وثائق ايران المسربة تكشف عن اجتماع سري بين قيادات الإخوان مع طهران لضرب المصالح السعودية
كشفت وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية، حصل عليها موقع “إنترسيبت” الأميركي ونشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عن اجتماع سري بين الحرس الثوري الإيراني وتنظيم الإخوان من أجل ضرب المصالح السعودية، ووضع إطار عمل للتعاون فيما بينهما بالمنطقة.
وذكرت الوثائق أن مسؤولين بارزين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اجتمعوا مع قادة في تنظيم الإخوان بتركيا، في أبريل عام 2014.
ونظرا لأن تنظيم الإخوان كان قد تعرض للتو لضربة قوية في مصر لدى خسارته السلطة، فقد نظر إلى التحالف مع الإيرانيين على أنه “فرصة” لاستعادة شيء من المكانة الإقليمية.
وعملت تركيا على استضافة الاجتماع السري، كونها واحدة من الدول القليلة التي لها علاقات وثيقة مع الإخوان وإيران في نفس الوقت.
ولأن الحكومة التركية تهتم بالمظاهر الإجرائية تجنبا للحرج الداخلي ولفت الأنظار الخارجية، فقد رفضت منح تأشيرة دخول إلى قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي كان مقررا أن يحضر الاجتماع مع وفدالإخوان.
وبسبب ذلك، حضر وفد من كبار مسؤولي الفيلق برئاسة أحد نواب سليماني، وهو رجل عرف في البرقية باسم “أبو حسين”.
ومثل الإخوان 3 من أبرز قادتها المصريين في المنفى، هم إبراهيم منير مصطفى ومحمود الإبياري ويوسف مصطفى ندا، وفقا للوثائق.
يشار إلى أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، تم إدراج ندا على لائحة العقوبات الأميركية وأيضا لائحة الأمم المتحدة للعقوبات، حيث جرى تجميد أمواله وتقييد حركته.
وقالت الإدارة الأميركية حينها إن ندا ساعد في تمويل تنظيم القاعدة، وفي عام 2009 رفعت عنه عقوبات الأمم المتحدة.
ماذا جرى في الاجتماع؟
افتتح وفد الإخوان الاجتماع بالتفاخر بأن الجماعة “لديها أفرع بـ85 دولة في العالم”، ويقول موقع “إنترسيبت” إن هذا التفاخر كان مدفوعا على الأرجح بمحاولة لإظهار القوة أمام الإيرانيين الذين يمتلكون فيلق القدس الأكثر نفوذا وقوة.
وقال أحد ممثلي الإخوان إن أحد أهم الأشياء التي يتشارك فيها الإخوان مع إيران هو “كراهية المملكة العربية السعودية”، ووصفها بـ “العدو المشترك” للإخوان وإيران.
وبحسب التسريبات، قال وفد الإخوان إن أفضل مكان لتوحيد الصفوف ضد السعوديين هو اليمن، حيث كان الحوثيون على وشك الانقلاب على الشرعية وإشعال البلد في حرب واسعة النطاق.
وقال وفد الإخوان: “في اليمن، مع تأثير إيران على الحوثيين ونفوذ الإخوان على بعض الفصائل القبلية المسلحة، يجب أن يكون هناك جهد مشترك للحد من الصراع بين الحوثيين والقبائل لتكون قادرة على استخدام قوتها ضد المملكة العربية السعودية”.
كما بحث تنظيم الإخوان مع الإيرانيين رؤية بشأن العراق، وهي محاولة سد الفجوة بين السنة والشيعة هناك.
والاجتماع السري الذي عقد بعد عام من إسقاط الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي، وضع إطارا للتعاون الإقليمي بين التنظيم المصنف إرهابيا في دول عربية عدة من جهة، وبين إيران من جهة أخرى.
ورغم التقارب الذي أبداه الإخوان لإيران خلال فترة حكمهم لمصر، فإنهم أدركوا أن الاستعانة بالإيرانيين بعد إسقاط مرسي قد لا تصب في مصلحتهم في الداخل المصري.
وكذلك، اتفق الطرفان على أن تكون سوريا خارج حسابات التعاون فيما بينهما، لوجود توجهات متناقضة ذات طابع طائفي بين الطرفين.
قيادات الإخوان الذين حضروا الاجتماع وما دورهم وصفتهم في التنظيم الدولي للجماعة
إبراهيم منير
إبراهيم منير هو الأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، ويقيم في العاصمة البريطانية لندن، ويشرف على موقع إعلامي خاص بالجماعة يسمى “رسالة”، يتولى من خلاله نقل التكليفات والتعليمات للمكاتب الإدارية، ونشر الأخبار الخاصة بالجماعة.
