سجين فرنسي سابق يوثق جرائم النظام القطري في السجون
"نهاية طريق الجحيم القطري" كتاب يروي ضلوع أفراد من الأسرة الحاكمة في حالات تعذيب أفضت إلى الوفاة
كشفت وثيقة جديدة عن جرائم وانتهاكات النظام القطري، ودعمه للإرهاب، سجلها سجين فرنسي سابق بسجون قطر، اسمه جون بيير مارونجي، في كتاب، صدر في مارس/آذار عن دار النشر الفرنسية “نوفو أوتير”، بعنوان “نهاية طريق الجحيم القطري”.
ويقول المؤلف مارونجي: “مارس النظام القطري جميع أنواع التعذيب بحق المعتقلين، لإجبارهم على توقيع اعترافات كاذبة، يعرضها فيما بعد أمام الإعلام المحلي، يزعم من خلالها بأنه يعتقل إرهابيين، لتبييض دعمه للإرهاب أمام المجتمع الدولي”.
جون بيير مارونجي، اختار توثيق انتهاكات النظام القطري لحقوق السجناء، مشيرا إلى ضلوع أفراد من الأسرة الحاكمة القطرية آل ثاني في حالات تعذيب أفضت إلى الوفاة، وتجاوزات لا تحصى بهذا الخصوص.
وتتلخص حكاية مارونجي وهو مقاول فرنسي، في سجنه في الدوحة بتهمة توقيع شيكات بدون رصيد، وذلك بعد خلاف مع شريكه من أحد أعضاء الأسرة القطرية الحاكمة المقربة من الأمير تميم بن حمد.
وفي الواقع، فإن سجن مارونجي كانت عملية مدبرة، حيث صادر تميم أمواله وأفرغ حساباته ورفض إعطاءه مستحقاته، ما تسبب في اتهامه بتوقيع شيكات بدون رصيد، والحكم عليه بالسجن 7 سنوات.
مجلة “لوبوان” الفرنسية نشرت مقتطفات من كتاب مارونجي الجديد، وهو الثاني له للكشف عن تجاوزات النظام القطري، وفيه يقول: “1744 يوما سجنا في قطر، 5 سنوات من حياة مسلوبة، تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان”.
العدالة في قطر تمثل إحدى سوءات أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يسعى جاهدا لإظهار بلاده غير الديمقراطية كدولة حديثة لا تدعم الإرهاب، والاستغلال القسري للعمال، ولا تمارس انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع، في وقت تستعد فيه لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
القمع والانتهاكات بالسجون القطرية لا يقتصر على الأجانب والمعارضين، بل حتى أبناء العائلة ممن لا يرضى عنهم نظام الحمدين عرضة أيضا لظلم وانتهاكات قد تقود للموت بسجون قطر.
فمن شهادة مارونجي التي كشف فيها “ضلوع أفراد من الأسرة الحاكمة القطرية آل ثاني في حالات تعذيب أفضت إلى الوفاة”، والتي كشف فيها أن سجون الدوحة تقسم المعتقلين إلى بين مسلمين وأجانب، فيجبر الأوائل على إطلاق اللحى، فيما يجبر الأجانب على دفع ضريبة عدم دخولهم الإسلام.
إلى شهادة أسماء ريان، بشأن زوجها الشيخ طلال آل ثاني المعتقل بسجون الحمدين، والتي أكدت فيها أن زوجها “بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة وإلى محام يختاره بحرية، فقد حكم عليه تعسفيا بالسجن 22 عاما أثناء وجوده في السجن”.
وقالت أريان خلال مقابلة مع “فوكس نيوز” الأمريكية، إن الشيخ طلال آل ثاني رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، ويعاني ظروفا صحية صعبة جراء وجوده في منشأة مجهولة، وصحته تتدهور بسبب التعذيب وسوء المعاملة في السجن”.
وأكدت أريان ومحاميها الأمريكي مارك سوموس أن نظام العدالة الغامض في قطر قام “بتلفيق قضايا لزوجها بدوافع سياسية”.
