وزير الخارجية الإماراتي: عودة سوريا لمحيطها العربي أمر لا بد منه
التحدي الأكبر الذي يواجه العمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، أن عودة سوريا لمحيطها العربي أمر لا بد منه، وأن “إبقاء قانون قيصر كما هو اليوم يجعل هذا المسار في غاية الصعوبة ليس لنا كدول فقط بل أيضا على القطاع الخاص”، ويزيد من تعقيد الأوضاع ويعيق عودة سوريا إلى عمقها العربي.
وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في العاصمة الإماراتية أبو ظبي إن “التحدي الأكبر الذي يواجه اليوم التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر”.
و قد دخل ”قانون قيصر” حيز التنفيذ في يونيو 2020، يفرض عقوبات متشددة على سوريا، وعلى الجهات الخارجية (حكومات أو شركات خاصة) التي تتعامل معه. وفرضت واشنطن حتى الآن عقوبات على 58 شخصا وكيانا مرتبطين بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينها شركات في قطاع النفط.
وأكد الشيخ عبدالله أن هذا “يجب أن يكون جزءا من الحوار الذي نتحدث به بشكل واضح مع أصدقائنا في الولايات المتحدة أيضا”.
وأضاف أن “عودة سوريا لمحيطها العربي أمر لا بد منه” وهو من “مصلحتها ومصلحة البلدان الأخرى في المنطقة”.
واعتبر مراقبون أن تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد تظهر رغبة إماراتية في أن تقوم الولايات المتحدة بمراجعة موقفها من سوريا للمساعدة في تسهيل التوصل إلى حل للأزمة بعد مرور عشر سنوات من انطلاقها.
وأشاروا إلى أن استمرار هذه الأزمة لا يؤثر فقط على سوريا بل على المنطقة ككل، خاصة من الجانب الأمني، حيث تساعد هذه الأزمة، المفتوحة على المجهول، الحركات المتطرفة في الحصول على مواقع حيوية استقطابا وتدريبا وتسليحا.
ولفتوا إلى أن الأزمة المستمرة فتحت الأبواب أمام تدخلات خارجية متعددة في سوريا، وكل جهة تعتقد بأن بقاءها مشروع طالما لم يتم التوصل إلى حل دائم، ومن شأن وقف العمل بقانون قيصر أن يعطي قوة دفع إضافية للدور العربي في إخراج سوريا من أزمتها ورعاية انتقال سياسي فيها على قاعدة وحدة الأراضي السورية وبناء حل سوري – سوري دون تأثيرات أو أجندات خارجية.
وقال مصدر إماراتي فضل عدم ذكر اسمه “ان ما يحدث الآن في سوريا أشبه بالسيناريو العراقي في التسعينات. الحرب إلى توقف، لكن العقوبات الاقتصادية تفتك بالشعب ولا تهز النظام. كلنا نعرف ما هو الثمن الذي دفعه العراق ودفعته المنطقة من أمنها واستقرارها.”
وأشار محلل سياسي سوري، فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن مبادرة الإمارات لوقف العمل بـ”قانون قيصر” مهمة لاعتبارات منها أنها تظهر قوة الاقتراح العربي في القضايا الإقليمية، لكن الأهم أنها مبادرة تتحاور مع الولايات المتحدة بشكل علني وتبلغها كيف يفكر العرب في الحل السوري.
وأضاف المحلل السوري أن هذا الأسلوب القائم على الوضوح والندية يمكن أن يبنى عليه لإبلاغ الإدارة الجديدة في واشنطن بنظرة العرب لحل الخلافات الخاصة ببقية الملفات بينها موضوع اليمن والعلاقة مع إيران.
وقال وزير الخارجية الإماراتي “بحثنا مع الجانب الروسي تداعيات التطرف والعنف”، ملاحظا أن “العلاقات مع روسيا شهدت تطورا ملحوظا في جوانب عدة، وعلاقاتنا مع روسيا تهدف لخلق مستقبل أفضل للجميع”.
ولفت بعد اللقاء إلى أن بلاده تؤمن بأهمية “تعزيز علاقات التعاون مع دول العالم، فالعلاقات مع روسيا ستستمر في الازدهار في جميع المجالات”.
بدوره، شدد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي ذاته، على أن بلاده تدعم التسوية السياسية في سوريا وليبيا واليمن، مرحّبا باتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، وبجهود أبوظبي بشأن حل القضية الفلسطينية.
وشجع لافروف على عودة متزامنة بين الولايات المتحدة وإيران إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وقال “إذا اعتمدنا فقط على مسألة معرفة من سيعود أولا إلى احترام التزاماته، فإن هذا النقاش يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية”. وأضاف “نعتبر أنه من الممكن تماما القيام بخطوات متزامنة ومنسقة من جانب الإيرانيين والأميركيين”.
وتابع “هناك أصوات تتعالى للمطالبة بنسخة محدثة من الاتفاق، لكننا مقتنعون بأنه لا يجب الآن زيادة أعباء مهمة إعادة الاتفاق النووي إلى صيغته الكاملة باعتبارات وشواغل إضافية مهما كانت مهمة”.
والتقى لافروف، مساء الثلاثاء، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي. وبحث الجانبان عددا من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة لدعم السلام والاستقرار في المنطقة.
كما ناقش الوزير الروسي، على هامش وجوده في الإمارات، مع رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، الثلاثاء، تطورات الوضع في لبنان والمنطقة، وذلك بحضور مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.
واعتبر مصدر سياسي لبناني أن لقاء لافروف والحريري يمثل دعما لرئيس الحكومة المكلف بالإسراع في تشكيلها.
وقال المصدر إن موسكو تعامل الرسائل التي تصلها من قيادات لبنانية باهتمام أقل مما هو الحال مع الحريري.