ترامب وإسرائيل
دانة العنزي
عودة ترامب مرة ثانية إلى البيت الأبيض تتأكد يوماً بعد يوم، وجميع الظروف تلعب في صالحه بصورة لم تحدث لمرشح رئاسي أميركي سابق. فإذا استقر الحزب الديمقراطي على ترشيح كامالا هاريس، رسمياً لمنافسة ترامب بعد انسحاب بايدن، ومن المتوقع ذلك؛ فنجاح ترامب أصبح مؤكداً بنسبة تفوق الـ90 في المئة، حيث تفتقد هاريس للكاريزما والخبرة.
الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل يُعد من الثوابت الراسخة للسياسة الخارجية الأميركية. إذ قد يختلف الحزبان الديمقراطي والجمهوري، وكذلك أي رئيس أميركي من الحزبين، في الوسائل والتكتيكات الداعمة لإسرائيل، لكن ذلك لن يمس بأي حال من الأحوال الخطوط الحمراء المتعلقة بأمن إسرائيل وضمان تفوقها في المنطقة ورؤيتها في شأن حل القضية الفلسطينية والتعامل العنيف مع حركات المقاومة.
وبما أن الولايات المتحدة متورطة رسمياً في حل الصراع العربي- الإسرائيلي خصوصاً حل القضية الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو، قد التزمت بصورة ظاهرية ببعض الخطوط العريضة من أهمها إيقاف سياسة الاستيطان الإسرائيلية على الأراضي المحتلة، وحل الدولتين.
حتى جاء ترامب إلى الحكم في 2017، كاسراً هذا الالتزام الأميركي-الذي لم يكن راسخاً بالأساس- لكنه كسره بصورة فجة مدمراً ما تبقى من بوارق أمل في قيام دولة فلسطينية مستقلة. حيث قام بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وقام بالاعتراف بالجولان المحتلة كجزء من إسرائيل، كما دعم الاستمرار في سياسة الاستيطان.
ومن ثم، عد ترامب أكثر رئيسي أميركي داعماً لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة. وسيأتي ترامب إلى البيت الأبيض وأمامه وضع شديد الخطورة والاشتعال في شأن إسرائيل والقضية الفلسطينية والمنطقة بصورة عامة بدأ منذ عملية طوفان الأقصى.
أدلى ترامب الكثير من التصريحات في حملته الانتخابية المستمرة حتى الآن في شأن إسرائيل خصوصاً حربها في غزة. قد برز فيها بوضوح شديد تأرجحه بين منطقة الفريد في حل الصراع، ودعمه المطلق لإسرائيل. إذ في الوقت ذاته الذي وعد فيه بإنهاء الحرب في غزة وذلك في ما يبدو انطلاقاً من أسلوبه في حل الصراعات عبر إبرام صفقة وغالباً ستكون عبر دعم اقتصادي لإسرائيل وبعض الأطراف المعنية بالصراع، مع الضغط في ملف التطبيع. دعم من ناحية أخرى استمرار إسرائيل في حرب الإبادة في غزة، مؤكداً على حق إسرائيل في الاستمرار في مهمتها حتى القضاء على «حماس».
بل والأكثر من ذلك، قد وجه انتقادات حادة لبايدن والحزب الديمقراطي بسبب عدم دعم إسرائيل بالشكل الكافي في حربها ضد «حماس»، رغم كل ما قدمته إدارة بايدن من دعم مطلق لإسرائيل في حربها على غزة.
ونخلص من ذلك، أنه من المؤكد أن إدارة ترامب القادمة ستواصل دعمها المطلق لإسرائيل بكل الأشكال. والمشكلة أن هذا الدعم في هذه المرة أو هذه المرحلة يتطابق مع رؤية إسرائيل أو تحديداً اليمين المتطرف الحاكم في الإجهاز التام على القضية الفلسطينية. حيث يتبدى واضحاً منذ عملية طوفان الأقصى، خطوات إسرائيل التصعيدية للغاية لمحو قطاع غزة من الوجود تمهيداً للسيطرة التامة عليه، والتعسف تجاه الضفة الغربية، وسياسة الاغتيالات التي تطول قادة ورموز حركات المقاومة.
بل يمكن القول إن دعم ترامب قد يصل إلى حد التماهي مع رؤية إسرائيل الكبرى المصممة على تنفيذها والتي تكمن في حرب مفتوحة مع إيران ووكلائها في المنطقة خصوصاً «حزب الله».