سامح شكري: السد الذي تبنيه إثيوبيا تهديد وجودي لمصر والسودان
ويدعو مجلس الأمن للضغط من أجل التوصل إلى "اتفاق ملزم" في غضون 6 أشهر
أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن “مصر والسودان دعتا إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن” في ضوء “التهديد الوجودي” لشعبي البلدين جراء السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق.
وقال شكري في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، الأربعاء، أنه سيحضّ مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه الخميس، على مطالبة مصر والسودان وإثيوبيا بالتوصل إلى “اتفاق ملزم” في غضون 6 أشهر بشأن سد النهضة.
وأضاف أن 10 سنوات من التفاوض حول بناء السد “فشلت في ضمان استمرار تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر بكميات كافية لكل من السودان ومصر”، مشيراً إلى أن قرار إثيوبيا بدء الملء الثاني لخزان السد “يمثل انتهاكاً لاتفاقية 2015 (إعلان المبادئ)”.
مجلس الأمن يجتمع الخميس
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن، الخميس، حيث سيتم الاستماع إلى شكري ووزير الخارجية السوداني ووزير المياه الإثيوبي، إضافة إلى الدول الـ15 الأعضاء.
وستتم إحاطة كل من المبعوث الخاص بالأمم المتحدة إلى منطقة القرن الإفريقي، بارفيه أونانغا أنيانغا، ومنسق البيئة بالأمم المتحدة، إنغر أندرسن، ودبلوماسي من الكونغو، التي ترأس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية.
من جانبها، قامت تونس، المندوب العربي في مجلس الأمن، بتوزيع مسودة قرار تطالب مصر والسودان وإثيوبيا باستئناف المفاوضات، بدعوة من رئيس الاتحاد الإفريقي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق ملزم قانوناً حول ملء السد وتشغيله، بحلول يناير المقبل.
ونصّت مسودة القرار على أن الاتفاق يجب أن يضمن “قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهرومائية.. مع منع الإضرار الجسيم بالأمن المائي لدول المصب”.
كما سيحث مشروع القرار إثيوبيا على “الامتناع عن مواصلة ملء خزان السد من جانب واحد”، كما سيدعو مصر والسودان وإثيوبيا إلى “التوقف عن إصدار أي بيانات، أو اتخاذ أي إجراءات من شأنها تهديد عملية التفاوض”.
دور مركزي لرئيس الاتحاد الإفريقي
وقال وزير الخارجية المصري لـ”أسوشيتد برس”: “نحن ندعم هذا المشروع بالتأكيد، ونعتقد أنه قرار متوازن”.
وأضاف أنه “يُمَكن الدور المركزي لرئيس الاتحاد الإفريقي لإجراء مفاوضات بصيغة محسنة” لإيجاد سبل لحل “المشكلات التي أعاقت وصول هذه المفاوضات إلى نتيجة”.
ووفق “أسوشييتد برس”، أمضى شكري عدة أيام في نيويورك للقاء جميع أعضاء مجلس الأمن، من أجل توضيح أن القرار يمثل دعوة لأقوى هيئة في الأمم المتحدة للعمل بمقتضاه “من أجل ضمان تحقيق الأمن والسلام الدوليين”، وهو هدف المجلس.
ونقلت عن شكري قوله إن “العنصر الرئيسي في هذا القرار واضح جداً، إذ أنه يشجع الدول على مواصلة حل صراعاتها بالطرق السلمية من خلال المفاوضات”.
وبسؤاله عما إذا كان يتوقع أي معارضة للقرار بين أعضاء المجلس، قال شكري إن مصر تعتقد أن كثيراً من هذه الدول الأعضاء تدرك جيداً أهمية التوصل إلى حل لهذه المشكلة، “لذلك نحن نعتقد من حيث المبدأ، ومن حيث مسؤولية المجلس، أنه يجب ألا تكون هناك أي معارضة”.
وأكد أن رسالته، الخميس، ستكون: “يجب أن تصل المفاوضات إلى نتيجة”. وأوضح أن القرار يقدم الطريقة الأمثل لضمان استفادة إثيوبيا من السد لتعزيز تنميتها “مع تجنب إلحاق أي أضرار جسيمة بالسودان ومصر”.
الملايين في السودان ومصر سيعيشون بلا أمن
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن 95% من بلاده صحراء، وأن 60% من المصريين يعتمدون على الزراعة لتأمين عيشهم، ومن ثم “يجب أن تكون هناك قواعد ملزمة قانوناً لتحكم عملية ملء الخزان” ولتضمن أن إثيوبيا ستقوم خلال فترة الجفاف بـ”ملء السد بطريقة مسؤولة بما يتوافق مع المبادئ التوجيهية والقواعد الدولية التي تحكم هذه العملية”.
