البنك المركزي التركي يكشف فشل نظرية أردوغان النقدية
مارك بنتلي
كان البنك المركزي التركي صريحا في رفضه لنظرية الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدية التي تزعم بأن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم . ورفع سعر الفائدة القياسي يوم الخميس.
وقال البنك المركزي إنه يعمل على كبح التضخم برفع أسعار الفائدة من 8.25 إلى 10.25 في المئة. كما بلغ تضخم الأسعار الاستهلاكية في تركيا 11.8 في المئة.
وقالت لجنة السياسة النقدية بقيادة محافظ البنك المركزي، مراد أويصال، في بيان مصاحب للقرار، إنه يجب تعزيز خطوات التشديد التي اتخذت منذ أغسطس لاحتواء توقعات التضخم ومخاطره.
ومع سيطرة أردوغان المتصورة على السياسة والاقتصاد في تركيا، صدم الاقتصاديون من قرار البنك المركزي الذي يبدو متحديا للرئيس. وكانوا يتوقعون أن يتجنب صانعو السياسة النقدية هذه الخطوة بمواصلة اعتماد حلول أخرى أقل حدة لمعالجة هشاشة تركيا الاقتصادية لإرضاء أردوغان.
لم يقدم أردوغان دعمه لرفع أسعار الفائدة علنا، فقد دعا إلى خفضها قبل أسابيع قليلة فقط. وبقرار البنك المركزي، قد يخاطر مراد أويصال بأكثر من مجرد إحباط الرئيس.
أقال أردوغان سلف أويصال العام الماضي لفشله في خفض أسعار الفائدة وحذر في ذلك الوقت من أنه سيواصل اتخاذ اجراءات صارمة ما لم يقف المسؤولون وراء جدول أعمال حكومته مهما كان الثمن. وتتضمن توصياته خفض أسعار الفائدة لإغراق الاقتصاد بقروض رخيصة من البنوك التي تديرها الدولة.
منذ يوليو، كان المستثمرون يرون أن أويصال يتمتع بحرية خفض أسعار الفائدة بالقدر الذي يحدده، وكلما كان ذلك القدر أكبر كلما كان الأمر أفضل. لكنه يخاطر بمنصبه إذا حاول رفعها، حتى إذا تطلبت الظروف ذلك.
وشهد هذه الظروف خلال الأسبوع الحالي مع انحدار الليرة إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار. فقبل ساعات فقط من القرار الذي صدر يوم الخميس، انخفضت الليرة إلى 7.72 للدولار، وهو أضعف مستوى على الإطلاق، لتصل الخسائر هذا العام إلى 23 في المئة.
حتى الآن، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لما يسمى بنافذة السيولة المتأخرة ليبلغ 11.25 في المئة، كجزء من خطة لزيادة متوسط تكاليف الاقتراض للبنوك. ويبلغ متوسط تكلفة تمويل البنوك الآن حوالي 10.6 في المائة مقارنة بحوالي 7.4 في المائة في يوليو.
لكن المستثمرين دعوا إلى إجراءات أكثر صرامة، قائلين إن مثل هذه التعديلات النقدية غير التقليدية ستفشل في وقف تراجع الليرة. فمع انخفاض قيمة الليرة، كان هناك خطر واضح من تكرر أزمة العملة التي اندلعت في تركيا في 2018 قبل أن تشهد البلاد ركودا اقتصاديا عميقا ومؤلما.
خلال أسبوع الحالي، حذرت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث الاقتصادية، ومقرها لندن، من أن قيمة الليرة قد تنخفض إلى 8 ليرات مقابل الدولار قبل انتهاء السنة وإلى 9.25 في 2021. ويمكن أن تجبر عمليات البيع الواسعة في سوق الأسهم التركية البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة أكثر، مثلما شهدنا في 2018.
قال الخبير الاقتصادي تيم آش، المتخصص في الأسواق الناشئة بشركة بلو باي آسيت ماندجمنت، يوم الخميس إن قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة يعني أن لديه فرصة لدعم الليرة.
أنفق البنك المركزي عشرات المليارات من الدولارات من احتياطياته الأجنبية لدعم العملة. لكن قيمة الليرة استمرت في الانخفاض إلى مستويات قياسية متتالية وهي من أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة. ولكن، ومع تآكل احتياطيات البنك من العملات الأجنبية، يبدو رفع السعر القياسي مع إبقائه دون التضخم بالكاد خطوة نهائية ومربحة.
مع احتمال استمرار عمليات البيع المكثفة في الأسواق الناشئة مع عدم اليقين الذي خلفته الأزمة الصحية والانتخابات الرئاسية الأميركية، لا تزال الليرة التركية في وضع صعب وحساس.
ويتساءل المستثمرون الآن عما إذا كان أويصال مستعدا لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في الوقت المناسب لانقاذ الليرة، حتى لو كان ذلك يعني خسارته لمنصبه، سواء كان ذلك في غضون أسابيع أو عندما يهدأ الوضع. ومع كل هذه الشكوك، سيكون معظم المستثمرين متحفظين.
منذ افتكاكه لصلاحيات تنفيذية جديدة وواسعة في 2018، امتد حكم أردوغان الاستبدادي من وزاراته وبرلمانه إلى الاقتصاد والعالم المصرفي. وبينما يترأس صهره بيرات البيرق وزارة الخزانة والمالية، يتحكم أردوغان شخصيا في صنابير الإقراض للبنوك التي تديرها الدولة من خلال رئاسته لصندوق الثروة السيادية في البلاد، مما يسمح له بتحديد من يحصل على ماذا خلال هذه الأوقات العصيبة.
اختفى الاقتصاديون الناقدون من أعمدة الصحف الأكثر شعبية في تركيا. وفقد عشرات من كبار البيروقراطيين المؤهلين وظائفهم بموجب مراسيم رئاسية. وقد يكون تحدي الرئيس مرة واحدة برفض اتباع نظريته المجنونة للتضخم أمرا شبه مقبول. وربما سمح أردوغان بقرار يوم الخميس على مضض. لكن، يجب أن يدرك أويصال أن تكرار ذلك سيخلف ردة فعل مختلفة. فليكن حذرا!
الأوبزرفر العربي