مباحثات سرية ومباشرة بين السعودية وإيران بوساطة عراقية
ذكرت مصادر سياسية واعلامية أنباء حول انعقاد مباحثات سرية ومباشرة بين السعودية وإيران بوساطة عراقية في بغداد بداية الشهر الجاري، فيما لم تصدر أي معلومات رسمية من الرياض بشأن الأمر.
صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية كانت أول من أورد أنباء عقد المحادثات، في تقرير نشرته الأحد، وقالت إنها انعقدت في التاسع من أبريل الجاري بمشاركة وفدين رفيعي المستوى من السعودية وإيران، لكنها ذكرت في التقرير نفسه أن مسؤولاً سعودياً رفيعاً نفى عقد أي محادثات مع إيران.
ونقلت وكالة رويترز، الأحد، عن مسؤول إيراني كبير ومصدرين في المنطقة تأكيدهم إجراء المحادثات.
وأكدت مصادر حكومية عراقية وغربية في وقت لاحق الاثنين لوكالة “فراس برس”، انعقاد هذه المباحثات، التي وصفتها بـ”السرية”.
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن الحوار مع المملكة العربية السعودية كان “دائماً موضع ترحيب”، دون أن تؤكد أو تنفي إجراء المحدثات المباشرة.
وكانت الرياض قطعت علاقاتها مع طهران في يناير 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد.
العلاقات السعودية الإيرانية
وذكرت “فاينانشيال تايمز” نقلاً عن ثلاثة مسؤولين مطلعين أن المحادثات المباشرة تأتي كمحاولة لإصلاح العلاقات بين البلدين، بعد نحو خمس سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة إن الجولة الأولى من المفاوضات تضمنت بحث هجمات جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران على السعودية، مضيفاً أن المحادثات “كانت إيجابية”.
وقال مسؤول آخر إنه من المقرر عقد الاجتماع الثاني ضمن المحادثات السعودية الإيرانية الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن “المحادثات تسير بوثيرة سريعة، لأن محادثات الولايات المتحدة (مع إيران بشأن الاتفاق النووي) تتقدم بشكل أسرع، وأيضاً بسبب (تصعيد) هجمات جماعة الحوثي”.
وأكد مسؤول حكومي عراقي لوكالة “فرانس برس”، الاثنين، أن المباحثات شارك فيها وفد سعودي برئاسة رئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان، ووفد إيراني قاده مسؤولون مفوضون من قبل الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني.
كما أكد دبلوماسي غربي لـ”فرانس برس”، الاثنين، أنه “اطلع على المباحثات قبل حدوثها”، مشيراً إلى أنها قُدمت على أنها “تستهدف تحسين العلاقات” بين إيران والسعودية.
ونقلت رويترز عن مسؤول إيراني قوله: “كان اجتماعاً على مستوى منخفض لاستكشاف ما إذا كان هناك سبيل لتخفيف التوتر القائم في المنطقة”، مشيراً إلى أن الاجتماع عقد بناء على طلب من العراق.
وقال دبلوماسي غربي في المنطقة للوكالة إن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا على علم مسبق بالمحادثات السعودية الإيرانية “لكن لم تطلعا على أي نتائج”.
ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، قوله تعليقاً على تقرير الصحيفة البريطانية: “رأينا تقارير إعلامية. في بعض الأحيان تم نشر تصريحات متناقضة في هذا الصدد. إيران ترحب بالحوار مع السعودية وتعتبر هذا الأمر في مصلحة شعبي البلدين والسلام والاستقرار الإقليميين”.
العراق يعمل على تسهيل قنوات التواصل
وأكد مصدر لـ”فاينانشال تايمز” أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يعمل على تسهيل قنوات التواصل بين السعودية وإيران، لتسريع وتيرة المحادثات.
وأضاف المصدر أن الكاظمي “طالما ربطته صلات جيدة مع النظام الإيراني. الأمر الجديد هو أن الكاظمي يلعب هذا الدور (الوساطة) مع السعودية”، مضيفاً: “إنه أمر جيد أن العراق يلعب دور الوساطة، لكن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولى”.
وأكد مسؤول عراقي رفيع لـ”فاينانشيال تايمز” أن العراق “يعمل أيضاً على تسهيل قنوات التواصل بين إيران ومصر، وبين إيران والأردن”. وأضاف أن “رئيس الوزراء العراقي حريص على لعب دور شخصي لجعل العراق بمثابة جسر بين هذه القوى المتخاصمة في المنطقة”.
بدورها، قالت وكالة “فرانس برس” نقلاً عن مصادر حكومية عراقية إن العراق “نجح في توفير ساحة لاستضافة المباحثات بين السعودية وإيران بعيداً عن الأضواء”.
ولفتت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن العراق الذي يجد نفسه في وضع معقد بين جارته الشرقية إيران وجارته السعودية في الجنوب، يسعى إلى لعب دور الوسيط على مستوى الشرق الأوسط منذ أنزل الهزيمة بتنظيم داعش نهاية 2017.
وأضافت أن المسؤولين العراقيين يدركون أن “الطريق طويل”، ولكنهم يعتبرون أن توفير العراق ساحة للحوار يبقى خطوة إيجابية.