وزير الدفاع الأميركي يؤكد أن بلاده لن ترسل قوات إلى أوكرانيا
طائرة استطلاع سوفيتية تكشف عورة الناتو في شرق أوروبا وتضعه أمام الأسئلة المحرجة
رغم المناشدات المتكررة التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بفرض منطقة حظر طيران على بلاده، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم الخميس، أن واشنطن لن ترسل قوات إلى أوكرانيا، مجددا رفض إدارة الرئيس جو بايدن لفكرة منطقة حظر طيران، وقال “فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا يعني إعلان حرب مع روسيا”.
كما قال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير دفاع سلوفاكيا، إن واشنطن تعمل على تعزيز قدرات القوات الأوكرانية للدفاع عن أراضيها، مؤكدا أن القوات الأوكرانية لم تسمح لروسيا بالسيطرة الجوية الكاملة.
في السياق، أكد الوزير الأميركي، أمس الأربعاء، التزام بلاده بالدفاع عن أراضي حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما تعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بمحاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عمليته العسكرية في أوكرانيا.
زيلينسكي ناشد المشرعين الأميركيين
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد ناشد المشرعين الأميركيين بفرض منطقة حظر طيران على بلاده، التي تمزقها الحرب أو باستثناء ذلك، بالنسبة لواشنطن، إرسال طائرات مقاتلة.
وأضاف في خطاب تم بثه على الهواء مباشرة للكونغرس الأميركي من كييف “حولت روسيا سماء أوكرانيا إلى مصدر موت لآلاف الأشخاص”.
طائرة استطلاع تكشف عورة الناتو
وفي سياق آخر، أثارت طائرة استطلاع تزن 6 أطنان، عبرت أوروبا الشرقية من أوكرانيا وتحطّمت في العاصمة الكرواتية زغرب الأسبوع الماضي، أسئلة محرجة بشأن استعداد حلف شمال الأطلسي (ناتو) لحماية المجال الجوي الأوروبي، كما أفادت “بلومبرغ”.
وتتساءل السلطات بذهول، عن سبب غياب أيّ ردّ فعل من الدول الثلاث الأعضاء في الحلف، وهي رومانيا والمجر وكرواتيا، عندما اجتازت الطائرة، وهي من طراز “توبوليف-141” تعود إلى الحقبة السوفيتية، مجالها الجوي بسرعة تبلغ 700 كيلومتر في الساعة، في 10 مارس. وأشار مسؤولون إلى نقص في التنسيق بين الحكومات الثلاث، ومع الناتو.
وعاين رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش، السبت، موقع تحطّم الطائرة في زغرب، في حديقة مجاورة لسكن طالبي، حيث أحدثت حفرة بعرض 3 أمتار، من دون التسبّب بضحايا، قائلاً: “سنطرح هذه المسألة على كل المستويات، لأن هذا حادث يجب ألا يتكرر أبداً”.
استخدمها الجيش السوفيتي
وأعلنت السلطات الكرواتية أن طائرة الاستطلاع، التي استخدمها الجيش السوفيتي في سبعينات القرن العشرين، وكذلك الجيش الأوكراني في حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، انطلقت من الأراضي الأوكرانية، رغم أن ملابسات الأمر لا تزال مجهولة. وقال بلينكوفيتش إنه ليس من الواضح ما إذا كان ذلك “خطأً أم تخريباً”.
ويعمل محققون في زغرب الآن، مع الناتو ونظرائهم في الحكومة الأوكرانية، لكشف ملابسات إطلاق الطائرة، وكذلك لفحص آثار متفجرات أبلغت عنها وزارة الدفاع الكرواتية. ولم يتضح ما إذا كانت البقايا جزءاً من آلية تدمير ذاتي، تُجهّز بها طائرات مماثلة، بحسب “بلومبرغ”.
المركبة التي يبلغ طولها 14 متراً، وفُعّلت مظلّتها جزئياً في الخريف الماضي، ألحقت أضراراً بسيارات، علماً أنها حلّقت على ارتفاع 1300 متر وعبرت لفترة وجيزة فوق رومانيا. ثم أمضت 40 دقيقة فوق المجر وسبع دقائق في المجال الجوي الكرواتي، قبل سقوطها.
اتهامات متبادلة
وأثار هذا الخرق الأمني اتهامات متبادلة، في ظلّ توتر في المنطقة نتيجة الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
وقال بلينكوفيتش إن حكومته لم تُبلّغ بالأمر من دول حليفة مجاورة أو الناتو، فيما علم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بالأمر من بلينكوفيتش، كما أعلنت زغرب.
ونقلت “بلومبرغ” عن مسؤول في الناتو أن أنظمة الدفاع الجوي بين الدول الثلاث عجزت عن ترجمة إشارات الرادار المتقطعة، إلى مسار طيران موحّد. وأشار إلى أن حدوث ذلك ممكن، معتبراً أنه سيساهم في تحسين أنظمة الدفاع الجوي مستقبلاً.
المقدّم الكرواتي المتقاعد إيفان سيلاك، الذي قاد مقاتلات من طراز “ميج-21” لمدة 35 سنة، تساءل عن “سبب غياب أيّ ردّ فعل”، قائلاً: “هذا سؤال ممتاز”.
وأشار إلى وجوب نصب نظام دفاع متكامل لحماية دول الناتو، مضيفاً: “حتى من دون تحذير الناتو، في حالة كهذه، على الدولة الردّ والدفع بمقاتلاتها”.
ونقلت “بلومبرغ” عن مسؤولين أن الطائرة كانت تحلّق بسرعة كبيرة وعلى ارتفاع منخفض، خلال رحلتها الوجيزة فوق رومانيا. وأعلنت وزارة الدفاع في بوخارست أن هذه العوامل “لم تسمح باتخاذ إجراءات إضافية، لتحديد هوية الطائرة”.
داخل رومانيا
وسعدت المجر لتفسير الحادث، بعدما اجتازت الطائرة البلاد على امتدادها تقريباً. وأعلن أوربان عن سياسة “هدوء استراتيجي” بشأن أوكرانيا، محذراً من شحن أسلحة فتاكة إليها، علماً أنه مدافع سابق عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومرشّح في الانتخابات العامة المرتقبة الشهر المقبل.
ووَرَدَ في بيان أصدرته وزارة الدفاع المجرية: “يتمثل هدف المجر بالبقاء خارج هذه الحرب وتجنّبها، ولو حصلت مثل هذه الأحداث بنيّة استفزازية”. وشددت على “أهمية التعامل مع هذا الأمر، بطريقة حذرة وهادئة”.
وكان الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، كتب على “تويتر” أنه تحدث مع بلينكوفيتش بشأن الطائرة، مضيفاً: “اتفقنا على البقاء على اتصال وثيق، والعمل معاً لإثبات الحقائق”.
وأدى تحطّم طائرة الاستطلاع في دول بالناتو، إلى تفاقم توترات نتيجة الحرب في أوكرانيا. ودفعت المجر بمقاتلات مرتين الجمعة الماضي، رغم أن جنوداً قرب الحدود الأوكرانية لم يعترضوا أي شيء، بحسب “بلومبرغ”.
وتحطّمت الأحد طائرة استطلاع صغيرة، يُحتمل أن تكون سوفيتية الصنع من طراز “أورلان-10″، قرب منزل في رومانيا على بعد 160 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية. وقال وزير الدفاع الروماني، فاسيلي دينكو، إن التحقيق جارٍ في الأمر، مستدركاً أنه “ليس كبيراً بما يكفي ليعتبره الناتو حادثاً أمنياً”.