هو من مواليد العام 1937، وانضم للإخوان وكان عمره 16 عاماً، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 10 سنوات في قضية إحياء تنظيم الإخوان في العام 1965، وعقب خروجه من السجن هاجر لبريطانيا، واستقر في العاصمة لندن، وحصل على عضوية مكتب الإرشاد، كما تولى مسؤولية ترتيب اللقاءات بين قادة الإخوان في مصر والحكومات الأوروبية للترويج للجماعة، ونفي أي معلومات تتعلق بتورطهم في نشر الإرهاب والتطرف.
وعقب ثورة 30 يونيو من العام 2013، وغياب القيادات الكبيرة للجماعة على إثر القبض عليهم وهروب بعضهم لخارج مصر، تولى منير مسؤولية الإشراف على توفير الدعم المالي واللوجسيتي للعناصر الهاربة من مصر وإيوائها في تركيا وماليزيا والسودان، كما تولى مساعدة محمود حسين الأمين العام للجماعة والهارب لتركيا في الإشراف على الإمبراطورية المالية للتنظيم في العالم.
صفته الوظيفية داخل التنظيم هي “الأمين العام للتنظيم الدولي ونائب المرشد العام”، وهو من فريق الصقور المتشدد والمعروف داخل التنظيم بالتيار القطبي نسبة لاعتناقهم أفكار سيد قطب، مع محمد بديع المرشد العام ومحمود عزت نائب المرشد ويوصف بأنه الرجل الغامض داخل الإخوان.
أكثر من عنصر من عناصر الجماعة السابقين أن هناك لقاءات جمعت بين إبراهيم منير، وعدد من القادة الإيرانيين وذلك في بريطانيا وتركيا سواء قبل العام 2011 وما بعده، وهدفت اللقاءات للحصول على الدعم السياسي الإيراني للجماعة قبل أحداث 2011، ومساعدتها في تكوين ميليشيات تابعة للإخوان على غرار الحرس الثوري عقب وصول للإخوان للحكم في مصر.
يوسف ندا
القيادة الإخوانية الثانية التي شاركت في لقاء الحرس الثوري الإيراني في الأراضي التركية هو يوسف ندا.
اسمه بالكامل يوسف مصطفى علي ندا، من مواليد العام 1931 بمحافظة الإسكندرية شمال مصر، ويحمل بجانب الجنسية المصرية الجنسية الإيطالية، وكان منصبه الرسمي المعلن داخل الجماعة المفوض العام للعلاقات الدولية.
انضم للإخوان في مرحلة مبكرة من عمره، وألقي القبض عليه في قضية محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في العام 1954 بالمنشية في الإسكندرية، وأفرج عنه في العام 1956، وعقب انتهائه من دراسته بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، هاجر إلى أوروبا في العام 1960 حيث تنقل ما بين النمسا وإيطاليا وأقام في منطقة كامبيونا بإيطاليا.
أسس مع قيادات من جماعة الإخوان بنك التقوى بجزر البهاما لإدارة واستثمار أموال الجماعة، وذلك في العام 1988. وفي نوفمبر من العام 2001 وعقب أحداث سبتمبر اتهمه الرئيس الأميركي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب، وأصدر بوش قرارا بتجميد أمواله وأصول شركاته، وبينها “بنك التقوى”.
ارتبط ندا بعلاقات قوية مع إيران، وكان همزة الوصل ومنسق الاتصال بين التنظيم وإيران منذ سبعينيات القرن الماضي، وكان على رأس وفد من قادة الإخوان سافر إلى طهران في العام 1979 لتهنئة الخميني بنجاح الثورة وتولي حكم إيران.
في أحد هذه الزيارات، تحدث يوسف ندا وفقاً لأوامر صدرت له شخصياً من المرشد العام عمر التلمساني، مع الخميني عن ضرورة أن يكون للإخوان جمعية في إيران، فوافق الخميني، وقال لندا إنه تأثر بحسن البنا.
محمود الإبياري
نأتي للقيادة الثالثة التي شاركت في لقاء تركيا مع قادة الحرس الثوري وهو محمود الإبياري.
الإبياري يلقب بالرجل الغامض داخل التنظيم الدولي ويعتبر الرجل رقم 3 بداخله، يتولى مسؤوليات إدارية ومالية خاصة بالإخوان في القارة الأوروبية، ويشرف على متابعة نشاط شركات ومؤسسات الجماعة، بتكليف من التنظيم الدولي، كما يتولى مسؤولية الإشراف على رعاية عناصر الجماعة الفارين من مصر إلى تركيا.
ورد اسمه مؤخرا في التسريب الصوتي لأمير بسام قيادي الجماعة، والذي اتهمه فيه مع محمود حسين ومحمد البحيري بالاستيلاء على أموال الإخوان.
يشغل الإبياري منصب الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي للإخوان في لندن، كما يتولى مسؤولية المجموعة البريدية للجماعة، ويتولى نقل التعليمات والتكليفات الواردة من المرشد العام أو القائم بأعمال المرشد محمود عزت إلى باقي قيادات الإخوان عبر مجموعة بريدية خاصة تضم دائرة ضيقة ومحدودة من القادة.