مخاوف تونسية من عودة الإرهابيين المفرج عنهم في سوريا إلى البلاد
حذر مراقبون للمشهد السياسي من إمكانية عودة الإرهابيين التونسيين المفرج عنهم من السجون السورية إلى إلى تونس داعين السلطات الأمنية إلى مزيد من اليقظة للحفاظ على أمن البلاد.
وكانت تونس تعمل منذ سنة 2023 على تفكيك ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر الذي يعتبر من أكثر الملفات تعقيدا وتشعبا، وذلك بالتنسيق مع السلطات السورية.
وفي إفادة سابقة أمام البرلمان، قدّر وزير الداخلية التونسي الأسبق، الهادي المجدوب عدد الإرهابيين التونسيين المتواجدين في بؤر التوتر بنحو 2929 شخصا.
ومنذ سبتمبر/أيلول 2022، فتح القضاء التونسي من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013، وطالت تحقيقاته الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإخونجية.
وشملت قائمة المتهمين أكثر من 100 شخص تورطوا في تسفير الشباب للقتال ضمن الجماعات الإرهابية في سوريا.
ضياع قاعدة البيانات
وأكد الخبير الأمني التونسي توفيق الرويسي إمكانية عودة الإرهابيين الى تونس بطريقة غير نظامية عن طريق الحدود الليبية.
وأكد أن «التطورات في سوريا ستؤدي إلى ضياع قاعدة البيانات التي تحدد خطورة التهم الموجهة لهؤلاء الإرهابيين المسجونين بالسجون السورية وطبيعة الأعمال الإرهابية التي تورطوا فيها».
ودعا السلطات التونسية إلى «مزيد من اليقظة الأمنية والحذر وحماية الحدود لأي تدفق لهؤلاء الإرهابيين إلى البلاد.
وأكد أن تونس عاشت في السنوات الماضية خلال حكم الإخونجية أحداثا إرهابية مرعبة أسفرت عن مقتل جنود وأمنيين ومدنيين وسياسيين قائلا: “لذلك لا نريد عودة ذلك الماضي الأليم”.
من جهة أخرى قال المحلل السياسي محمد الميداني، إن التحقيقات في ملف التسفير بدأت بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 وشملت عددا من قيادات حركة النهضة الإخونجية يتصدّرهم زعيمها راشد الغنوشي الذي خضع للاستجواب في القضية.
وأكّد أن هذا الملف يعتبر من أعقد الملفات التي تعكف السلطات التونسية على تفكيك ألغازه.
وأفاد بأن التحقيقات أثبتت أنه “كان هناك لقاءات بين الذين تم تجنيدهم من الإرهابيين من تنظيم أنصار الشريعة المحظور وتنظيم الإخونجية بقيادة حركة النهضة للعب دور معين في تونس خاصة بعد التحريات التي أكدت أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة بن قردان (جنوب شرقي البلاد) سنة 2016 كان بدعم إخونجي”.
إعادة تجربة الجزائر
وأضاف أن “راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وأبو عياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة قاما في عام 2012 بخلق شبكة علاقات إرهابية لإدخال الفوضى في البلاد وتدميرها”.
وتابع: “لا يزال تنظيم الإخونجية يعمل في السر لإعادة تجربة الجزائر في التسعينات”.
وكانت التحقيقات في الملف الإرهابي قد انطلقت على خلفيه شكوى تقدمت بها النائبة السابقة بالبرلمان، عضوة لجنة التحقيق في شبكات التسفير، فاطمة المسدي، منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.
وأثبتت التحقيقات أن حركة النهضة الإخونجية -حين كانت بالحكم- لعبت دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين من مطار قرطاج، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية، وتمرير حقائب من الأموال.
ويلاحق القضاء التونسي وزير الداخلية الأسبق ورئيس الحكومة الأسبق الإخونجي علي العريض في ملف التسفير إضافة الى تورط رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي والقيادي الإخونجي الحبيب اللوز، إلى جانب النائب السابق بالبرلمان ورجل الأعمال محمد فريخة، وقيادات أمنية تولت سابقا مسؤوليات بوزارة الداخلية خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها حركة النهضة بين 2011 و2014.
وتلاحق حركة النهضة شبهات بالتورط في دفع الشباب إلى الالتحاق ببؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد عبر المساجد والجمعيات.
وسبق أن وثقت لجنة مكافحة الإرهاب بتونس وجود أكثر من 3 آلاف إرهابي تونسي في سوريا وليبيا والعراق حتى عام 2018، عاد منهم قرابة الألف إلى بلادهم.