رغم ضغوط واشنطن… الإمارات تؤكد إلتزامها بحصص انتاج تحالف أوبك+
أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، الخميس، التزام بلاده بحصص إنتاج تحالف أوبك+، بعد ساعات من تصريحات سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة أوحت وكأن بلاده تؤيد زيادة الإنتاج للمساعدة على خفض الأسعار. وتلقفتها دوائر أميركية بسرعة وسعت لتوظيفها في التأكيد على نجاح واشنطن في توسيع دائرة الدول المستجيبة لمطالبها بشأن ضخ المزيد من النفط في السوق.
بذلك تكون الإمارات قد حسمت موقفها بشكل قاطع بالتأكيد على أنها ملتزمة باتفاق أوبك+، وذلك ردا على ضغوط من الولايات المتحدة تريد أن تجلب أبو ظبي إلى صفها في الدعوة إلى زيادة كميات النفط المعروضة في السوق والمساعدة على خفْض الأسعار.
تحالف أوبك+
ويعتبر مراقبون أن تأكيد المزروعي القاطع بأن بلاده لا تزال على موقفها الداعم لاتفاق أوبك+ رسالة واضحة مفادها أن أبوظبي لا تزال متمسكة بتحالف أوبك+ وأنه ليس من الوارد أن تتصرف بمعزل عن موقف شقيقتها الكبرى السعودية أو أن تكون بوابة لاستهداف حليفتها روسيا داخل المنظمة.
ويشير المراقبون إلى أن هذا الموقف كشف عن وجود مساع أميركية لضرب أوبك+ من الداخل بعد أن فشلت واشنطن في الحوار مع السعودية بشأن الاستجابة لمطالب الرئيس الأميركي جو بايدن، معتبرين أن موقف المزروعي هو امتداد للموقف الرسمي الإماراتي الذي عبر عنه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في اتصال بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية هذا الشهر حين أكد الطرفان على “ضرورة المحافظة على استقرار سوق الطاقة العالمي”.
وكتب الوزير الإماراتي على تويتر “تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة بالقيمة التي يجلبها أوبك+ لسوق النفط”، مضيفا “دولة الإمارات العربية المتحدة ملتزمة باتفاقية أوبك+ وآليتها الحالية لتعديل الإنتاج الشهري”.
وفي وقت لاحق نقلت وكالة أنباء الإمارات عن الوزير قوله “لا يوجد أي اتفاق لزيادة الإنتاج بشكل منفرد خارج اتفاق أوبك+”.
رفض الحوار بشأن النفط
ويقول محللون سياسيون إن الإماراتيين، مثلهم مثل السعوديين، يرفضون مساعي واشنطن لفصل الحوار بشأن موضوع النفط عن القضايا الخلافية مع إدارة بايدن التي تقود العلاقات الخليجية الأميركية إلى برود لم يسبق أن شهدته، معتبرين أن الخلاف حول النفط هو واجهة معبرة عن قطيعة آخذة في التوسع في وقت لا يبدو فيه أن الولايات المتحدة تفهم التغييرات الحاصلة لدى حلفائها.
ويضيف المحللون أن على واشنطن أن تدرك أن الخليجيين تغيروا كثيرا، وأنهم يضعون مصالحهم قبل أي شيء آخر، ولذلك هم الآن أقرب إلى روسيا ويرفضون أن يكونوا أداة لضرب اتفاق أوبك+ لأنه سوف يوفر لهم عائدات كبرى يحتاجونها في المشاريع العملاقة التي ينجزونها حاليا تحسبا لمرحلة ما بعد النفط.
وأعلن العراق من جهته التزامه بالزيادات المبرمجة من قبل تحالف أوبك+، واعتبرها “كافية لمعالجة أي نقص قد يحدث في الإمدادات”، جاء ذلك في بيان صدر عن شركة النفط الوطنية العراقية (حكومية).
وسعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لتوظيف كلام السفير الإماراتي في واشنطن بشأن الاستعداد لزيادة الإنتاج من أجل التقرب إلى أبوظبي وتبديد الغيوم التي خلفتها سلبية بلاده في التعاطي مع الهجمات الحوثية ضد الإمارات، حيث شدد على “التزام الولايات المتحدة بمساعدة الإمارات على تعزيز قدراتها الدفاعية القوية ضد التهديدات من اليمن وأماكن أخرى في المنطقة”.
شرخ في العلاقات مع واشنطن
وكشف التدخل الروسي في أوكرانيا عن وجود شرخ في العلاقة بين الولايات المتحدة من جهة والسعودية والإمارات، حليفيها الرئيسيين في الشرق الأوسط، من جهة أخرى؛ حيث لم يبد البلدان أي تفهم لمطالب إدارة بايدن بالرغم من الاتصالات التي أجراها المسؤولون الأميركيون على مستويات مختلفة مع الرياض وأبوظبي.
وتقول الخبيرة في الشؤون الخليجية والباحثة في معهد مونتين الفرنسي آن غادال “هذا أكثر من تحوّل فعلي، هذه اللحظة هي بالتأكيد محطة مهمة في العلاقات الخليجية – الأميركية”. وتضيف أن دول الخليج “تدرك أنها بحاجة إلى التحضير لشرق أوسط مختلف، وأن ميزان القوى يتغيّر بشكل عام”.
وامتنعت الإمارات، التي تتولى حاليا رئاسة مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي عن التصويت على مشروع قرار أميركي يدين التدخل الروسي في أوكرانيا.
ويتوقع المراقبون أن تتسع الفجوة بين الخليجيين وأميركا بمرور الوقت وتزداد تعقيدات الأزمة في ظل الحظر الأميركي على النفط الروسي وتلويح موسكو بردود قاسية قد يكون من بينها توظيف ورقة الغاز للضغط على أوروبا.
وقال الرئيس الروسي، في اجتماع حكومي بعد أن حظرت الولايات المتحدة واردات النفط الروسية، إن بلاده تُوفي بالتزاماتها في ما يتعلق بإمدادات الطاقة. وأضاف أن العقوبات الغربية على روسيا غير مشروعة وأن الحكومات الغربية تخدع شعوبها، مؤكدا أن روسيا ستحل مشاكلها بهدوء.
ووجه وزير الطاقة الألماني روبيرت هيك الثلاثاء “نداء عاجلا” إلى مجموعة أوبك لـ”زيادة الإنتاج” بهدف كبح ارتفاع الأسعار.
وتشهد أسعار النفط والغاز ارتفاعا كبيرا منذ بدء التدخل الروسي في أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي. وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء حظر واردات النفط والغاز الروسيين، ما يعني تفاقم الأزمة على الأرجح.
وقاومت أوبك+ ضغوطا من الولايات المتحدة وحلفائها لتسريع وتيرة زيادة الإنتاج مع ارتفاع أسعار النفط إلى ما يتجاوز 120 دولارا للبرميل. وكانت أوبك+ أبرمت اتفاقا لزيادة الإنتاج تدريجيا كل شهر بمقدار 400 ألف برميل يوميا.