المهجّرون في خيام غزة بين رحى الحرب وقساوة الطبيعة

"مئات الآلاف تحت سقف المواد البلاستيكية والقماش المهترئ"

يخشى الفلسطينيون المهجّرون بفعل جرائم الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل بحقهم، وسكنوا في مخيمات عشوائية أقيمت على شواطئ قطاع غزة من واقع أكثر مرارة وألما خلال فصل الشتاء، بفعل المنخفضات الجوية العميقة وأمواج البحر العالية التي ترافق الشتاء، وكذلك تدني درجات الحرارة على نحو يجعل الخيام أشبه بثلاجات باردة.

وعلى طول شاطئ وسط قطاع غزة من مخيم النصيرات والزوايدة ومدينة دير البلح، وامتداداً إلى مدينة خانيونس حتى حدود مدينة رفح جنوبي القطاع، يقيم مئات الآلاف من النازحين في خيام من مواد بلاستيكية أو من القماش المهترئ، بعدما دُمرت آلاف البنايات السكنية وأُزيلت أحياء بكاملها خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة لقرابة العام.

ومع دخول موسم الخريف، واقتراب فصل الشتاء، فما ينتظر سكان الخيام قد يكون أصعب بكثير من معاناتهم من حرارة الصيف، ففي أول ارتفاع بسيط لأمواج بحر غزة قبل أيام، غمرت المياه تلك الخيام المقامة وتسللت إلى أمتعة النازحين وطعامهم وأفسدتها.

لسنا في نزهة

يقول مشعل الخطيب، أحد المواطنين الذين يسكنون الخيام على شاطئ البحر: “نحن نعيش هنا على شاطئ البحر، لسنا في نزهة مثل بقية شعوب العالم، ولكننا اتخذنا شاطئ البحر مسكنا لنا بعد النزوح”.

ويضيف: “نحن نعيش ونضع خيامنا على مسافة لا تتجاوز 15 متراً من مياه البحر، إدارة المخيم حذرتنا أن أمواج المد القادمة مع المنخفض الجوي، وخلال فصل الشتاء بشكل عام قد تصل إلى امتداد 30 متراً ما يعني غرق خيمنا بالكامل”.

وتابع: “حاولنا البحث عن مكان آخر للانتقال إليه ولكننا لم نجد، الأماكن هنا مكتظة وعدد المهجّرين كبير جداً، وهذا الأمر يقلقنا فنحن لا ندري ماذا نفعل، نحن نعيش في خيام وهي لا تتحمل حر الصيف أو برد الشتاء والأمطار القادمة، نحن غير جاهزين ولا نملك خيارات”.

وأكد الخطيب أن أهم تحد يواجهه المهجّرين هو إطلاق النار الدائم من الزوارق الإسرائيلية، موضحًا أنه “في أي لحظة ممكن أن يطالنا إطلاق النار أو القصف المتواصل، إضافة إلى عدم وجود مياه صالحة للشرب وكذلك غياب شبه تام لمواد النظافة”.

على الرغم من تلك الظروف القاسية، يحاول بعض المهجّرين قضاء الوقت بالانشغال بلعب الكرة الطائرة على رمال الشاطئ، فيما يحمل أطفال أوعية فارغة بحثا عن مياه الشرب، وتعكف بعض النساء على غسل الثياب في مياه البحر.

غرقت خيمتنا

ويقول نازح آخر يدعى أبو محمد: “لقد هربنا من مدينة دير البلح تحت نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي وسكنّا هنا على شاطئ البحر، عندما هطل المطر قبل أيام غرقت خيمتنا وجميع أمتعتنا”.

ويضيف: “نحن على أبواب فصل الشتاء، لا نعلم ماذا سوف نفعل. الأمطار على شاطئ البحر غزيرة، ناهيك عن الرياح والزوابع وأمواج البحر، الوضع سيئ للغاية ولا حلول عملية”.

وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة جيش الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن هذه الظروف الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، داعياً المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف الحرب وإنقاذ قطاع غزة قبل فوات الأوان.

الظروف القاسية

وقال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيانٍ بهذه المناسبة، إن “النازحين الآن يتهيّؤون للعيش في الشوارع دون مساعدات ودون مأوى بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها وسيعيشونها خلال الشهور القادمة، وسيكون لها انعكاس خطير على حياتهم وظروفهم”.

وشدد على ضرورة خروج المجتمع الدولي ومعه المنظمات الدولية والأممية والمؤسسات العالمية ذات الصلة عن صمتها، وتقديم الإغاثة الفورية والعاجلة للنازحين، الذين هم “في أمَّس الحاجة إلى مأوى مناسب يقيهم من برد الشتاء وحرارة الصيف، وقبل ذلك الضغط على الاحتلال وعلى الأمريكان لوقف جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة”.

وتواصل إسرائيل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين على الرغم من تبني مجلس الأمن الدولي قرارين بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير إلزامية لتجنب استهداف المدنيين، في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى