إخونجية تونس يحرضون على العنف والإرهاب لاستعادة قيادة الدولة
منذ أيام، كتب رفيق عبد السلام صهر رئيس إخونجية تونس راشد الغنوشي تغريدة يقول فيها، إنه “من واجب الشعب بكلّ فئاته التصدي لهؤلاء العابثين والضرب على أيديهم حماية لأمن تونس واستقرارها”، في إشارة إلى معارضي حركة النهضة.
وفي بداية شهر مايو/آيار الجاري، ظهر علي العريض القيادي الإخونجي البارز ووزير الداخلية الأسبق بوسيلة إعلامية خاصة، وبعث رسائل مشفرة لأنصار التنظيم يقول فيها: “سنواصل النضال لنفرض الحريات على المستبد (يعني الرئيس قيس سعيد) وكل من يتحالف معه”، زاعما أن “المستقبل مع انقلاب فاقد للشرعية والمشروعية سيكون أسود”.
رسائل مشفرة يلتقطها الإخونجية وأنصارهم، واندلعت الحرائق في مختلف المحافظات منذ يوم عيد الفطر حتى يوم أمس.
“فرض الحريات” هي كلمة سر أطلقها قادة الإسلام السياسي (النهضة الإخونجية حاليا) في عام 1988 لحرق البلاد، وتبلور هذا الشعار خلال مؤتمر إخونجية تونس أواخر الثمانينات بعد أن أصدر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي حظرا على نشاطها على خلفية ثبوت تورطها في العديد من العمليات الإرهابية.
وأنتج هذا الشعار موجة من الحرائق التي استهدفت عددا من المقرات السيادية في عام 1991، وحوكم على إثرها العشرات من الإخونجية ونالوا عقوبات بالسجن.
ومنذ سبعينات القرن الماضي، انطلق إخونجية تونس في تشكيل جهاز أمنه الموازي وتدعم بعد ثورة 2011 حيث تغلغل في وزارة الداخلية ومختلف مؤسسات الدولة وحدث في عهدهم اغتيالات سياسية وقتل للجنود والأمنيين.
العنف والإرهاب
ويحذر مراقبون من لجوء حركة النهضة الإخونجية في تونس إلي العنف والإرهاب للضغط من أجل استرجاع قيادة الدولة عقب لفظهم شعبيا.
فالحرائق التي أتت على الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية ومؤسسات حكومية وتهديدات إرهابية أعلنت عنها وزارة الداخلية مؤخرا كانت ستستهدف تونس في شهر رمضان، قد تشي بمن يقف وراءها ومن هو صاحب المصلحة.
حوادث أو بالأحرى جرائم أشار إليها الرئيس التونسي قيس سعيد في آخر تصريحاته معتبرا أن أغلبها “مفتعلة”، وتشير أصابع الاتهام لتنظيم الإخونجية حيث يشهد لهم التاريخ باللجوء للعنف.
الفكر الإخونجي في أدبياته التاريخية قائم على القتل والحرق لبث الفوضى وتأمين مسار تخريبي يرسم له سبل الاستيلاء أو العودة في الحالة التونسية من جديد إلى السلطة، عقب لفظه شعبيا.
إشعال فتيل الفتنة
يقول حسن التميمي الناشط والمحلل السياسي التونسي إن “الإخونجية يتخفون وراء جرائمهم الأخيرة بإضرام الحرائق في المساحات الزراعية وإشعال فتيل الفتنة بين الشعب بفبركة تسجيلات هاتفية لمديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة من أجل إظهار قيس سعيد في موضع المريض والعاجز”.
ويرى التميمي أن الإخونجية يعتمدون على سياسة التجييش وهم ماهرون في المناحات والمظلومية لإظهار أنفسهم قلقون على الديمقراطية.. مستدركا: “لكن الشعب يعي جيدا هذه السياسات التي يتوخوها”.
