24 مليون ناخب جزائري يقررون مستقبل البلاد
الجزائريون إلى مراكز الاستفتاء الدستوري
يقرر نحو 24 مليون ناخب جزائري ، مستقبل البلاد، حيث يتوجهون اليوم الأحد، للإدلاء بأصواتهم على التعديل الدستوري مع طموحات بأن يؤسس الاستفتاء لـ”جزائر جديدة”.
وسيكون أمام الجزائريين الاختيار بين ورقتي “نعم” أو “لا” المكتوب عليهما “هل أنتم موافقون على مشروع تعديل الدستور المطروح عليكم؟”.
ووجه الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي يغيب عن المشاركة في الاستفتاء بسبب المرض، رسالة إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء الذكرى 66 لإنـدلاع الثورة التحريرية، وقبل ساعات من التصويت، على التعديل الدستوري.
ووصفت السلطات الجزائرية محتوى التعديلات على دستور 2016 بـ”الدستور التوافقي” الذي يكرس لنظام شبه رئاسي، يراهن عليه رئيس البلاد عبد المجيد تبون ليكون بداية لإصلاحات سياسية واقتصادية، كما يمهد لتغيير قانون الانتخاب.
وللمرة الأولى منذ استقلال البلاد، اختارت السلطات الجزائرية، يوم الأحد، موعداً لإجراء الاستفتاء الشعبي على الدستور، بعد أن كان يوم الخميس، مخصصاً لكل الاستحقاقات الانتخابية بما فيها الرئاسية والتشريعية والمحلية والاستفتاءات الشعبية.
واختارت الرئاسة الجزائرية موعد الأول من نوفمبر/تشرين الثاني لإجراء أول استحقاق انتخابي في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، والذي يتزامن مع احتفالات البلاد بالذكرى الـ66 لاندلاع الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954 – 1962).
ومن المقرر أن تعلن الجزائر بعد الانتهاء من تعديل الدستور حل البرلمان والمجالس المحلية والدعوة لانتخابات تشريعية ومحلية مسبقة.
ووفق أرقام قدمتها السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، فقد بلغ عدد الهيئة الناخبة الرسمية والنهائية (الناخبين) 24 مليوناً و453 ألفاً و310.
بينما وصل عدد المراكز الانتخابية 13 ألفاً و193 مركزاً انتخابياً، تضم 60 ألفاً و613 مكتب تصويت داخل الجزائر، وكذا 43 مركزاً انتخابياً خارج البلاد.
وقدرت عدد المكاتب المتنقلة بـ139 مكتباً، فيما وصل عدد المؤطرين من الموظفين والأساتذة 438 ألف مؤطر في جميع مكاتب ومراكز التصويت.
وللمرة الأولى تكشف سلطة الانتخابات عن عدد أوراق التصويت في إشارة إلى ورقتي “نعم” و”لا”، وبلغ عددها 56 مليونا و654 ألف ورقة، تم إرسالها إلى كافة مراكز ومكاتب التصويت داخل وخارج البلاد.
وكذا 10 آلاف زجاجة من الحبر الفوسفوري المستورد من النرويج، وهو الحبر الذي يستعمله الناخبون أثناء أداء واجبهم الانتخابي، حيث تعتمد الجزائر على بصمة الناخب بالحبر عوضاً عن التوقيع اليدوي في السجلات المخصصة بأسماء المصوتين.
وانقسم الجزائريون بين مؤيد ومعارض لما ورد من تعديلات دستورية، واستنادا إلى وثيقة المشروع النهائي التي حصلت عليها “العين الإخبارية” فقد أجري أكثر من 160 تعديلاً بين جذري أو محدود على دستور 2016.
ومن أبرز التعديلات الدستورية، “دسترة الحراك الشعبي ليوم 22 فبراير/شباط 2019” في ديباجته، إلى جانب الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي باعتبارهما حدثان مفصلان في تاريخ الجزائر.
وكذلك تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وإعادة توزيعها كما كان معمولاً به قبل 2016 للحكومة والبرلمان والقضاء، و تحديد الولاية الرئاسية باثنتين لخمسة أعوام لكل واحدة، مع منع تجديدها لأكثر من ولايتين متتاليتين أو منفصلتين.
إضافة إلى دسترة “المهام الخارجية للجيش” للمرة الأولى في مهام مخصصة لحفظ السلم وبعد انتهاء الحرب بقرار أممي أو أفريقي أو عربي، مع اشتراط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
كما سيتضمن التعديل إقرار نظام خاص بتسيير البلديات التي تواجه صعوبات تنموية، وهو المقترح الذي أثار جدلاً واسعاً، ودسترة “مكافحة الفساد” للمرة الأولى من خلال إنشاء هيئة مستقلة تضع آليات قانونية لمحاربة الفساد، مع إنشاء محكمة دستورية تراقب قرارات السلطات الثلاث والمعاهدات الدولية التي تصادق عليها الجزائر.
وسيشمل أيضا، حل الأحزاب والجمعيات، وتوقيف نشاط وسائل الإعلام “إلا بقرار قضائي”، وإلغاء القرارات الصادرة عن الجهات السياسية أو الأمنية، وحظر خطاب الكراهية والتمييز، وإبعاد المدرسة عن أية تجاذبات أو أيديولوجيا سياسية.
وإسناد “رئاسة الحكومة” للأغلبية البرلمانية للمرة الأولى، ففي حال إفراز صناديق الاقتراع أغلبية رئاسية يعين رئيس الجمهورية وزيراً أول، وهو مقترح أثار غموضاً وانتقاداً خصوصاً عند الحقوقيين.
وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري للمرة الأولى في “مادة صماء”، وهي المادة التي نالت أكبر قسط من نقاش الجزائريين، واعتبرها البعض “تهديدا لوحدة الجزائر”، فيما دافعت عنها السلطة وأكدت أن “جزءا من هوية البلاد شأنها في ذلك شأن الإسلام والعربية”.
ووفق الوثيقة ذاتها، حدد الدستور المقبل للجزائر 5 موانع لا يمكن للمشرع أو رئيس البلاد تعديلها في أي تعديل دستوري.
ولخصها في “الطابع الجمهوري للدولة، والنظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية” والتي كرسها دستور 1989 الذي أقر للمرة الأولى التعددية السياسية والإعلامية في البلاد.
وكذا “الطابع الاجتماعي للدولة، والإسلام باعتباره دين الدولة، والعربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية”.
وتوقع محللون سياسيون جزائريون أن يشهد الاستفتاء الشعبي على التعديل الدستوري “نسب مشاركة كبيرة مقابل تراجع نسب العزوف والمقاطعة” مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية التي جرت في العقد الأخير.
إلا أنهم أجمعوا على “صعوبة التكهن” بنتائج الاستفتاء بشكل غير مسبوق، وسجلوا اهتماماً شعبياً لافتاً بمضمون التعديل الدستوري، خصوصاً المواد التي أثارت جدلا.