الصين تطلق حقبة جديدة من العلاقات مع بورما
تعهّد الرئيس الصيني شي جينبينغ إطلاق “حقبة جديدة” في العلاقات مع بورما حيث يجري زيارة دولة تهدف إلى تأكيد الدعم لحكومة أونغ سان سو تشي والتمهيد لاتفاقات بمليارات الدولارات لمشاريع البنى تحتية.
وواكبت المقاتلات البورمية طائرة الرئيس الصيني التي حطّت في مطار نايبيداو حيث قّدم له أطفال الزهور، وفق ما أوردت وكالة أبناء الصين الجديدة “شينخوا”، قبل أن يقام له حفل استقبال.
وبالإضافة إلى أن الصين تعد أكبر مستثمر في بورما، أصبحت بكين حليفا لا غنى عنه للبلاد التي يقاطعها الغرب على خلفية أزمة أقلية الروهينغا المسلمة.
لكن الشكوك المتزايدة إزاء طموحات بكين وتأثيرها على حركات التمرد المسلحة في مناطق عند الحدود بين البلدين تهدد بتقويض الروابط المتينة التي تجمعهما.
ونقلت “شينخوا” عن شي قوله إنه “مقتنع بأن تضافر جهود بلدينا سيُنجح هذه الزيارة وسيدفع بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد وحقبة جديدة”.
وسيوقع الرئيس الصيني عددا من المشاريع الضخمة في إطار ما يعرف بمبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي يمكن أن تغير وجه بورما مع إنشاء مرفأ للسفن الضخمة بكلفة 1,3 مليار دولار في ولاية راخين وقطار سريع يربط الشرق بالغرب.
والعام الماضي بلغت قيمة التبادلات التجارية بين البلدين 16,8 مليار دولار، في حين تبلغ حصة بكين من الديون الخارجية لبورما أربعة مليارات دولار، أي 40 بالمئة.
وسنويا يتم ضخ مليارات الأمتار المكعبة من الغاز وملايين البراميل النفطية من آبار قبالة سواحل البلاد إلى الصين.
ويقول المحلل ريتشارد هورسي إن تأثير الصين في البلاد سيمتد لعقود مقبلة.
وسيلتقي شي على حدة كلا من سو تشي وقائد الجيش مينغ اونغ هلاينغ السبت.
وأجرت سو تشي زيارة نادرة إلى ولاية كاشين الحدودية مع الصين قبيل زيارة شي.
وفي عام 2011 تم تعليق مشروع لبناء سد ضخم في كاشين لتوليد ستة آلاف ميغاواط من الكهرباء بقيمة 3,6 مليارات دولار تموله الصين، إثر تعرضه لانتقادات حادة.
واعتبر هذا الأمر بمثابة رسالة موجهة لشي الذي وقع مشروع السد عندما كان نائبا للرئيس مع قائد المجلس العسكري البورمي حينها.
ومن المتوقع أن يتظاهر نشطاء السبت رفضا لاستئناف المشروع، أمام سفارة الصين في رانغون.
وبالإضافة إلى المصالح الاقتصادية، تستفيد بورما من علاقتها مع بكين في مجالات أخرى.
ففي مقالة في وسائل إعلام حكومية بورمية قال شي إن الصين تدعم بورما في “ضمان حقوقها الشرعية ومصالحها وكرامتها الوطنية”.
والصين إحدى الدول الكبرى القليلة التي تدعم بورما في الأمم المتحدة حيث تتصاعد الضغوط من أجل محاسبة المسؤولين عن أزمة الروهينغا.
وتُتّهم السلطات البورمية بارتكاب أعمال وحشية في ولاية راخين التي انزلقت إلى حرب أهلية بين الجيش ومجموعة متمردة في الولاية.
ودفعت حملة القمع التي شنّتها بورما عام 2017 نحو 740 ألف شخص من أبناء أقلية الروهينغا إلى عبور الحدود نحو بنغلادش هربا من أعمال العنف التي يقول محققو الأمم المتحدة إنها ترقى إلى مصاف “الإبادة”.
ولا تعترف بورما بالروهينغا كأقلية رسمية وتعتبر أبناءها بنغاليين رغم أن العديد من عائلاتهم عاشت في بورما لأجيال.
وتقول بورما ان حملتها ضد الروهينغا ضرورية للقضاء على المسلحين، مؤكدة ان لجانها كافية للتحقيق في مزاعم الانتهاكات.
لكن بورما أعلنت أنه الولاية ستكون مفتوحة أمام إقامة المشاريع.
وفي حين يُحجم مستثمرون غربيون عن إقامة المشاريع في بورما، تتنافس الصين مع قوى إقليمية للاستثمار في البلاد.
ويقول المحلل هورسي إن “زيارة شي ستفاقم المخاوف من خسارة الغرب بورما لمصلحة الصين”.
وتحتاج سو تشي إلى تحقيق نجاحات اقتصادية والحصول على دعم دبلوماسي للاستفادة من ذلك في الانتخابات المقررة نهاية هذا العام.
وأثارت زيارة الرئيس الصيني ردود فعل متفاوتة.
ورحّبت مجموعات متمرّدة تعتبر خاضعة لنفوذ الصين بالقمة.
في المقابل أعلن نشطاء كثر معارضتهم لمشاريع الصين، كذلك نددت منظمة العفو الدولية بـ”انعدام تام للشفافية”.
ويخشى أهالي منطقة راخين ألا يستفيدوا من المشاريع بعدما سلبتهم مشاريع البنى التحتية السابقة بتمويل صيني أراضيهم وأرزاقهم.
وتقول مو مو أيي الناشطة في إحدى جمعيات كياوكبيو “لم يفيدونا بشيء، ولا حتى بالوظائف”.