وأوضح أن توفيق شرف الدين وزير الداخلية الذي تقلد ذات المنصب في عهد حكومة هشام المشيشي زمن حكم الإخونجية وكشف الجهاز الأمني الموازي للإخونجية حيث قرر تطهير الوزارة من الداخل بإقالة المسؤولين عنه لكن المشيشي أقال الوزير وأعاد المسؤولين المقالين إلى مناصبهم.
وتابع المحلل السياسي التونسي، بعد قرارات 25 يوليو، عاد توفيق شرف الدين إلى منصبه وفتح ملف الأمن الموازي المتغلغل في صلب الوزارة والأجهزة الأمنية حيث أقال جميع المسؤولين الذين تم تعيينهم في عهد الوزير الإخواني علي العريض بهدف تطهير الوزارة.
وأشار إلى أن هذا الوزير شل حركة الإخونجية داخل الوزارة، لكنه يتعرض إلى تهديدات بالتصفية لأنه يمثل خطرا عليهم بسبب سياسته ووقوفه في وجه التنظيم.
استهداف وزير الداخلية
صباح اليوم الاثنين، وقع انفجار بالمنزل الوظيفي لوزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين الكائن بالعاصمة إثر تسرب للغاز ما أحدث أضرارا مادية دون تسجيل أي خسائر بشرية وتم نقل زوجة الوزير إلى أحد المستشفيات وحالتها مستقرة.
وفتحت الوزارة تحقيقا في الحادث لمعرفة ملابساته، خاصة أن البلاد تشهد في الفترة الأخيرة موجة من الحرائق.
وفي مارس/آذار المنقضي، تحدثت الأجهزة الأمنية التونسية عن تفاصيل إحباط مخطط لاستهداف وزير الداخلية قبل أشهر من قبل منظمات متطرفة وتفكيك العشرات من خلايا إرهابية خطط بعضها لاستهداف دول مجاورة.
وفي يناير/كانون الثاني 2021 تعرضت إحدى الدوريات الأمنية التونسية بمفترق منطقة بئر السلطان جنوبي مدينة دوز (بمحافظة قبلي) إلى هجوم بسلاح أبيض (سكين) من قبل شخص أقر بانتمائه لتنظيم إرهابي.
ويرى عبد الصحبي الصديق المحلل السياسي التونسي أن النهضة تعتمد على سياسة “الغاية تبرر الوسيلة” حيث بإمكانها تدمير البلاد وحرق الأخضر واليابس بمجرد استرجاع نفوذها .
وقال الصديق، أن الدم والقتل ينبثقان من فكرهم العنيف الذي عانت منه تونس خلال السنوات الأخيرة.
ويعتقد الصديق أن “البلطجية” الذين كانت النهضة تحركهم للوصول لغاياتها زمن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي حيث كان الغنوشي يرسلهم لحرق المؤسسات الأمنية وتفجير النزل تخلوا عنها بعد أن تخلت عنهم في العشرية الأخيرة وأعطت الامتيازات والأموال للقادة البارزين في تنظيم الإخونجية وللمقربين منهم وتناست خدماتهم.
مضيفا: ولعل حادثة إقدام أحد منتسبي حركة النهضة المدعو سامي السيفي على حرق نفسه في ديسمبر/كانون الأول المنقضي كانت دليلا على ذلك.
وكان سامي السيفي يعاني من وضعية اجتماعية صعبة ومن البطالة، وحاول مرارا وتكرارا الحصول على تعويضات سنوات “نضاله” مع النهضة، لكن أن الأخيرة تجاهلته لسبب أو لآخر، وكان الأمر بلغ حد التهديد بفضح أسرار وهو ما أجبر الغنوشي على التظاهر بالموافقة على لقائه، ومنحه موعدا ملغوما، وعقب دخوله مقر الحركة تم سكب البنزين على جسده وإضرام النار فيه لإخراج الحادث على أنه انتحار، خصوصا أنها الطريقة التي يلجأ إليها الكثيرون للاحتجاج، بحسب الصديق.