مستشفى الشفاء في غزة خارج الخدمة والخطر يداهم المرضى
في اليوم السادس والثلاثين للحرب التي شنّتها إسرائيل ردا على هجوم حماس على أراضيها في 7 أكتوبر/تشرين الأول، بات 20 من إجمالي 36 مستشفى في القطاع خارج الخدمة، ومنها مستشفى الشفاء التي تعرضت للحصار والقصف.
«لا كهرباء ولا ماء ولا أكسجين»، بينما الطواقم الطبية عاجزة عن العمل والجثث بالعشرات، هكذا بدا الوضع داخل مستشفى الشفاء، في شمال غزة، الذي تحدثت تقارير عن حصاره من قبل الدبابات الإسرائيلية.
وضع فاقمه، ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، الأحد، من أنها فقدت الاتصال مع مستشفى الشفاء في شمال غزة، مشيرة إلى تواصل التقارير التي تتحدث عن تكرار تعرض المستشفى لهجمات.
وافترضت المنظمة أن مَن كان يجري التواصل معهم داخل المستشفى يلحقون الآن بعشرات الآلاف من النازحين الذين كانوا قد اتخذوا من المستشفى ملجأ لكنهم يهربون الآن من المنطقة.
وتعرضت وحدة العناية المركزة لتلفيات من جراء القصف، كما حدثت تلفيات أيضًا في بعض أماكن من المستشفى كان النازحون يحتمون بها، بحسب بيان الصحة العالمية، الذي أشار إلى أن مريضًا متصلًا بأنبوب تنفس قد تُوفي نتيجة قطع الكهرباء لبعض الوقت.
وقالت منظمة الصحة العالمية، إن تقارير تفيد بأن بعض مَن فروا من المستشفى تعرضوا لإطلاق النار عليهم وجرحوا، بل وقُتل بعضهم، مشيرة إلى أنه على مدى آخر 48 ساعة، وردت تقارير بتكرار تعرض مستشفى الشفاء لهجمات أسفرت عن مقتل عدة أشخاص وجرح الكثيرين غيرهم.
وبحسب المنظمة الدولية، فإنه «وفقًا لآخر تقارير، فإن المستشفى محاط بالدبابات، كما ذكر طاقم المستشفى عدم توافر المياه النظيفة ووجود خطر لتوقف آخر الخدمات الحيوية التي كانت مستمرة، ومنها وحدات العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي والحضَّانات، عن العمل بسبب نقص الوقود»، محذرة من أنه «إذا حدث ذلك، فستتعرض حياة المرضى لخطر داهم».
وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ إزاء سلامة العاملين الصحيين ومئات المرضى والمصابين، بمن فيهم الأطفال في الحضّانات والنازحون الذين ما يزالون داخل مستشفى الشفاء، وهو أكبر مجمع طبي في غزة.
ووفقًا لآخر تقارير، فإن عدد المرضى الداخليين يكاد يكون ضعف سعة المستشفى، برغم اقتصار الخدمات على الرعاية الطارئة اللازمة لإنقاذ الأرواح.
وكررت المنظمة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة لأنه السبيل الوحيد لإنقاذ الأرواح ووضع حد للمعاناة المروعة هناك.
وتحدّثت منظّمة أطبّاء بلا حدود عن “قصف متواصل” على المستشفيات في غزّة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، ولا سيّما مستشفى الشفاء “الذي أصيب مرّات عدّة، بما يشمل قسم الحضانة”.
وأعلنت جمعيّة أطبّاء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيليّة غير الحكوميّة الجمعة وفاة رضيعَين من الخدج في مستشفى الشفاء.
وقالت الجمعيّة: “خلال الساعات القليلة الماضية، تلقّينا تقارير مروّعة من مستشفى الشفاء. لا كهرباء ولا ماء ولا أكسجين. أدّى القصف العسكري إلى إلحاق أضرار بوحدة العناية المركّزة وكذلك بالمولّد الوحيد الذي ظلّ يعمل حتى الآن. ونتيجة لانعدام الكهرباء، توقّفت وحدة العناية المركّزة لحديثي الولادة عن العمل وأدى ذلك إلى وفاة رضيعين”، محذّرة من وجود “خطر حقيقي على حياة 37 رضيعا من الخدج الآخرين”.
وقال مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء مروان أبو سعدة: “اليوم قصفوا غرفة العناية المركّزة. يطلقون النار ويقصفون كل مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول أو الخروج من المستشفى. الوضع في المستشفى خطير جدا جدا”.
وأضاف: “الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أطلِق عليهم النار في الشارع، البعض منهم قُتل، البعض منهم جُرح. لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه… إطلاق النار في كل مكان”.
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية: “الطواقم الطبية عاجزة عن العمل والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها”، مضيفًا: “المستشفى محاصر تماما والقصف مستمر في محيطه”.
اعتبر الجيش الإسرائيلي السبت أن التقارير عن استهداف قواته مستشفى الشفاء في غزة كاذبة.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري: “انتشرت معلومات كاذبة بأننا نطوق مستشفى الشفاء ونقصفه. هذه تقارير كاذبة”، مضيفا “حماس تكذب بشأن ما يحدث في المستشفيات”.
هاغاري أضاف: “طلب طاقم مستشفى الشفاء أن نُساعد غدا في إجلاء الأطفال الرضّع من قسم طب الأطفال نحو مستشفى أكثر أمانا. سنُقدّم المساعدة الضروريّة”.
يقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة (أوتشا)، إن الوضع يزداد مأسويّة بالنسبة إلى المستشفيات في شمال قطاع غزة حيث توفّي رضيعان من الخدج بسبب انقطاع الكهرباء في وحدة عناية مركّزة للأطفال.
ويُثير الوضع في مستشفيات شمال القطاع الفلسطيني المحاصر، ولا سيّما مستشفى الشفاء في مدينة غزة، قلق منظّمات دوليّة عدّة.
من جهته، قال جهاز إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني إنّ “الدبّابات الإسرائيلية على بعد 20 مترا من مستشفى القدس، وإطلاق النار (يتم) مباشرة على المستشفى. هناك حالة هلع وخوف شديد بين النازحين”، مضيفا وسم “#أنقِذوا_مستشفى_القدس”.
ويخوض الجيش الإسرائيلي معارك شرسة مع مقاتلي حماس في قلب مدينة غزة حيث تقع على قوله “القيادة العسكرية” للحركة المتحصنة في شبكة أنفاق.
وقالت الذراع العسكريّة للجهاد الإسلامي سرايا القدس إنّ “مقاتلينا يخوضون اشتباكات ضارية في محيط مجمع الشفاء الطبّي وحيّ النصر ومخيّم الشاطئ، ويوقعون إصابات مباشرة في صفوف الإسرائيليين”.
وأضافت سرايا القدس: “استهدفنا التحشّدات العسكرية المتوغّلة جنوب حيّ الزيتون بوابل من قذائف الهاون والصواريخ”.
وتكرّر السلطات الإسرائيلية أنّ حماس التي تصنّفها الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي “منظمة إرهابية”، تستخدم المستشفيات لشنّ هجمات أو الاختباء في أنفاق، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.