ازدراء الإخوان للأوطان
منير أديب
جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية لا تؤمن بمفهوم الدولة الوطنية، بل تزدري الوطن.
فهي لا تؤمن بأي حدود جغرافية، وتذهب لأبعد من ذلك، إذ ترى الوطن، كما قال مُنظّرها سيد قطب، أنه “مجرد حفنة من تراب نجِس”.
لا يوجد أي مشروع وطني حقيقي للإخوان غير هدم الأوطان، فهم يرون أن كمال عقيدتهم لا يكون إلا من خلال هذا الهدم، الوطن هو مجرد “سلة نفايات” ينشرون فيه عقيدتهم الفاسدة، غير آبهين بالمكون الديني أو الاجتماعي المختلف عنهم.
في أدبيات الإخوان أن الوصول إلى سُدة الحكم وإقامة ما يسمى “الدولة الإسلامية”، كما يعتقدها قادة التنظيم، هدف أساسي، عملت عليه الجماعة منذ أن قرر مؤسسها حسن البنا في المؤتمر الخامس للتنظيم خوض غمار السياسة في عام 1938، وذلك حتى أحداث الفوضى عام 2011 في المنطقة العربية.
صعدت جماعة الإخوان الإرهابية للحكم في بعض دول المنطقة على خلفية تلك الفوضى، التي خلفها ما “الربيع العربي” المسموم، ثم مارست هذه الجماعة ضغوطًا لازمت مرحلة الضعف، التي مرت بها بعض المجتمعات، والتي كانت إحدى ثمار هذا “الربيع” المزعوم.
وهنا تمكَّن التنظيم من مفاصل الدولة مثلا في مصر، ولكنه فشل في إدارتها في الوقت نفسه، نظرًا لخبرته وسوء نيته وموقفه المسبق من كل مكونات المجتمع، والتي ناصبها العداء.
ناصب الإخوان المسيحيين المصريين العداء، وناصبوا العداء لكل مختلف عنهم دينا وأفكارا، فبدلًا من أن يعاملوا المسيحيين كشركاء في الوطن، ظهرت الأحقاد الدفينة والفتاوى التي تحرم وتجرم تهنئتهم بأعيادهم، رغم أن التنظيم كان يتصنّع خلاف ذلك قبل أن يصل إلى الحكم.. هذا بخلاف اعتداء عناصر التنظيم وموالين له على دور العبادة لشركاء الوطن، فقد تم الاعتداء على الكنائس أثناء وجود الإخوان في السلطة، كما اعتدوا على الكنائس بعد ثورة “30 يونيو”، وكأنه عقاب للشعب المصري بأكمله بأن الفوضى سوف تكون العنوان الرئيسي للثورة، فحرقوا دور العبادة وأقسام الشرطة والمباني الحكومية وأشعلوا النيران في بيوت بعض المختلفين معهم وعنهم.
كان شعار جماعة الإخوان الإرهابية “إما أن نحكمكم أو نقتلكم”، ضجّوا بالحريات العامة، وقدموا الأكثر ولاءً للتنظيم بعد أن مكّنوا الإخوان من مفاصل الدولة، لم يجتمع حولهم إلا المتطرفون الذين أعطتهم الجماعة كل الفرص للظهور والاستعراض.
لقد عيّن الإخوان في مصر أحد قادة “الجماعة الإسلامية” محافظا لمدينة الأقصر السياحية، والتي شهدت مجزرة قامت بها عناصر “الجماعة الإسلامية” نفسها في عام 1997، إذ قتلت بدم بارد قرابة 58 سائحًا بخلاف المصابين.
أي عقل وفطرة سليمة تقول بتعيين حاكم محافظة بدرجة قاتل سابق لأهل وضيوف هذه المحافظة؟!
وأي عقل ومنطق وفطرة تتماشى مع دعوة الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي لأمراء العنف وقادته الذين أدينوا بقتل رئيس مصر الأسبق، محمد أنور السادات، في يوم احتفالات أكتوبر، يوم نصر “السادات” الأعظم، وكان إصرار الإخوان هنا على الانتصار لقتلة الرئيس السادات، كأنهم يبرئونهم من القتل، وهذا كان دليلا دامغا على إعلانهم شكل مصر الجديدة معهم.
سمعت من أحد قادة الإخوان قبل أن يسقط التنظيم على خلفية ثورة “30 يونيو” عام 2013، أنهم اكتشفوا أن لا دراية لهم ولا دُرْبة ولا يملكون أي مقوم لإدارة الدولة في مصر، فقد كانوا يُديرونها وكأنهم يُديرون قسم “الأشبال” داخل التنظيم، وهذا اعتراف جديد منهم بالفشل.
نعيد ونكرر، الإخوان لا يؤمنون بمفهوم الدولة الوطنية، فضلا عن أنهم لا يملكون مقومات إدارة الدولة، فقد كانوا يرون الدولة بعيون التنظيم، وكانوا يقدمون التنظيم على الدولة ومؤسساتها، ومفهوم الدولة في أدبيات التنظيم مشوّش، فالدولة مجرد جسر يعبر من خلاله التنظيم للحكم.
خدعت الجماعة الإرهابية الشعب المصري عام 2012 عندما أعلنت عما سمّته وقتها “مشروع النهضة”، ثم اكتشف المصريون بعد أن وصل التنظيم إلى سدة الحكم أنه لا يوجد أي مشروع للنهضة، ليس ذلك فحسب، بل لا يوجد أي تصور للنهضة ولا للدولة، وأنها مجرد مشاريع مزيفة كالشعارات التي يرفعونها على مدار تاريخهم.
مشروع الإخوان كان واضحًا منذ اللحطة الأولى، هو إحكام سيطرتهم على مفاصل الدولة المصرية، تمهيدًا لإقامة مشروع الإخوان في المنطقة، مشروع يتجه إلى هدم الأوطان والسيطرة على السلطة فيها.