وثيقة الوصاية والإرهاب الانتخابي!
خالد الطراح
جاءت ما يسمى بـ«وثيقة القيم» الانتخابية لتقرع أجراس الإنذار للمجتمع الكويتي والدولة بخطر تمدد الفتاوى والوصاية على المجتمع على خلاف القوانين ومواد الدستور من قلة قليلة استمرأت فرض ما تراه من «قيم»، وبتجاهل متعمد لقيم التسامح بالمجتمع الكويتي والانفتاح.
ليس مستغرباً أن نشهد تطوراً للإرهاب الفكري، فقد سبق أن شهد البلد فوضى من الفتاوى والمساعي غير الحميدة التي لا علاقة لها بالدين ولا الفقه الشرعي ولا طبيعة المجتمع الكويتي، بهدف تكوين تيار اجتماعي متشدد ضد التيار المدني والحريات الدستورية.
بلا شك ان صمت حكومات سابقة ساهم في تشجيع مجموعة من مؤيدي الإرهاب الفكري والتشدد الديني والاجتماعي وتقويض الحريات الشخصية، حتى وقعنا اليوم في فخ الوثائق الدينية المتطرفة والابتزاز السياسي للمرشحين والتكسب الانتخابي والاستخفاف بعقول الناس!
بتنا اليوم بين سياج ديني متشدد وفي مرحلة سياسية دقيقة وهي الانتخابات النيابية على عكس التوجيهات السامية الأخيرة ضد العصبية القبلية والطائفية، فالعصبية الدينية لا تختلف في مضمونها وأهدافها وخطورتها على المجتمع والدولة أيضاً من أي عصبية أخرى.
يسعى كثيرون إلى اغتيال طبيعة تكوين المجتمع الكويتي ومزيجه الثقافي وتاريخه منذ النشأة، بهدف تطويع بعض الظروف الخاصة كالانتخابات لمصلحة زرع فكر أصولي وتصديره للمجتمع بغطاء انتخابي للترويج للابتزاز السياسي غير المشروع قانوناً ودستوراً.
ويبدو أن هناك شريحة متشددة اجتماعياً ودينياً تسعى إلى وصول أكبر عدد ممكن إلى مجلس الأمة من نواب «وثيقة القيم» لتصدير تشريعات أو شروط على عكس نصوص دستورية بشأن «المزيد من ضمانات الحرية والمساواة».
لذلك، فإن الالتفاف على دستور الدولة من بعض المرشحين لانتخابات 2022 واضح البيان والمقصد من خلال وثائق وفتاوى، فكل ذلك يؤدي إلى تنقيح وتعديل لدستور الدولة، في حين كانت التعهدات السامية الأخيرة في المحافظة على الدستور واضحة ولا تحتمل اللبس.
أفتى د. محمد الطبطبائي قبل فترة نصاً بـ«أن التجمعات في الساحات من غير إذن لا تجوز شرعاً بنوعيها سلمية أو غير سلمية»، في حين سمحت وزارة الداخلية بتعليمات مباشرة من سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد، بصفته وزير الداخلية، آنذاك، بالتجمع!
كان ينبغي أن تتصدى الحكومة السابقة لهذه الفتوى غير الشرعية حتى لا نشهد اليوم فوضى الإفتاء وإنفاذ الفتاوى وتصدير وثائق الوصاية على أفراد المجتمع وسلوكياتهم واختياراتهم وحرياتهم.
إن ما يحدث في الكويت الآن يمثل تعدياً صارخاً من القوى الأصولية الدينية على حقوق المواطنين والحريات والرغبات الشخصية بالإبداع الموسيقي والفني والتعليم المشترك، من دون المساس برغبات الغير باختيار التعليم الذي يتناسب مع بيئته العائلية.