“جبهة إسطنبول” الإخونجية تحاول كسب معركة “المرشد”
وتتهم "جبهة لندن" بعرقلة خطوات الإصلاح ولم الشمل
تحاول جبهة إسطنبول في تنظيم الإخونجية حسم الصراع على قيادة التنظيم لصالح رئيسها محمود حسين الذي شغل في وقت سابق منصب الأمين العام السابق للتنظيم، من خلال بيان صدر عنها يؤكد على استحقاق حسين لمنصب قائم بأعمال المرشد العام، استنادًا إلى ما قالت أنه “المادة الخامسة من اللائحة الداخلية للإخونجية” واتهامها لجبهة لندن بعرقلة خطوات الإصلاح ولم الشمل.
في بيانها الذي حمل عنوان “وضوح رؤية حول مستجدات الأحداث”، حاولت جبهة إسطنبول دغدغة عواطف الإخونجية، والظهور بمظهر القيادة الحكيمة المستحقة للمنصب والقادرة على لم الشمل وتحميل جبهة لندن المنافسة التي كان يقوده الراحل إبراهيم منير، مسؤولية الانشقاق والصراع وما ترتب عليه من اضطراب تنظيمي غير مسبوق.
توقيت البيان كشف عن انهيار التماسك التنظيمي، وغياب القدرة على المشاكل داخليًا، وكذلك ضعف تواصل “جبهة محمود حسين” مع باقي الإخونجية في الداخل المصري، إضافة لما حمله البيان من اتهامات لعناصر “جبهة لندن” منها تعمد عرقلة خطوات الإصلاح ولم الشمل، المماطلة والتسويف في الرد، خلف الوعد، وأخيرًا الإصرار على شق الصف.
خائن للأمانة
يحاول محمود حسين من خلال البيان، إثبات أنه “داعية سلام يريد الإصلاح، وامتداد طبيعي لقيادات الإخونجية المسجونة” عبر “الترحم على نائب المرشد والقائم بالأعمال السابق إبراهيم منير، الذي وافته توفي قبل ثلاثة أسابيع، نافيًا عن نفسه اتهامات مناوئيه من جبهتي” لندن” و” المكتب العام” أنه لم يحضر العزاء وتأبين الرجل، كما حاول أن ينفي عن نفسه ما اتهمه به بعض الإخونجية بأنه “خائن للأمانة سارق لأموال التنظيم”، التي وصلت في بعض التقديرات، قرابة 2 مليون دولار من تبرعات المقربين للتنظيم بالخارج.
ثم يتحدث البيان عن قدرة التنظيم على مواجهة الانشقاقات والأزمات وحتمية انتصارها وتغلبها على عقبات الطريق، منكرًا للواقع الذي يؤكد تشظي التنظيم إلى خمس تيارات، ثلاثة منها تتناحر على القيادة، ومجموعتين اعتزلتا العمل مع أي جبهة، لكن البيان يحتكر الحديث عن التنظيم كأنما حسين وجبهته هم أصل التنظيم، متجاهلًا قرار إبراهيم منير بفصله هو ومجموعة الستة قبل قرابة العام.
ويستعرض محمود حسين مجهوداته التي سعى من خلالها للتقرب إلى جبهة لندن بما أسماهم “الإخونجية الملتفون حول إبراهيم منير،” ولم يسمهم “بالمجموعة التي أعفت نفسها من عضوية التنظيم” كما اعتاد أن يطلق عليهم، في إشارة واضحة عن نيته الاعتراف منه بعضويتهم في التنظيم ومجلس الشورى، وأنه يمكن النظر في قراراته الصادرة في أغسطس/ آب 2021 والتي فصل فيها إبراهيم منير ومعه 15 عضوا من مجلس شورى الإخونجية.
كما أشار إلى أن كل المطلوب منهم عودتهم تائبين نادمين على ما ارتكبوه من أخطاء، مع وعد منه أنه لن يطالبهم باعتذار ولن يحرمهم من مناصبهم، فهو لا يريد سوى العودة وإعلان التوبة،.
