اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في ليبيا برعاية أممية
العالم يرحب وأردوغان يشكك
وقع طرفا النزاع الليبي على “اتفاق دائم لوقف إطلاق النار” بمفعول فوري، بعد محادثات استمرت خمسة أيام في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
وأفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها في فيسبوك، أن محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف اليوم توجت بإنجاز تاريخي.
وناقشت الوفود العسكرية، التي انبثقت عن قمة دولية عُقدت في يناير 2020 في برلين، على مدار أسبوع وقف إطلاق النار وتركزت المحادثات على المنطقة الوسطى بما فيها سرت والجفرة.
ويشكل عمل هذه اللجنة أي المسار الأمني، أحد المسارات الثلاثة التي تعمل عليها البعثة بالتوازي مع المسارين الاقتصادي والسياسي.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، ستفاني وليامز، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأميركية، باللغة العربية في حفل توقيع الاتفاقية، كان “الطريق إلى اتفاق وقف إطلاق النار الدائم طويلًا وصعبًا في كثير من الأحيان”.
وتابعت: “أمامنا الكثير من العمل في الأيام والأسابيع القادمة من أجل تنفيذ التزامات الاتفاقية. من الضروري مواصلة العمل في أسرع وقت ممكن من أجل التخفيف من المشاكل العديدة التي تواجه الشعب الليبي بسبب هذا الصراع”.
وأضافت “علينا أن نمنح الناس الأمل في مستقبل أفضل”، وأعربت عن أملها في أن ينجح الاتفاق “في إنهاء معاناة الليبيين والسماح للنازحين بسبب الصراع بالعودة إلى ديارهم”.
من جانبه، قال رئيس الوفد والقائد الميداني للإدارة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، علي أبو شهمة: “عانينا بما فيه الكفاية من سفك الدماء. نتمنى أن نغير المعاناة في كل الأراضي الليبية، خاصة في الجنوب”.
وقال: “أناشد ليبيا كلها: كونوا يداً واحدة”، محذراً من استقطاب الفصائل.
وتمثل الاجتماعات هذا الأسبوع الجولة الرابعة من المحادثات التي تشارك فيها اللجنة العسكرية المشتركة تحت إشراف ويليامز، وتأتي المحادثات العسكرية التي تتخذ من جنيف مركزا لها قبل منتدى سياسي في تونس في نوفمبر.
وقالت بعثة الأمم المتحدة إن هذا المنتدى يهدف إلى “إيجاد توافق في الآراء بشأن إطار وترتيبات حوكمة موحدة من شأنها أن تؤدي إلى إجراء انتخابات عامة”.
والشهر الماضي، توصل الجانبان إلى اتفاقيات أولية لتبادل الأسرى وفتح النقل الجوي والبري عبر أراضي البلاد المقسمة، ورافق هذا الإنجاز أيضًا استئناف إنتاج النفط بعد حصار استمر لأشهر.
وذكر بيان الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن تفاصيل هذا الاتفاق تتمثل في أهمية التأكيد على وحدة الأراضي الليبية وحماية حدودها برا وبحرا وجوا، والامتناع عن رهن القرار الوطني ومقدرات البلاد لأي قوى خارجية.
وتضمن الاتفاق المساهمة في مكافحة الإرهاب، وضرورة احترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، فضلا عن الوقف الكامل لإطلاق النار ويسري ذلك منذ لحظة التوقيع، وكذلك إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في مدة 90 يوم، وإعادة الوحدات العسكرية لثكناتها بالتزامن مع خروج المرتزقة، وإيقاف التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية في مختلف الوسائط الإعلامية.
كما شمل الاتفاق فتح الطرق والمعابر على كافة التراب الليبي، الساحلية والجنوبية والجبلية، وتشكيل غرفة أمنية من ضباط الأمن المشاركين في اجتماعات الغردقة، للقيام بتأمين الطرق في المناطق التي تغادرها التشكيلات المسلحة، وتكليف آمر حرس المنشآت في القوات المسلحة وحكومة الوفاق بالتنسيق مع مؤسسة النفط لاعادة هيكلة هذه القوة.
كما شمل حصر وتصنيف المجموعات المسلحة بجميع مسمياتها لدمجها وإيجاد فرص عمل لمن يرغب تركها، وتبادل المحتجزين المقبوض عليهم أثناء العمليات العسكرية أو بسبب الهوية.