وقال إن رسالته إلى إثيوبيا هي أنه تم التوصل إلى اتفاقات في أماكن أخرى في إفريقيا، بما في ذلك في السنغال والنيجر، وأيضاً في أوروبا على نهر الدانوب، وفي آسيا، على تقاسم مياه الأنهار التي تعبر الحدود.
وأوضح أنه إذا لم يتحقق ذلك، فإن الملايين في السودان ومصر سيعيشون بلا أمن، بكل ما ينطوي عليه ذلك من آثار مدمرة على سبل عيشهم.
في المقابل، ترى إثيوبيا أن هذا السد، الذي تبلغ تكلفة بنائه 5 مليارات دولار، “يمثل ضرورة قصوى” لضمان توافر الكهرباء للغالبية العظمى من أبناء شعبها.
العمل العسكري
ولدى سؤاله حول إمكان شنّ عمل عسكري، قال شكري إن مصر ستواصل مساعيها للتوصل إلى حل سلمي للنزاع.
وأضاف: “حتى الآن، للأسف، لم يُبدِ إخواننا الإثيوبيون المرونة أو الاعتدال اللازمين للتوصل إلى اتفاق”، مؤكداً أن الحكومة المصرية “ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية الشعب المصري وحقوقه المائية”.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذر إثيوبيا في وقت سابق من هذا العام، من أن حكومته “لن تتسامح مع أي خطوات من شأنها التقليل من حصة مصر من مياه النيل”. وأكد أن “كافة الخيارات مطروحة” إذا تم المساس بحصة مصر من مياه النيل، وحضّ أديس أبابا على التعاون مع القاهرة والخرطوم لتجنب الصراع.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة
أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أنه “ليس هناك أي طريق آخر لتسوية النزاع حول سد النهضة باستثناء التفاوض السياسي بشأن هذه القضية”، مشدداً على أن الأمم المتحدة “ضد استخدام القوة العسكرية بشكل مبدئي وقاطع في أي نوع من القضايا والنزاعات والتوترات بين الدول”.
وتأتي تصريحات دوجاريك عشية الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن الدولي لبحث أزمة السد التي تصاعدت خلال الأسبوع الجاري مع إعلان إثيوبيا بدء عملية الملء الثاني أحادياً ودون تنسيق مسبق مع مصر والسودان.
وقال دوجاريك إن الأمم المتحدة تريد أن ترى “مشاركة جميع الدول في تسوية هذا النزاع والدخول في المفاوضات بحسن النوايا”، مشيراً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة “دعم ولا يزال يدعم وساطة الاتحاد الإفريقي”.
وشدد دوجاريك على أن الحل لتوترات سد النهضة يتمثل في “تطبيق متكافئ لمياه نهر النيل مع التأكيد على أنه لن يكون هناك أي ضرر لأي طرف يذكر”، مؤكداً أن الأمم المتحدة “لا تريد أي إجراء أحادي الجانب لأنه سيبعدنا عن الحل التفاوضي”.
الالتزام بالحل التفاوضي
وقال المتحدث الأممي إن المنظمة الدولية تأمل أن يشهد اجتماع مجلس الأمن حول السد “استئناف الالتزام بالحل التفاوضي، اعتماداً على مبادئ الاستخدام العادل والمعقول لنهر النيل، بدون أي ضرر من طرف لطرف آخر”.
ولفت إلى أنَّ الأسباب الجذرية لأزمة سد النهضة “تكمن في كون النهر يمثل مصدراً للحياة، وكل دولة تريد توفير المصادر المائية للسكان، بالإضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية”، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة “مهتمة بالوصول إلى التسوية التي ستصب في مصلحة جميع الأطراف”.
وأكد دوجاريك أن الأمم المتحدة ستقوم بكل ما يلزم للمساعدة في التوصل إلى حل، داعياً جميع اللاعبين الدوليين إلى العمل سوياً بغية ممارسة بعض الضغوط على الأطراف المشاركة في المفاوضات للتوصل إلى الحل التفاوضي.
وكانت الأمم المتحدة دعت، الثلاثاء، مصر والسودان وإثيوبيا إلى تجديد التزامها بالمحادثات حول تشغيل سد النهضة، مطالبة الدول الثلاث بتجنب أي إجراء أحادي.
أمن المنطقة
وكان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، قال في وسابق: إن استمرار الوضع في سد النهضة دون حل واضح “سيؤثر على أمن المنطقة ككل”، مؤكداً في الوقت نفسه أن “مصر والسودان ليستا بوارد الحديث عن خيار عسكري الآن”.