تغوّل التنظيم الدولي
أكد البيان على أصل الخلاف فيما بين الجبهتين يتمحور حول إصراره على أن التنظيم المصري يملك زمام نفسه سواء بالداخل والخارج، في إشارة واضحة لتغول أعضاء التنظيم الدولي من أمثال محمد البحيري ويوسف ندا ومحمود الإبياري في جبهة لندن ( منير) على أعضاء التنظيم المصري فيه أمثال محي الدين الزايط وحلمي الجزار وأسامة سليمان.
ووفق مراقبين “لم يقدم البيان المتسرع جديدًا ولم يوضح غامضًا ولم يكشف مستورًا، ولم يبرئ متهمًا، ولم يدن مذنبا، جاء وكأنه استباق لخطوة جبهة منير في إعلان القائم بأعمال المرشد من جانبها، وهي الخطوة التي تأخرت كثيراً، مما يعني أن الجبهة تعاني من خلافات داخلية عرقلت تسمية المرشد الجديد”.
ويرى بعض الخبراء أن البيان هو الخطوة الثالثة التي اتخذتها جبهة حسين في ظل صمت من قبل جبهة لندن، مما يعني أن لديه مخاوف من خطوة أتباع منير التالية، وأنه يعلم أن ثمة ضعفا في أدواته التنظيمية، لهذا يراهن على استمرار تلكؤ جبهة لندن في تسمية من يشغل المنصب الشاغر، مع استمراره في التأكيد على منصبه.
يهدف محمود حسين من ذلك إلى أن يحصل على المنصب بوضع اليد، فالوضع الحالي غريب على تنظيم الإخونجية، وكثير من قواعد التنظيم تتمنى انتهاءه بأي وسيلة وتحت أي قائد، وفي سبيل ذلك قد يقرون له بالقيادة ليس لأنه مستحقها بل لأنهم يرغبون في الخروج من الأزمة الراهنة بأي شكل، حسب الخبراء.
لن يحسم الخلافات
يرجح بعض المقربين من التنظيم أن هذا البيان لن يحسم الخلافات والانشقاقات التي يعاني منها التنظيم، بل سيزيد الوضع تشابكا وتعقيداً ولا يمنح فرصة للتصالح، فرغم الهدوء المصطنع من محمود حسين وادعائه التسامح مع جبهة منير ، إلا أن خبرات الإخونجية معه تؤكد أنها مرحلة وسينقض على أتباع منير بالفصل بعد تمكينه من القيادة بشكل رسمي.
ويلاحظ هؤلاء أنه “مما يساعد على استمرار الانشقاق اختفاء دور شخصيات تاريخية قادرة على أن تقدم مبادرات لوقف الصراع، والبدء في التصالح مثل يوسف القرضاوي المتوفى الشهر قبل الماضي، ومحمد أحمد الراشد القيادي التاريخي العراقي “المعتزل”، الذي كان في صدر عملية التحكيم بين محمود حسين ومحمد كمال في انشقاق ٢٠١٦،
وبعد أن حكم باستحقاق محمد كمال لموقعه وخسارة محمود حسين لمنصبه عاد بعدها الراشد بأسابيع وأعاد التحكيم، ثم خرج بحكم آخر يرى أن الحق مع محمود حسين وأن محمد كمال مفتئت على “القيادة الشرعية” مما أضعف موقف مجموعته (جبهة المكتب العام)، ومن ثم قدم استقالته من كل مناصبه.
والآن وبعد انسحاب الراشد من الحياة الفكرية الإخونجية واعتكافه واعتزاله الصراعات، يبرز سؤال من يمكن أن يتدخل لينقذ التنظيم من تتخبطه في التيه الفكري والسياسي والتنظيمي؟.
في محاولة للإجابة عن هذا السؤال يردّ مراقبون بأنه “لا أحد يمكنه التكهن بخطوات التنظيم التالية، فكل جبهة تتصارع على القيادة ليس من أجل تصحيح المسار أو المراجعة أو تصويب الأفكار بل من أجل المزيد من المناصب والنفوذ والأموال، وعلى من يكون وكيل المخابرات الأجنبية في مهمة هدم للدولة المصرية، وإذا استقرت القوة العالمية التي تستخدم الإخونجية في مشروعها، على الجبهة التي تصلح للمهمة القادمة فستصدر تعليماتها بالطاعة لها وستتم تسوية الخلافات فورًا”.