وزير العدل البلجيكي يتعرض لمساءلة البرلمان بسبب منظمة إخونجية
تعرض وزير العدل البلجيكي، فانسون فان كويكنبورن، الخميس، إلى المساءلة أمام البرلمان بسبب ظهور جديد لمنظمة إخونجية في بروكسل.
واعتبر عدد من النواب البلجيك أنه “من غير المقبول أن تستقر مثل هذه الجمعية في بلجيكا لنشر لراديكالية”، بحسب تقرير نشرته صحيفة “لو باريزيان”.
وتفيد التقارير الصحافية إلى أن النائب جورج داليماني عن تيار الوسط، قال في استجواب الوزير “لم ينس أحد منا أن الإرهابيين الذين ضربوا فرنسا في 13 نوفمبر 2015 جاؤوا من بلجيكا، وأنشأوا شبكة هنا، وأصبحوا متطرفين في بلجيكا، وهذا يضع مسؤولية على بلدنا، خاصة فيما يتعلق بفرنسا ولكن أيضا من حيث التنسيق والتماسك الأوروبي فيما يتعلق بالتهديد الإسلامي الراديكالي”.
من جانب قال فانسان مونييه، الخبير الأمني في بروكسل، إن السلطات البلجيكية التنفيذية لا تملك قانونيا حق حلّ أي منظمة أو جمعية لأن هذا الأمر يختص فيه القضاء حصرا، ولكن الجدل الدائر حول التجمع المناهض للإسلاموفوبيا وارتباطاتها بتيارات الإسلام السياسي سيجعلها قطعا تحت مراقبة جهاز المخابرات البلجيكي، خاصة وأن هناك تعاونا وثيقا بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية في الآونة الأخيرة في تعقب شبكات التطرف الدينية.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير العدل فانسون فان كويكنبورن إنه “يتفهم القلق” بشأن هذه المنظمة التي عاودت الظهور من بروكسل، ووعد بيقظة الدولة البلجيكية.
وأوضح الوزير “حتى لو كانت هناك روابط بين هذه المنظمة والمنظمة التي تم حلها في فرنسا، فإن أمن الدولة (جهاز المخابرات) يشير إلى أن الجمعية لم تطور حتى الآن أي نشاط على التراب البلجيكي، ومن المؤكد أن جهاز أمن الدولة سيكرس الاهتمام اللازم لهذه الجمعية إذا كانت ستعمل على تطوير الأنشطة في بلادنا، وسوف تتدخل العدالة كما ينبغي”.
وقد عادت المنظمة مرة أخرى للظهور من بروكسل تحت اسم جديد هو “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في أوروبا” بعد نحو 3 شهور من حلّ منظمة “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا” بشكل رسمي، بتهم تتعلق ”بنشر الكراهية ومعاداة قيم الجمهورية”، .
وتشير قاعدة بيانات سجل الجمعيات البلجيكية إلى أن المنظمة قد تأسست رسميا تحت عنوان جمعية غير ربحية، وأن وثائقها قد قُدمت للسلطات منذ شهر نوفمبر 2020، وذلك في أعقاب تلويح السلطات الفرنسية بحلها بعد حادثة مقتل أستاذ التاريخ صامويل باتي على يد شاب متطرف يبلغ من العمر 18 عاما، في 16 أكتوبر الماضي بمدينة كونفلان سانت أونورين، شمال باريس.
وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامان قد نشر في 3 ديسمبر الماضي، نص مرسوم الحل، مشيرا إلى أن القرار تم اتخاذه خلال اجتماع مجلس الوزراء، الأربعاء، بناءً على أوامر الرئيس إيمانويل ماكرون.
وبحسب الوزير، فإن “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” متورط في شن حملة ضد المعلم المقتول بعد نشره شريط فيديو تحريضيا لأحد الآباء، فيما اكتفت المنظمة بالقول إنها بصدد التحقق من المعلومات، وإنها لم تتدخل عندما علمت أن القضية تتعلق بحرية التعبير.
وأوضح المسؤول الفرنسي في التقرير الرسمي لحل “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا”، الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، مشيرا إلى أن المنظمة “تعتبر التدابير التي اتخذتها الحكومة بهدف منع الأعمال الإرهابية ومنع أو مكافحة الأعمال التي يعاقب عليها القانون، إجراءات معادية للإسلام”.
وتابع: “إن وصف سياسات الحكومة بالمعادية للإسلام من شأنه أن يشكّل مشاركة وتغاضيا ومساهمة في نشر مثل هذه الأفكار المتطرفة”.
ويتهم التقرير المنظمة بـ “إشاعة شبهة دائمة لدى الرأي العام بالاضطهاد الديني” من خلال “عدم التردد في إخفاء الحقيقة في بعض الحالات”.
وكانت منظمة “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” قد استبقت قرار حلها وسارعت في أواخر نوفمبر 2020، إلى تصفية كافة نشاطاتها في البلد الأوروبي ونقلها إلى الخارج، الأمر الذي عدّه مراقبون محاولة من جانب التنظيم للانحناء أمام عاصفة دول القارة لمواجهة الإرهاب والتطرف.
ويعتبر “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” إحدى المنظمات المقرّبة من تجمع مسلمي فرنسا، الفرع الفرنسي لتنظيم الإخونجية الذي كان يعرف لسنوات باسم “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا“.
وقالت المنظمة إن مجلس إدارتها قرر تصفية نشاطها في فرنسا ونقله إلى دولة أخرى، من دون الكشف عن المكان الجديد الذي ستعمل منه، موضحة أنها نقلت “جزءا كبيرا من أنشطتها إلى جمعيات شريكة ستتولى مكافحة الإسلاموفوبيا”.
وسبق أن أعلن وزير الداخلية الفرنسي خلال جلسة برلمانية عن إغلاق السلطات 73 مسجدا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، لدواعي تتعلق بـ”مكافحة التطرف”.
ويرى رامي التلغ الباحث في العلوم السياسية بجامعة “باريس إست”، أن “المنظمات المرتبطة بالإسلام السياسي، وخصوصا تنظيم الإخونجية، تحاول التكيف مع مصاعب المرحلة التي تعيشها في فرنسا بعد إعلان إدارة ماكرون حملة جذرية ضد الإنفصالية الإسلاموية، وذلك من خلال عدم الدخول في صدام مع السلطات والبحث عن بدائل تنظيمية ومالية للحفاظ على نشاط التنظيم وأذرعه المدنية والتجارية والدينية.”
واختتم التلغ حديثه بالقول: “تظهر هذه البراغماتية والرغبة في تحاشي الصدام في خطوات قام بها اتحاد مسلمي فرنسا – الاسم الجديد لاتحاد المنظمات الإسلامية وهو الفرع الإخونجي في فرنسا – خاصة فيما يتعلق بالتوقيع دون تحفظ على ميثاق مبادئ الإسلام، الذي وضعه مجلس الديانة الإسلامية بالتوافق مع السلطات الرسمية، رغم أن الميثاق يدين صراحة الإسلام السياسي وجماعة الإخوان، وهي خطوة مغرقة في التقية السياسية تكشف عن براغماتية كبيرة يتعامل بها الإخوان مع المرحلة الصعبة التي تعيشها التيارات الإسلامية في فرنسا”.