المزاعم حول استخدام روسيا الأسلحة الكيميائية في أوكرانيا لصرف النظر عن حرج واشنطن
الخبراء يؤكدون أن موسكو ليست بحاجة لفعل ذلك
أكد الناطق باسم الرئاسة الروسبة دميتري بيسكوف، بعد سؤال من أحد الصحفيين بشأن المزاعم الأوكرانية باستخدام روسيا قنابل فسفورية في أوكرانيا أن ” بلاده لم تنتهك أي اتفاق دولي”، بحسب ما نقلت “فرانس برس”.
واعتبر بيسكوف حديث الولايات المتحدة عن احتمال لجوء روسيا إلى استخدام أسلحة كيمائية في أوكرانيا “حيلة لصرف الانتباه عن المسائل المحرجة للإدارة الأمريكية”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد قال مؤخرا إن الاتهامات الروسية بأن كييف تملك أسلحة بيولوجية وكيمائية زائفة، وتوضح أن الرئيس بوتين يفكر في استخدامها في حربه ضد أوكرانيا.
وأشار بايدن في حدث نظمته رابطة (المائدة المستديرة للأعمال) إلى أن “بوتين يتحدث عن حجج واهية جديدة منها التأكيد على أننا في أميركا لدينا أسلحة بيولوجية وكيماوية في أوروبا، وهذا ليس صحيحا”.
حشد المواقف
إذن.. ما هى احتمال استخدام الأسلحة الكيمائية والبيولوجية في حرب أوكرانيا؟
يجيب الخبير الأمني ومدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا جاسم محمد بأن الاتهامات ما بين موسكو واشنطن باحتمال استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية، تأتي من قبيل “التضليل الاعلامي وحشد المواقف”.
ويشدد جاسم محمد في دراسة نشرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، وتلقت “سكاي نيوز عربية” نسخة منها، على أن استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في حرب أوكرانيا “أمر مستبعد في هذه المرحلة”.
ويؤكد الخبير الأمني الأوروبي أنه مع احتمال وجود معلومات مسربة لأطراف النزاع، فهناك نية مبيتة لترويج اتهامات من كل طرف ضد الأخر على سبيل التضليل وفرضية المؤامرة.
وينقل جاسم محمد تقرير لمنظمة الصحة العالمية يقول إنها ليست على دراية بأنشطة أوكرانية تنتهك أي معاهدة دولية، بما في ذلك حظر الأسلحة البيولوجية.
كما يشير إلى أن المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو أكدت أن الأمم المتحدة ليست على علم بأي برامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا.
لا مبررات ميدانية لاستخدامه
ويعدد جاسم محمد أسباب استبعاده استخدام السلاح غير التقليدي في الحرب الروسية الأوكرانية الحالية.
ويقول: “الموقف العملياتي على الأرض لا يدعو لاستخدام السلاح الكيماوي أو البيولوجي؛ حيث إن الجيش الروسي ليس بجاجة لاستخدام سلاح غير تقليدي بعد التقدم العسكري النسبي الذي أحرزه على الأرض في الأسابيع الأخيرة حتى لو كان بطيئا”.
كما ينبه إلى أن “روسيا ستكون في وضع حرج للغاية في حال استخدام هذه الأسلحة؛ لأن النتائج ستكون كارثية، وستفقد مصداقيتها أمام العالم، في الوقت الذي سيكون فيه رد فعل المجتمع الدولي حازما بشدة ضدها”.
غير أنه أشار في الوقت ذاته إلى احتمال لجوء أحد أطراف الصراع لـ”استخدام السلاح الكيماوي” في حال خسارته في الحرب، لكن الاستخدام سيكون مشروط، وبشكل أيضا محدود.
وهو ما يوضحه بالقول: في حال استخدام هذا السلاح سيكون في الساحات المفتوحة عبر إطلاقه عند بعد، وليس في المدن المكتظة والمزدحمة مثل كييف وغيرها، لأن اضرار استخدامه في هذه الحالة ستطال جميع الأطراف”.
روسيا ملتزمة بالاتفاقات الدولية
وتحذر دراسة المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب أنه “لا يزال السلاح البيولوجي يشكل خطراً كبيراً على المستوى الدولي بسبب التطورات السريعة في علم الهندسة الجينية وتكنولوجيا النانو التي تمهد الطريق لتصنيع أنوع عديدة كما أن الأسلحة البيولوجية رخيصة نسبيًا في تطويرها وإنتاجها مقارنة بغيرها من الأسلحة الكيميائية والنووية.
وتضيف أن استخدام وتطوير السلاح البيولوجي في الجانب العسكري يمثل انتهاكا للمواثيق الدولية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية التي تحظر استخدامها.
حرب دعائية
واتفق الخبير الاستراتيجي المصري سمير فرج مع ما ذهب إليه الخبير الأمني جاسم محمد بشأن استبعاد استخدام أسلحة غير تقليدية في الحرب الدائرة حاليا.
وقال فرج، “روسيا لديها تفوق عددي ونوعي وكمي بالنسبة للأسلحة التقليدية، وليست بحاجة لاستخدام اسلحة غير تقليدية”.
كما أن روسيا، والحديث لفرج، لا تعتزم استخدام هذا السلاح، ليقين لديها بأن قادرة على حسم المعركة بأسلحة تقليدية؛ ولأنها تدرك خطورة استخدامه وتأثيراته الممتدة على البشر والبيئة بشكل رهيب.
ويرى الخبير المصري أن الاتهامات المتبادلة بين أطراف الصراع، تدخل ضمن “الحرب النفسية والدعائية بين أميركا وحلف الناتو من جانب، وروسيا على الجانب الآخر”.
ويرجع فرج عدم سيطرة الجيش الروسي حتى الآن على مدن أوكرانية مع إمكانية تحقيق ذلك خلال ساعات عبر ما وصفه بـ”سياسة الأرض المحروقة” إلى أن روسيا لا ترغب في إحداث خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، مع تحقيق مكاسب على الأرض بأقل الخسائر الممكنة”.
ويتابع: “يدرك الجيش الروسي جيدا أن سياسة الأرض المحروقة سوف تتسبب في تدمير وخسائر كبيرة جدا في صفوف المدنيين والمباني، وسيتم اتهامها من قبل الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب”.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد قالت في وقت سابق إن واشنطن خصصت 32 مليون دولار لنشاط مختبرات عسكرية أوكرانية في كييف وأوديسا وخاركيف، كما خصص وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” مليونا و600 ألف دولار لدراسة انتقال الأمراض من الخفافيش إلى البشر بأوكرانيا وجورجيا، بحسب وكالة “إنترفاكس” الروسية.