اتصالات بين رجال أعمال من مصراتة والجيش الليبي لتوفير ضمانات بعدم ملاحقتهم
أربكت هزيمة سرت التحالف بين الإسلاميين ورجال الأعمال في مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري المهم غرب ليبيا.
ويسيطر التحالف المذكور على مصراتة منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
ويهدد الجيش الوطني الليبي باقتحام المدينة (250 كلم غرب سرت) بعد أن منحها مهلة لسحب أبنائها من محاور القتال في طرابلس ويشير نقله للمعركة لما بعد سرت إلى أنه عازم على تنفيذ تهديده.
ويدرك الجيش الليبي جيدا أهمية رجال الأعمال في المدينة التي تتوسط المسافة بين العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي في الشرق، لذلك يعمل على فك التحالف بينهم وبين الإسلاميين.
وعلمنا من مصادر من داخل المدينة بوجود اتصالات ومفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين رجال أعمال من مصراتة وممثلين للجيش الوطني بالليبي بحثاً عن ضمانات بعدم الملاحقة مقابل التخلي عن القيادات الإسلامية والميليشيات.
وتشير تقارير إلى أن هناك رجالا أقوياء من مصراتة يمكنهم في أيّ لحظة قلب المعادلة داخل المدينة وخارجها، إذ يتمتعون بعلاقات دولية ومحلية واسعة ويحظون باحترام كبير من قبل كل الأطراف.
ويربط مراقبون هذه التطورات بحالة التخبط التي تعيشها قيادات إسلامية في مصراتة من إعلانها النفير بشكل متواصل ولجوئها إلى تعطيل الحياة العامة في المدينة عقب استعادة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مدينة سرت.
وتتواتر الأنباء بشأن فرار عائلات عدد من قيادات مدينة مصراتة السياسية والميليشياوية باتجاه إسطنبول وأن حجم تحويلات مالية ضخمة من السوق السوداء قد بدأ منذ استعادة سرت ولم يتوقف حتى الآن.
ويقول مراقبون إن السيطرة على سرت فتحت أبواب التكهنات على مصراعيها ليس بدخول الجيش إلى طرابلس فقط وإنما إلى مصراتة أيضا.
ويرى هؤلاء أنه رغم الدعايات الإعلامية الصاخبة ومنع أيّ صوت سياسي مناوئ من التعبير عن أفكاره وتحريض الشارع ضد الصامتين، إلا أن القيادات السياسية في المدينة تبحث عن مخرج للمأزق قبل تنامي الغضب الشعبي داخل المدينة.
وهو ما عبر عنه وزير الداخلية بحكومة السراج المنحدر من المدينة فتحي باشاغا في مكالمة مسربة عكست خوفهم من التيار السياسي المعارض داخل المدينة.
ورغم ما يبدو من تأييد شعبي لسياسات مجموعات المال والإسلام السياسي المسيطرة على المدينة وهو ما تعكسه خاصة مشاركة شباب المدينة في معركة التصدي لسيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، فإن هزيمة سرت عززت القلق من تعميق عزلة مصراتة التي تحولت من أيقونة لـ”ثورة 17 فبراير” إلى مدينة منبوذة لدى أغلب الليبيين خاصة المنطقة الشرقية والقبائل العربية.
وما يزيد من حدة هذا القلق تخلي بعض الدول التي كانت تحتمي بها المجموعات الإسلامية على المدينة كإيطاليا التي لم يحل وجود قاعدة عسكرية لها في مصراتة من قصف الجيش للكلية العسكرية مرارا.
وقال ناشط سياسي رفض الكشف عن هويته لدواع أمنية “إن الظهور الإعلامي للقيادات السياسية لمدينة مصراتة صوّرها لسنوات على أنها موحدة ومتجانسة ومتفقة في كل مواقفها وهو ما أثر لزمن بعيد في المواقف الدولية تجاه المدينة”.
وأضاف “مع بداية الحوار السياسي سنة 2014 تبين للمجتمع الدولي أن ثمة خطوطا متباينة في المدينة ومواقف مختلفة يقترب بعضها من دعم الجيش الوطني الليبي بشكل علني وآخر يمثل التيار المدني المناوئ للإسلاميين، تلك التيارات على ضعفها استطاعت أن تبني حواضن اجتماعية لها مع مرور الزمن، و خلال سنوات تباينت مواقفها مع الإسلاميين ما بين القطيعة وتقاطع المصالح”.
وأضاف الناشط أن “الاتفاق الذي وقعته حكومة السراج مع تركيا أحيا خلافات اجتماعية داخل المدينة، فمصراتة يقطنها العرب و’الكراغلة’ وهي مجموعة من القرى المتراصة، لكن الأغلبية العظمى من سكانها عرب وقد أثارت حفيظتهم دعوة التدخل التركي وقد أدى طلب هذا التدخل إلى حدّ تهديد مجموعات متعددة تعود للأصول العربية بالانسحاب من محاور القتال”.
ووقع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة السراج اتفاقيتين نهاية نوفمبر الماضي تتعلق الأولى بترسيم الحدود البحرية والثانية بالتعاون الأمني.
وبدأت أنقرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا بعد أن صادق البرلمان التركي، الخميس الماضي، على مذكرة رئاسية تفوّض الحكومة بإرسال قوات إلى ليبيا.