النظام التركي بين سندان الشرق ومطرقة الغرب
مصير اتفاقية مونترو في ظل احتدام الصراع الروسي مع الولايات المتحدة وحلفائها
رغم إعلان النظام التركي رفضه للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، إلا أن أنقرة تجد نفسها في مأزق بين سندان الشرق ومطرقة الغرب بسبب اتفاقية مونترو التي تمنح الأتراك حق السيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل، وتنظم عبور السفن الحربية.
وقد أعلن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، الخميس، رفضه القاطع للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، معتبراً أنه “غير شرعي أو قانوني”.
وقال المتحدث باسم الحزب عمر جليك، عقب اجتماع اللجنة المركزية في العاصمة التركية أنقرة، إنه منذ اللحظة الأولى للتوتر الأوكراني الروسي، أعربت تركيا عن تأييدها وحدة أراضي أوكرانيا، مضيفاً أن بلاده ستواصل الدفاع بقوة عن سلامة أراضي أوكرانيا ووحدتها السياسية.
وقال إن تركيا تتابع عن كثب وضع “تتار القرم” ومواطنيها المقيمين في أوكرانيا، مطالباً روسيا التي قال إن علاقات وثيقة تربطها ببلاده، التخلّي عما وصفه بـ”الانتهاك الصارخ للقانون الدولي”.
وبشأن اتفاقية مونترو، المبرمة عام 1936 والتي منحت تركيا حق السيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل، وتنظيم عبور السفن الحربية، وتضمن حرية مرور السفن المدنية في وقت السلم، وتقيّد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي إلى دول البحر الأسود، قال جليك، إن تركيا جاهزة لجميع السيناريوهات.
وأضاف: “أكملنا استعداداتنا لمختلف المواقف التي قد تعترض طريقنا، سواء من الناحية القانونية أو الدبلوماسية، وستنفذ أنقرة الأحكام الموضوعية لاتفاقية مونترو”.
لا تستطيع إرضاء كل الأطراف
من جانبه، قال المحلل السياسي مصطفى أوزجان، إن “الوضع خطير بالنسبة لتركيا، فهي لا تستطيع إرضاء كل الأطراف، الغرب يضغط على تركيا للالتزام الكامل بالاتفاقية، وهذا سيغضب بوتين”.
وأضاف أن “على تركيا أن توقف السفن الحربية من العبور، هذا هو المطلوب، وهذا الطلب جاء واضحاً من أوكرانيا لأن روسيا أكثر استفادة من مضيقي البوسفور والدردنيل، وإغلاقهما سيضر بروسيا”.
وأوضح أنه “أثناء الحرب، يحق لتركيا السيطرة على ملاحة البوسفور لصالح السلام، ونظام الملاحة يتغير في زمن الحرب فقط، حيث يحق العبور للسفن التجارية، وتوقف العسكرية منها”.
وشدد على أنه يتوجب على تركيا، في زمن الحرب، إيقاف كل البواخر الحربية من جهتي الشرق والغرب، مشيراً إلى أن السماح لسفن ألمانية بالعبور تسبب بتوريط تركيا في الحرب العالمية الأولى، لافتاً إلى أن اتفاقية مونترو لم تكن قد وجدت بعد.
من جهته، قال عبدلله أغار، وهو قائد سابق في القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية، إن “الموقف التركي يقول إنها ستفعل ما بوسعها لضمان سلام المنطقة واستقرارها، وستستمر بذلك”.
ويؤكد أغار أن بلاده “لا ترغب بدخول هذه الحرب، ولا تريد أن تفتعل عداءات، لا مع روسيا ولا مع أوكرانيا”.
تعديلات في بنود اتفاقية مونترو
أما الصحفي التركي مصطفى كمال أردامول، فلا يستبعد حدوث تعديلات في بنود اتفاقية مونترو في الأيام القادمة.
وقال أردامول: “أميركا والغرب يريدون تغيير اتفاقية مونترو، الولايات المتحدة تضغط على تركيا عبر رومانيا، لكن روسيا تدعم تركيا في قضية مونترو، وتركيا لا تسمح بمرور السفن الحربية بموجب اتفاقية مونترو، وهذا يزعج الولايات المتحدة”.
وأضاف: “باعتقادي لن يحدث شيء الآن، ولكن ربما يصبح تغيير بنود مونترو على الأجندة اليومية في تركيا ودول العالم، خلال الفترة القادمة”.
وتسيطر تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على مرور السفن بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وتمنحها اتفاقية مونترو الدولية، الحق في إغلاق المضيق أمام جميع السفن الحربية الأجنبية، في زمن الحرب، أو عندما تكون هي مهددة بالعدوان.
وتلزم الاتفاقية جميع الدول الأخرى التي ترغب في إرسال سفن، بإخطار تركيا قبل 15 يوماً، في حين أن على دول البحر الأسود تقديم إشعار في مدّة 8 أيام.
وفي وقت سابق من فبراير الجاري، عبرت 6 سفن حربية روسية وغواصة مضيقَي الدردنيل والبوسفور التركيين إلى البحر الأسود، فيما سمَّته موسكو التدريبات البحرية بالقرب من مياه أوكرانيا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في كلمة متلفزة، الخميس، إطلاق عملية عسكرية في إقليم دونباس، شرقي أوكرانيا.
واحتدمت الأزمة الأوكرانية الروسية في أعقاب إعلان بوتين، مساء الاثنين، اعتراف بلاده رسمياً باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، وهما المنطقتان اللتان كانتا خاضعتين لسيطرة الموالين لموسكو، وسط رفض دولي واسع.