تدخلات تركيا أفشلت التقدم السياسي والعسكري في سوريا
شهد عام 2019 انفراجة عسكرية وسياسية كبيرة في سوريا، بعد أن سيطر الجيش على مساحات واسعة في البلاد من تنظيم داعش الإرهابي والمليشيات المسلحة، فضلا عن إجراء مباحثات عن الدستور.
وجلس وفود الحكومة السورية ومعارضوها، لأول مرة منذ اندلاع الحرب، على طاولة التفاوض حول الدستور، في خطوة أمل للمجتمع الدولي أن تمهّد لتسوية سياسية للنزاع.
إلا أن تدخلات تركيا كان لها نصيب كبير في تعكير صفو التقدم الحاصل هناك على المستويين العسكري والسياسي بغزوها شمال شرقي سوريا وتعمد تعطيلها جلسات الدستور.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس تشكيل اللجنة الدستورية لسوريا، وهي خطوة منتظرة منذ وقت طويل في إطار عملية السلام.
وترى المنظمة الدولية في اللجنة خطوة تالية ضمن جهود التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب السورية المستمرة منذ 8 سنوات.
وتعثرت عملية تشكيل هذه اللجنة المتواصلة منذ أشهر، بسبب خلافات بين دمشق والأمم المتحدة حول تعيين بعض أعضائها.
وينص القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وانتقال سياسي في سوريا على تشكيل هذه اللجنة.
وتضم اللجنة 150 عضواً، يختار النظام 50 منهم والمعارضة تختار 50 آخرين، بينما يختار المبعوث الخاص للأمم المتحدة الـ50 الباقين.
وشاركت الحكومة في المفاوضات التي حظيت بإجماع كبير من القوى الدولية، بدافع رئيسي من حليفتها موسكو، التي ترغب بتطبيع علاقات دمشق مع المجتمع الدولي.
وافتتحت الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بجنيف، عمل اللجنة الدستورية المؤلفة من 150 عضوا يمثلون الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي.
وغاب عن المحادثات ممثلون عن الإدارة الذاتية الكردية، على أن تباشر لجنة الصياغة المنبثقة عن الوفود الثلاثة، إثر ذلك عقدت أولى جلساتها.
وانطلقت اجتماعات اللجنة الدستورية عقب أحداث ميدانية غيّرت خارطة التحالفات في شمال شرق سوريا، حيث انتشرت القوات الحكومية التي تسيطر أساسا على نحو 60% من مساحة البلد في مناطق سيطرة القوات الكردية.
وتم ذلك إثر هجوم تركي توقف لاحقا بموجب اتفاقين منفصلين أبرمتهما أنقرة مع واشنطن وروسيا.
وفشلت جميع جولات التفاوض التي قادتها الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية في تحقيق أي تقدم، جراء التباين في وجهات النظر بين دمشق والمعارضة، ولا تعني موافقتهما على التفاوض زوال هذه التباينات.
وبحسب ميثاق تشكيلها، يعود للجنة أن “تراجع دستور 2012 وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد”.
وتطالب المعارضة التي تبدو عاجزة عن فرض أي شرط بوضع دستور جديد للبلاد، بينما ترى دمشق أنه “بتعديل” مادة واحدة من الدستور الحالي “يصبح لدينا دستور جديد”، وفق ما قال وزير الخارجية وليد المعلم.
تقدم سوريا في 2019 سياسيا وعسكريا لم يعكر صفوه إلا تدخلات تركيا على المستويين، بعد أن شن عملية عسكرية في شمال سوريا كان ظاهرها إبعاد الأكراد عن حدوده وباطنها إعطاء متنفس لتنظيم داعش الإرهابي.
ولم يكتفِ أردوغان بذلك، لكنه حاول أيضا تعطيل النجاح السياسي الذي شهدته سوريا بتعطيل جلسات الدستور.
وقال وفد الحكومة السورية المشارك في اجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف: “إن تدخلات تركيا عبر المشاركين من طرفها هم المتسببون في تعطيل الجلسات”.
وأكد الوفد أن الجانب التركي رفض مناقشة المبادئ الأساسية كالاستقلال والسيادة ومكافحة الإرهاب وغاب عن الانخراط بالجلسات، ما تسبب في تعطيلها.
وأوضح أن هذه المبادئ تسمى “وطنية” التي لا يمكن أن يختلف عليها السوريون، لكن وفد النظام التركي اختلف عليها ورفض نقاشها.
وأشار إلى أنه على مدى يومين لم ندخل إلى أي جلسة، بسبب رفض وفد النظام التركي المبادئ الوطنية التي أراد وفدنا طرحها.