قوات التحالف الدولي، وأبرزها القوات الأميركية، في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتمركزون في قواعد في محافظة الحسكة والرقة (شمال) ودير الزور (شرق).
إقناع أردوغان بالتراجع
من جانبه، اعتبر اللواء مظلوم كوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال سوريا، أنّ الولايات المتحدة لديها “واجب أخلاقي” لبذل مزيد من الجهد، من أجل منع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان من إصدار أمر بشن هجوم بري على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمال شرقي سوريا.
وقال في مقابلة مع موقع “أكسيوس” الأميركي، الأربعاء، إنه على الرغم من أنه تلقى معلومات استخباراتية مقلقة تفيد بأن تركيا طلبت من وكلائها المحليين الاستعداد لهجوم بري، لا يزال بإمكان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إقناع أردوغان بالتراجع.
وأوضح مظلوم أن استراتيجية تركيا تتمثل في الإعلان عن عملية، وإجراء بعض الاستعدادات، ثم اختبار ردود أفعال الولايات المتحدة وروسيا.
ومضى قائلاً: “أعتقد أنه بمجرد أن ترى (تركيا) أنه لا توجد معارضة قوية من الأطراف الفاعلة الرئيسية، فإنهم سيمضون قدماً”، معرباً عن اعتقاده بأن “ردود الفعل ليست كافية حتى الآن لمنع الأتراك من شن هذه العملية”.
قسد ملتزمة بمنع التصعيد
وأشار مظلوم إلى أنّ مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا (لم يذكر أسماءهم) أبلغوا قوات سوريا الديمقراطية بأنهم لم يتم إخطارهم من قبل تركيا قبل الضربات، مؤكداً أنّ قواته ملتزمة بمنع “التصعيد”، لكن “إذا حدث القتال فإن قواتنا ستدافع عن نفسها وشعبها حتى سقوط آخر واحد منا”.
وحذر من أن “العملية هذه المرة لن تكون محدودة، وستكون هناك فوضى على طول الحدود مع تركيا”.
وأردف: “نعتقد أن الرئيس بايدن سيفي بوعوده ويحمي الأكراد من التطهير العرقي في المنطقة من قبل الأتراك، كما وعد خلال حملته الرئاسية”، وتابع أنه بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها “قسد” في الحرب ضد “داعش”، التي راح ضحيتها أكثر من 12 ألف جندي “نعتقد، وشعبنا يفعل الأمر ذاته، أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول لديها واجب أخلاقي للدفاع عن أسر هؤلاء الضحايا، وشعب هذه المنطقة”.
وكالة “رويترز” نقلت عن مصادر تركية وأخرى من المعارضة السورية، الثلاثاء، أن طائرات حربية تركية استخدمت المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا والولايات المتحدة، لمهاجمة “وحدات حماية الشعب” الكردية في سوريا.
وقال مسؤول أمني تركي كبير، وشخصيتان بارزتان في المعارضة السورية على اتصال بالجيش التركي لـ”رويترز”، إنَّ طائرات مقاتلة حلَّقت في الأجواء السورية التي تسيطر عليها “وحدات حماية الشعب” المدعومة من الولايات المتحدة، وإن أنقرة على اتصال مع روسيا بشأن هذا الأمر.
وأوضح المسؤول الأمني التركي أن “الطائرات التركية استخدمت المجال الجوي الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة وروسيا. وأُجري بعض التنسيق مع هذين البلدين”.