وطالب سوموس قطر بإطلاق سراح الشيخ طلال والسماح له باللحاق بعائلته في ألمانيا، والسماح لفريقه القانوني بالاطلاع على السجلات القانونية والطبية التي ربما تكون السلطات القطرية قد قدمتها أثناء احتجازه التعسفي”.
وكشفت أسماء أريان عن طبيعة العدالة في قطر وقالت: “إن قضيتنا مهمة ليس فقط بسبب وضعها السياسي، ولكن لأن انتهاكات قطر العديدة والمستمرة لحقوق عائلتنا تمثل مشاكل منهجية عميقة الجذور مع الحكومة القطرية ونظام العدالة”.
وأشارت إلى أنه عقب اعتقال الشيخ طلال، أرسلتنا السلطات القطرية إلى منزل غير صالح للسكن في الصحراء بدون مكيفات، ومعرض للآفات”.
وأضافت: “عانيت أنا وأولادي من مخاطر صحية جسيمة هناك، وحرمنا من الرعاية الطبية الأساسية”.
وتحمل الرسائل التي يعتقد أنها من العائلة المالكة القطرية -اطلعت عليها قناة فوكس نيوز- تهديدات لريان في حال واصلت حملتها من أجل حرية زوجها.
وأشار محامي ريان وأطفالها إلى أنهم الآن تحت حماية السلطات الأمنية في ألمانيا.
ناشدت أسماء أريان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالضغط على السلطات القطرية، لإطلاق سراح زوجها الشيخ طلال آل ثاني المعتقل بسجون الحمدين، بعد تدهور صحته.
كما طالب مارك سوموس محامي الشيخ طلال مجلس حقوق الإنسان، وهيئات حقوق الإنسان الأخرى التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاء، بالتدخل لوقف الجحيم بالسجون القطرية، ومحاسبة نظام الحمدين وفق القوانين الدولية على جرائمه بشأن الحريات.
مؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، استنكرت وفاة المواطن القطري أحمد طاهود داخل أحد السجون بالعاصمة القطرية الدوحة في مايو/أيار الماضي نتيجة “تعرضه للاعتداء والتعذيب على أيدي رجال شرطة نيباليين، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة”.
ولم تكن تلك واقعة التعذيب الأولى داخل السجون القطرية؛ حيث توفي الصحفي المعارض القطري فهد بوهندي، داخل سجن “الهامور” القطري إثر تعذيبه من قبل ضباط في أجهزة الأمن خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، وفق ما نشرت آنذاك مؤسسات حقوقية.
وفي سياق متصل، قال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، إنّ “وفاة اثنين داخل السجون القطرية نتيجة التعذيب في أقل من شهر يدق ناقوس الخطر بشأن مئات من المحتجزين لا تصل استغاثتهم للعالم الخارجي، وينتظرون مصيراً مشابهاً، طالما بقيت السجون القطرية بمعزل عن الرقابة الحقيقية”.
وأضاف عقيل إنّ “قطر تستغل جائحة كورونا التي تضرب العالم من أجل تصفية المعارضين”، مطالباً الهيئات الأممية بتفقد أوضاع السجون القطرية، والسماح للمنظمات الدولية المتخصصة بزيارة جميع أماكن الاحتجاز.
كما طالب عقيل بالسماح لخبراء الأمم المتحدة وخاصة المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب والمقرر الخاص المعني بالقتل خارج نطاق القانون، بزيارة قطر وفتح تحقيق فوري في وفاة المحتجزين، وحول ما يتعرض له المحتجزون من تعذيب وسوء معاملة داخل السجون والتعنت المفرط في حرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية.
وطالب رئيس مؤسسة ماعت السلطات القطرية بضرورة توفير الحد الأدنى من الرعاية للمحتجزين وفقاً لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء “قواعد نيلسون مانديلا”.
لكن يبدو أن شعور نظام الحمدين بأنه بعيد عن المحاسبة يجعله يتمادى في عمليات التنكيل بالسجناء وانتهاك أبسط حقوق الإنسان فاتحا بوابات الجحيم على من يريد من معارضية أو من يلفق لهم الاتهامات.
الأوبزرفر العربي