الولايات المتحدة مستعدة لحوار دبلوماسي مع روسيا بشأن أوكرانيا
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الاثنين، استعدادها للانخراط في حوار دبلوماسي مع روسيا، فيما شدد دبلوماسي روسي رفيع على استعداد بلاده لـ”الرد عسكرياً” إذا استمر حلف شمال الأطلسي “الناتو” في تجاهل مخاوفها الأمنية.
يأتي ذلك وسط توتر العلاقات بين روسيا والغرب، على خلفية المخاوف الغربية من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، وإصرار موسكو على توفير ضمانات أمنية لمنع توسع “الناتو” باتجاه ضم كييف، وإيقاف أنشطته العسكرية في شرق أوروبا.
وقال البيت الأبيض في بيان، إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان “أبلغ نظيره الروسي، الاثنين، أن واشنطن مستعدة للانخراط في الدبلوماسية مع موسكو عبر قنوات متعددة من بينها الحوار الثنائي، ومجلس روسيا-الناتو، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.
وأضاف البيت الأبيض، أن سوليفان أبلغ يوري أوشاكوف مستشار السياسة الخارجية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن “أي حوار لابد أن يكون قائماً على المعاملة بالمثل وأن يزيل مخاوفنا من تصرفات
روسيا، وأن يتم بالتنسيق الكامل مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين”.
وأشار سوليفان، بحسب البيان، إلى أنَّ “أي تقدم جوهري، يمكن أن يحدث فقط في جو من خفض التصعيد، وليس في جو من التصعيد”.
حشد عسكري بالقرب من أوكرانيا
وفي الأسبوع الماضي كشفت موسكو، التي أثارت غضب الغرب بحشد عسكري بالقرب من أوكرانيا، عن قائمة من المقترحات الأمنية تريد التفاوض بشأنها، ومن بينها تعهد حلف شمال الأطلسي بأن يتخلى عن أي نشاط عسكري في شرق أوروبا وأوكرانيا.
كما يشير مشروع اتفاقية الضمانات الأمنية إلى السماح بنشر القوات والأسلحة داخل أوروبا في حالات استثنائية بموافقة روسيا وأعضاء الحلف، كما تضمن اقتراحاً روسياً بتخلي الحلف عن أي نشاط عسكري في أوكرانيا، وأوروبا الشرقية، ومنطقة القوقاز، وآسيا الوسطى.
الرد العسكري
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن “روسيا مستعدة لرد عسكري إذا استمر الناتو في تجاهل المخاوف الأمنية لموسكو”، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء “تاس” الروسية.
وقال ريابكوف: “لقد قلت إننا سنجد طرقاً للرد، بما في ذلك عبر الوسائل العسكرية، والعسكرية التقنية، إذا تجاهل الناتو مخاوف موسكو مرة أخرى”.
وأضاف: “أجدد التأكيد على هذا. سيكون علينا أن نوازن بين الأنشطة التي تهمنا، لأنها تزيد من المخاطر، خصوصاً مع إجراءاتنا المضادة”، مشيراً إلى أن روسيا “تسعى إلى تفادي هذا السيناريو، وأنها على وعي بضرورة إجراء حوار لتجنب العواقب الخطيرة”.
وكان ريابكوف، قال في وقت سابق، الاثنين، إن الولايات المتحدة “لم ترد بعد” على مقترحات روسيا بشأن “الضمانات الأمنية” التي اقتُرحت قبل أيام.
وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة “تاس”: “حتى الآن، سمعنا ملاحظات عامة مختلفة، معظمها من أولئك الذين لا يمثلون الولايات المتحدة، لكنها مهمة أيضاً. الشيء المهم هو أن نرى ما يجب أن تقوله واشنطن”.
الضمانات الأمنية
وفي استمرار للخطاب الروسي الحاد إزاء الوضع الأوكراني، والضمانات الأمنية، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو، الاثنين، أن “روسيا تتبنى موقفاً متشدداً إزاء قضايا الضمانات الأمنية، وأنها تأمل في حوار حقيقي مع الولايات المتحدة”.
وقال جروشكو في تصريحات نقلتها وكالة “تاس”: “لدينا موقف متشدد لكن رسالتنا للغرب واضحة. نحن نأمل في إجراء حوار جوهري مع الولايات المتحدة. لقد شكلنا فريقاً ونحن مستعدون لبدء المحادثات فوراً، بمجرد أن يصبح الأميركيون مستعدين لها”.
وبشأن ما إذا كان هناك قصوراً في التواصل بين الجيشين الروسي والأميركي، قال جروشكو: “طبيعي” أن يكون هناك قصوراً، مشيراً إلى أن نقص التواصل بين الجيشين يمثل “مخاطر كبيرة”.
وأضاف: “إذا كنا نريد حقاً وقف التصعيد باستخدام إجراءات تجعل من الممكن إزالة مخاطر الحوادث العسكرية، فنحن بحاجة إلى استئناف قنوات الاتصال بين الجيشين”، معتبراً أن “ما نقوم به اليوم هو رد فعل على الافتقار المطلق لأي تقدم عقلاني باتجاه عكس مسار المخاطر”.
إجراءات سياسية أو رد عسكري
ودعا رئيس الوفد الروسي في محادثات فيينا الخاصة بالأمن العسكري، قسطنطين جافريلوف، الاثنين، حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى اتّخاذ إجراءات سياسية ملموسة بشأن الأزمة مع أوكرانيا، محذراً من أن البديل سيكون “رداً عسكرياً”، مشيراً إلى أنها “لحظة حقيقة في العلاقات بين موسكو وبروكسل”.
وأضاف جافريلوف، في تصريحات لقناة “روسيا 24” أوردتها وكالة “نوفوستي” الروسية للأنباء: “يدرك الناتو أنه لا يمكن دائماً أن يخطو على النقاط المؤلمة لروسيا، وإلّا فسيتعين على موسكو تقديم رد عسكري”.
وتابع: “يجب أن تكون المحادثات جادّة، والجميع في حلف شمال الأطلسي يفهم جيداً أنه على الرغم من كل القوة والسلطة، إلّا أنه من الضروري اتّخاذ إجراءات سياسية ملموسة، وإلّا فإن البديل هو الردود العسكرية والتقنية الروسية”.
وتتهم واشنطن وكييف، موسكو، بحشد قوات ومدرعات عند الحدود مع أوكرانيا تحضيراً لهجوم، في تكرار للسيناريو الذي شهد ضم روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، ودخول أوكرانيا في حرب أسفرت عن أكثر من 13 ألف ضحية.
في المقابل، تنفي موسكو أي نية لغزو أوكرانيا، بل ترى أن النشاط المتزايد لدول الحلف الأطلسي في البحر الأسود، والرغبة الأوكرانية في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ومساعي كييف لتسليح نفسها في الغرب، بمثابة تهديد لروسيا.