تونس تشهد أزمة اقتصادية حادة تهددها بالإفلاس
مخاوف تونسية من عجز الدولة على تأمين رواتب الموظفين
وسط مخاوف التونسيين من فشل الدولة في تأمين رواتب الموظفين لشهر مايو الحالي في ظل أزمة اقتصادية ومالية المتتالية، قال النائب بالبرلمان ياسين العياري “إن الدولة التونسية مطالبة بتوفير 700 مليون دينار (أكثر من 256 مليون دولار) في ظرف يومين لتأمين رواتب الموظفين التي من المفترض أن يتم صرفها اليوم 17 مايو.
وأوضح العياري في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن الحساب الجاري للدولة يتوفر الآن على 960 مليون دينار وأن رواتب الموظفين قيمتها 1.6 مليار دينار وهو ما سيدفع الدولة إلى البحث عن 700 مليون دينار لتأمين كتلة الأجور.
وأضاف أن الحلول ستكون في طلب قروض سريعة من البنوك وإن توفرت السيولة ستكون بفوائد خيالية أقصى ما يمكن أن تقدمه هو تأخير “الصدمة” إلى بضعة أسابيع.
وتشهد البلاد أسوأ أزمة لها على الإطلاق حيث بلغ العجز في الميزانية العامة للمرة الأولى نحو 11.5 في المئة بنهاية العام الماضي بينما انكمش النمو بواقع 8.8 في المئة جراء مخلفات الأزمة الصحية، وتتوقع الحكومة أن يصل هذا العام إلى 5.5 في المئة.
المشكلة في سداد الدين
وأفاد الخبير الاقتصادي الصادق جبنون بأن “المشكلة ليست في أجور الموظفين بالأساس، بل في سداد الدين لأن الدولة لا تفلس من عملتها”.
وأضاف جبنون، “كل الدول تعاني من ضائقة مالية وصعوبات اقتصادية بسبب جائحة كورونا، وتونس من البلدان الأكثر تضررا”.
وتابع “تصاعد المخاوف من عدم تأمين الأجور يحدث بلبلة وارتباكا في صفوف المواطنين والشارع، وهناك عجز في الميزان التجاري بسبب توقف الصادرات وقطاعات هامة مثل الفوسفات والصناعة وغيرهما”.
وحسب تقديرات البنك المركزي تشهد البلاد أزمة اقتصادية حادة تهدّدها بالإفلاس في ظل تفاقم الديون الخارجية التي تجاوزت نسبة مئة في المئة حيث بلغت العام الماضي نحو 80.9 مليار دينار (30.3 مليار دولار).
قطاعات أشعلت الضوء الأحمر
وقال وزير التكوين المهني والتشغيل السابق فوزي بن عبدالرحمن “إن القيمة المالية لمبلغ الرواتب في القطاع العام في تونس في حدود 1.6 مليار دينار تونسي كل شهر”.
وأضاف، “الأجور في الوظيفة العمومية هي مجموعة من الخدمات تقدمها الدولة عبر الإدارة مقابل إنتاج الثروة”.
وبخصوص حقيقة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد منذ سنوات وتفاقمت في الفترة الأخيرة بسبب مخلفات جائحة كورونا قال بن عبد الرحمن “الاقتصاد التونسي غير قادر على إنتاج ثروة كافية ومستدامة لـ12 مليون نسمة، والمداخيل أقل بكثير من نفقات الدولة وما زلنا غير قادرين على صنع الثروة”.
وتابع “هناك قطاعات أشعلت الضوء الأحمر وأغلب المؤشرات سلبية على غرار الميزان التجاري ونسبة التضخم وحجم التداين الذي تجاوز نسبة 100 في المئة، وقيمة العملة في اتجاه سلبي”.
وأفاد بأن “بعض القطاعات ما زالت تقاوم وسط هذه العاصفة الاقتصادية على غرار الفلاحة التي تعيش صعوبات كبيرة وبعض القطاعات الصغيرة التي تبحث عن إعادة التموقع”، مستدركا “الوضع الاقتصادي والمالي صعب جدا”.
وعزا تأزم الأوضاع إلى “وجود حالة عجز مؤسساتية بسبب عدم الكفاءة على جميع المستويات، فضلا عن تفاقم الصراعات السياسية وعدم القدرة على إدارة الرأي العام من السلطة التنفيذية اللذين انعكسا على الوضع الاجتماعي المتردي”.
انكماش اقتصادي
ومن جهته أكد المعهد الوطني للإحصاء السبت أن اقتصاد البلاد انكمش بنسبة 3 في المئة خلال الربع الأول من عام 2021 بالمقارنة مع العام السابق، في وقت تضرر فيه القطاع السياحي الحيوي بسبب تداعيات الوباء.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2020 بنسبة 1.7 في المئة قياسا بالفترة نفسها من عام 2019.
وارتفعت نسبة البطالة في البلاد إلى 17.8 في المئة خلال الثلث الأول من العام الحالي بعد أن كانت في حدود 17.4 في المئة خلال العام الماضي.
وتبدأ تونس هذا الأسبوع المفاوضات التقنية مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار كأعلى مبلغ تقترضه البلاد منذ الاستقلال في 1956.
ومقابل موافقة المانحين الدوليين تلتزم تونس بإصلاحات اقتصادية يصفها الخبراء بالموجعة ويتخوف منها المواطن، وخاصة أن جزءا منها يتعلق برفع الدعم عن المواد الأساسية والتخفيض في كتلة الأجور بنسبة 15 في المئة.
ووصف رئيس الحكومة هشام المشيشي في تصريحات سابقة وضعية المالية العمومية بـ”الحرجة” وهو ما يستدعي تنفيذ إصلاحات عاجلة بالتقليص في كتلة الأجور وتجنب النتائج الوخيمة لارتفاع نسبة الدين العمومي.