ولا يسري وقف إطلاق النار على المجموعات المسلحة المصنفة كمجموعات إرهابية من الأمم المتحدة، مع تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وإخراج أطقم التدريب الأجنبية إلى حين استلام الحكومة الجديدة الموحدة لأعمالها.
واختتم بيان وقف إطلاق النار بتشكيل قوة عسكرية محدودة من العسكريين النظاميين لتحد من الخروقات المتوقع حدوثها وتوفير احتياجات عملها، وإحالة الاتفاق لمجلس الأمن لاصدار قرار لكافة الأطراف للالتزام ببنوده.
رحبت مصر بتوقيع فرقاء ليبيا لاتفاق وقف النار داعية الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الإسهام في الجهد الحالي، وضمان عدم التصعيد.
ورحب أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، باتفاق وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا الذي توصل إليه المسؤولون الليبيون في المحادثات الجارية في جنيف.
وأوضح أن النجاح الذي تحقق اليوم جاء استكمالا لأول اجتماع مباشر استضافته مصر في الغردقة نهاية سبتمبر الماضي، مثمنا اتفاق العسكريين الليبيين اليوم على الحفاظ على الهدوء في الخطوط الأمامية، وتجنب التصعيد.
ودعا المتحدث باسم خارجية مصر الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الإسهام في الجهد الحالي، وضمان عدم التصعيد.
وعبر حافظ عن تطلع مصر إلى مواصلة الجهود ذات الصلة بالمسار السياسي ودعم جهود المبعوثة الأممية إلى ليبيا لتحقيق الهدف الرئيسي؛ وهو ضمان استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد.
كما رحب الاتحاد الأوروبي باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا الذي وقّعه طرفا النزاع الليبي، الجمعة، بعد محادثات استمرت خمسة أيام في الأمم المتحدة.
ووصف الاتحاد الأوروبي اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا بـ”النبأ السار”، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
وأعلنت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، أن اتفاق وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد الذي توصل إليه طرفا النزاع الليبي يدخل حيّز التنفيذ فورا.
وقالت وليامز في مؤتمر صحافي أعقب مراسم التوقيع أن طرفي النزاع وقعا على “اتفاق دائم وكامل لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد يدخل حيّز التنفيذ فورا”.
إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار وجد تشكيكا من رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، إذ قال إنه “يأمل أن يلتزم الطرفان الليبيان بوقف إطلاق النار، لكن لا يبدو أن هذا قابل للتحقق”.
وأضاف أردوغان أن “الوقت سيحكم فيما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا سيصمد”.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة لليبيا بالإنابة إن جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من المفترض أن يغادروا ليبيا في غضون ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت وليامز في مؤتمر صحفي اليوم بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف، إن هناك “مؤشرات جيدة على أن المنشأتين النفطيتين في راس لانوف والسدر ستكونان جاهزتين لاستئناف الإنتاج خلال فترة قصيرة”.
من جانبه، رحب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بالتوقيع بمقر الأمم المتحدة في جنيف على الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار في عموم الأراضي الليبية، والذي تم التوصل إليه في سياق مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه طرفا النزاع الليبي في جنيف “خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار” في البلاد.
وقال في مؤتمر صحافي في مقرّ المنظمة الدولية في نيويورك: “أهنئ الفرقاء لتغليبهم مصلحة أمتهم على خلافاتهم”.
بدوره، رحب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي محمد، بتوقيع وقف إطلاق النار في ليبيا، وقال فكي في تغريدة له بتويتر: “أدعو جميع الأطراف إلى احترام نص وروح هذا التطور المهم”.
وأضاف: “يستحق الشعب الليبي فترة راحة دائمة من الصراع من أجل بدء عملية المصالحة وبناء السلام في البلاد”.
ووصفت ألمانيا التي تعمل كوسيط في البحث عن تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بأنه “أول نجاح حاسم” في ذلك الاتجاه.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إن المفاوضات الجارية “تؤدي إلى أول نجاح حاسم”، معتبرا أنه “أساس جيد لإيجاد حل سياسي مقبل”.
الأوبزرفر العربي