أردوغان يعود لمناورات ما قبل القمم
القادة الأوروبيون يبحثون "خريطة طريق" حول مستقبل العلاقات مع النظام التركي
تنعقد قمة أوروبية في بروكسل بتاريخ 25 مارس الجاري، يبحث خلالها القادة الأوروبيون “خريطة طريق” حول مستقبل العلاقات مع النظام التركي.
وقبل انعقاد القمة يعود أردوغان لمناورات ما قبل القمم، حيث اعلن عن خطة عمل حول حقوق الإنسان كمحاولة لاحتواء انتقادات متوقعة على خلفية سجل حافل بالانتهاكات.
الخطة التي أعلن أردوغان عن تفاصيلها، الثلاثاء، تندرج في سياق الحملة الانتخابية المبكرة التي يخوضها حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد أن تضررت شعبيته بشدة بفعل أزمة اقتصادية ناجمة أساسا عن تدخلات الرئيس في السياسات النقدية وسلوكه العدواني تجاه شركاء بلاده وتداعيات تفشي فيروس كورونا، كما انها موجهة للخارج ضمن خطة تصحيح مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فيما ينظر الأوروبيون بريبة للإعلانات التركية الرسمية، مطالبين النظام التركي بالأفعال لا الأقوال.
وبدأت الحكومة التركية في تسويق الخطة التي عرضها أردوغان الثلاثاء، حيث قال وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء إن خطة عمل حقوق الإنسان ستوسع إطار الحريات وتساهم في تعزيز العلاقات مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وتابع “تهدف خطة العمل إلى إزالة أوجه القصور في تطبيق حقوق الإنسان والترسيخ الأقوى لسيادة القانون واستقلال القضاء وحياديته”، مشيرا إلى أنه جرى إعداد الخطة مع الأخذ في الاعتبار معايير المؤسسات الدولية مثل مجلس أوروبا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمحكمة الدستورية في تركيا.
والمؤسسات الأوروبية التي ذكرها الوزير التركي طالبت مرارا أنقرة باحترام حقوق الإنسان ونددت بسجل حافل بالانتهاكات ودعت كذلك إلى الإفراج الفوري عن معارضين مثل زعيم حزب الشعوب الديمقراطي ألدّ الخصوم السياسيين للرئيس أردوغان وأيضا الناشط عثمان كافالا.
وتتوجس انقرة من القمة الأوروبية القادمة التي سيكون على رأس جدول أعمالها مراجعة العلاقات مع أنقرة على ضوء سجلها في حقوق الإنسان وسلوكها العدواني على أكثر من جبهة.
وتكابد حكومة العدالة والتنمية منذ أشهر لتصحيح مسار العلاقات مع الأوروبيين، فيما ينظر هؤلاء بريبة لتصريحات أردوغان ويعتقدون أن المعلن يناقض تماما ما يحدث على الأرض، فحملات القمع لم تهدأ والاعتقالات متواصلة بمزاعم وتهم كيدية تتعلق بالإرهاب أو الدعاية للإرهاب.
ويطالب الإتحاد الأوروبي النظام التركي بالأفعال لا الأقوال بينما يرى أن هذا النظام لم يغير سلوكه وأنه انحرف بدولة القانون إلى دولة الاستبداد.
وتنعقد القمة الأوروبية أيضا وسط دعوات تعالت في الفترة الأخيرة مطالبة التكتل الأوروبي بالحزم في التعامل مع التمادي التركي ووضع حدّ للسلوك العدواني تجاه الشركاء.
ويؤكد المراقبون أن خطة حقوق الإنسان والوعود التي أطلقها أردوغان ليست سوى ذر للرماد على العيون ومحاولة لتهدئة التوتر وانحناءة للعاصفة بينما يستعد حزبه لاستحقاق رئاسي بحظوظ أقل بكثير مما كان يتمتع به في السابق.
وحذروا من أن التراخي في كبح النزعة التسلطية لأردوغان ستكلف تركيا غاليا وأن كل المؤشرات تجمع على أنه ماض في نزعته التسلطية وإن كان يبدي في العلن رغبة في التغيير وتعزيز الحريات وحقوق الإنسان.
وأشاروا أيضا إلى أن أردوغان فقد مصداقيته وأن الشركاء والحلفاء الأوروبيين لا يطمئنون لما يصدر عنه وإن ابدوا ترحيبا بعزمه تصحيح مسار العلاقات معهم.
والعبور إلى مرحلة جديدة في العلاقات مع الإتحاد الأوروبي تمر حتما بملف حقوق الإنسان وهو الملف الخلافي العالق منذ سنوات والتي يعتبر من ضمن أسباب تعثر مفاوضات انضمام تركيا للتكتل الأوروبي.
وكان أردوغان قد هاجم حلفاء بلاده حين انتقدوا سجله في حقوق الإنسان، متهما الأوروبيين بتوفير ملاذات آمنة للإرهاب ومنتقدا القوانين الأوروبية في هذا المجال، فيما كان يشير إلى وجود أنصار لحزب العمال الكردستاني في الغرب.