آلاف الأتراك يتظاهرون في الشوارع احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية
نظم آلاف المواطنين الأتراك، الأحد، في اسطنبول مظاهرات احتجاجية على التضخم وتراجع القدرة الشرائية، بينما شهدت العاصمة التركية أيضا مسيرات احتجاجية مماثلة في أول تجمّع كبير على خلفية الاضطرابات التي يمرّ بها الاقتصاد التركي منذ أسابيع.
وفي مدينة اسطنبول، خرج الآلاف إلى الشوارع اليوم الأحد، وفقا للمنظمين. وتجمع المتظاهرون في الجزء الآسيوي من المدينة ورفعوا لافتات كتب عليها عبارة “فاض الكيل”. وكانت نقابة “ديسك” العمالية اليسارية قد دعت إلى الاحتجاج.
اعتقال عشرات الطلبة
وفي الوقت نفسه، اعتقلت قوى الأمن التركية نحو 90 طالبا على الأقل في أنقرة، حسب ما قالت مبادرة “لن نجد مأوى”. وكان الطلاب قد حاولوا التجمع في العاصمة التركية على الرغم من حظر التظاهر بأمر المحافظ.
وكان الطلاب يحتجون على ارتفاع الإيجارات وللمطالبة بإسكان بتكلفة معقولة منذ الصيف الماضي.
وارتفعت تكلفة المعيشة في اسطنبول على سبيل المثال بنحو بنسبة تزيد على 50 بالمئة خلال عام واحد، وفقا لإدارة المدينة. كما سجلت المدينة أعلى زيادة في أسعار زيت عباد الشمس، حيث بلغت الزيادة نحو 138 بالمئة.
وفيما يدافع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، عن نموذج اقتصادي جديد يقوم على مقاومة أسعار فائدة مرتفعة يعتبرها سببا في ارتفاع معدل التضخم ويرى أن انهيار الليرة لا أساس اقتصادي موضوعي له وعزاه لمؤامرة خارجية، يشكو الأتراك باستمرار من تدهور مقدرتهم المعيشية وعجزهم عن الوفاء بأبسط الالتزامات في ظل انهيار الليرة وغلاء مشط في الأسعار.
ويقول منتقدون إن أزمة الليرة تأتي من بين أمور أخرى، بسبب تدخل أردوغان في السياسة النقدية للبنك المركزي.
وتجمّع المتظاهرون في اسطنبول وأنقرة تلبية لدعوة النقابات الرئيسية واحتجاجا على تدهور قيمة الليرة التركية ونسبة التضخم التي بلغت بحسب الأرقام الرسمية 21.31 بالمئة على أساس سنوي في نوفمبر الماضي وهو معدل قياسي.
إلا أن المعارضة وعدة مراقبين يشكّكون في صحة الأرقام الرسمية، متّهمين المكتب الوطني للإحصاءات بسوء تقدير التضخم. وقد تكون نسبة التضخّم الحقيقية أكثر من 58 بالمئة، بحسب دراسة أجرتها مجموعة البحث حول التضخم المؤلفة من خبراء اقتصاد مستقلين.
وما ساهم في تفاقم هذا المشهد، تراجع قيمة الليرة التركية بأكثر من 45 بالمئة مقابل الدولار منذ مطلع العام الحالي، قرابة 30 بالمئة منها منذ نهاية أكتوبر الماضي.
نزداد فقرا كل يوم
وقالت الأمينة العامة لاتحاد نقابات العمال الثوريين أرزو جركس أوغلو في خطاب خلال التظاهرة “نحن نزداد فقرا كل يوم، لكن كل شيء على ما يرام بحسب السادة الذين يديرون البلاد. نحن نقول إنه لم يعد بإمكاننا توفير احتياجاتنا، يدّعي المكتب الوطني للإحصاءات أن نسبة التضخم تبلغ 21 بالمئة فقط لا تستخفّوا بذكاء الطبقة العاملة”.
وقالت سيبل جيليك الموظفة في مصنع قطع غيار سيارات وكانت تشارك في التظاهرة “لم يعد لدينا الإمكانات للاهتمام بمنازلنا بشكل صحيح. لم يعد بإمكاننا تدبر أمورنا”.
وطالب المتظاهرون خصوصا برفع صافي الحدّ الأدنى للأجور الذي يبلغ حاليا 2825 ليرة (179 يورو)، إلى 5200 ليرة (331 يورو).
وفاروق قارا أحمد العامل في مجال النسيج، هو من بين كثر ينبغي عليهم التعامل مع ارتفاع الأسعار رغم أنهم يجنون الحدّ الأدنى للأجور.
وقال “نحن شخصان يعملان في عائلتي: واحد من راتبَينا نستخدمه لدفع إيجار المنزل والثاني ندفع به الفواتير. هذا الأمر صعب في الوقت الحالي. لو يُرفع الحدّ الأدنى للأجور، يصبح بإمكاننا العيش بكرامة أكثر”.
وهتف المتظاهرون بشعارات تطالب باستقالة الحكومة. وقالت فاطمة وهي موظّفة في البلدية “على الحكومة أن ترحل لأنهم يفرغون جيوبنا لملء جيوبهم. لهذا السبب نحن في الشارع، لنقول كفى”.
الحكومة لا تعتزم التراجع عن مبادئ السوق الحرة
وتأتي هذه التطورات بعد يوم من عقد وزير المالية التركي الجديد اجتماعا مطولا مع مجموعة من رجال الأعمال لطمأنتهم بأن الحكومة لا تعتزم التراجع عن مبادئ السوق الحرة، في ظل التراجع الحاد لسعر صرف الليرة بضغط من التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة.
وكان الاجتماع الذي استمر ست ساعات في إسطنبول أمس السبت، هو الأول للوزير نور الدين نباتي منذ أن عينه أردوغان وزيرا للخزانة والمالية في الثاني من ديسمبر الجاري.
وكتب رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية رفعت هيسارجيكلي أوغلو على تويتر إن أكثر من 60 مشاركا في الاجتماع أعربوا عن مخاوفهم بشأن قضايا من بينها أسعار الطاقة المرتفعة والمدفوعات المستحقة على مؤسسات الدولة والضرائب المستقطعة. ومن المتوقع أن يجتمع الوزير مع مجموعة من مسؤولي البنوك في وقت لاحق من هذا الشهر.