بوارج حربية تركية في الجزائر: إحياء ذكرى عروج أم تفكير بليبيا وما بعد ليبيا
صابر بليدي
تضاربت الأنباء في الجزائر عما يتردد عن رسو منتظر لبارجتين حربيتين تركيتين في السواحل الجزائرية خلال الأيام القليلة القادمة، بين ما تم تأكيده من طرف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وبين نفي وسائل إعلام محلية مقربة من السلطة الجزائرية.
وتداولت عدة مواقع تغريدة منسوبة لخلوصي أكار على حسابه الشخصي في تويتر يكشف فيها عن “وجود بارجتين حربيتين تركيتين قبالة ميناء الجزائر”.
ونفت صحيفة “الحياة” المحلية الموالية للسلطة، الخبر قطعا، لكنها لم تشر إلى الجهة الرسمية التي نفت الخبر. كما أن تقريرها الصادر الاثنين جاء مقتضبا، ما يزيد من غموض الموقف الجزائري الرسمي تجاه ما كشف عنه الوزير التركي.
وذكرت الصحيفة الخاصة بأن “عدة صفحات على فيسبوك ومواقع إخبارية، تداولت خبر رُسوّ بوارج حربية تركية بميناء الجزائر، وهو الخبر الذي اتضح أنه مجرد إشاعة”.
وأضافت “هي إشاعات تهدف إلى تغليط الرأي العام الوطني والدولي، فالجزائر لا تقبل أبدا التدخل في شؤونها الداخلية، بالتوازي مع أنها لن تتدخل أبدا في شؤون غيرها من الدول، كما أن الجزائر مؤمنة بالحل السياسي للأزمة الليبية، وستبذل كل الجهد لحل الأزمة الليبية سلميا”.
لكن الأتراك يقولون إن توجه السفينتين إلى سواحل الجزائر هدفه الاحتفاء بذكرى الريس عروج، وهو قرصان عثماني كان يتولى اعتراض سفن أوروبية وخاصة إسبانية، هو وأخوه خيرالدين بربروس فاتح الجزائر لصالح السلطان العثماني سليمان القانوني عندما وصلت حدود الإمبراطورية إلى أطراف البحر المتوسط.
ويسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإقناع الجزائريين بأنه أرسل السفينتين نظريا للاحتفال بذكرى الأخوين بربروس، ولكنهما جزء من استعراض القوة، وأن تركيا تفكر بليبيا وما بعد ليبيا.
ويشير الرسو المنتظر للباخرتين التركيتين، إلى بلورة موقف سياسي جزائري تجاه الأزمة في ليبيا، بشكل يوحي بانحياز غير معلن لصالح حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، عكس ما تبنته في وقت سابق من حياد بين أطراف الصراع ورفضها التدخل الأجنبي، فضلا عن سعيها لبلورة حل سياسي توافقي بين جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يكون استقبال البارجتين المذكورتين في السواحل الجزائرية، في إطار اتفاقيات التعاون المبرمة بين الجزائر والحلف الأطلسي، على اعتبار أن المسألة تتعلق بنشاط عملياتي للحلف المذكور وليس بسلاح البحرية التركية، وأن تغريدة الوزير التركي قد تكون مناورة للضغط على الطرف الجزائري.
وأعاد الحديث عن إمكانية انخراط جزائري في الحلف التركي، سيناريو الدعم اللوجستي الذي قدمته الجزائر لسلاح الجو الفرنسي وحتى الأميركي في الحرب على الإرهاب التي يخوضها الطرفان في منطقة الساحل الصحراوي منذ العام 2012.
ولم يتسرب عن اجتماع هيئة المجلس الأعلى للأمن تحت إشراف رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، وحتى ما وصف بالاجتماع “المهم” المنعقد الاثنين بمقر وزارة الدفاع الوطني تحت قيادة القائد الجديد لأركان الجيش الجنرال سعيد شنقريحة، أي تفاصيل عن المخطط العملي الذي تم إعداده لمواجهة التطورات المتسارعة في ليبيا.
واكتفى بيان الاجتماعين بالإشادة بما سمياه “الترابط الوثيق بين الشعب والجيش على الصعيد الداخلي”، والإعلان عن اتخاذ إجراءات ميدانية على الحدود الجنوبية والشرقية، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
ولا يستبعد خبراء أمنيون، أن تكون الجزائر قد وضعت في الحسبان الخيارات المحتملة للتطورات العسكرية الميدانية في ليبيا، والمساحة الجغرافية التي تحتلها الحرب المذكورة، والأسلحة المستخدمة فيها، وإمكانيات التوسع أو التركيز على العاصمة طرابلس.
وصريح الخبير الأمني أكرم خريّف أن “القوات التركية لا يمكن أن تنفذ هجوما ميدانيا حاسما على الأرض، لافتقادها التغطية الجوية اللازمة”، في إشارة إلى سلاح الجو الذي تميل فيه الكفة لصالح قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، كما لم يستبعد أن يكون سلاح البحرية فاعلا في المعركة لوقوع العاصمة طرابلس على الساحل المتوسطي.