أزمة ثقة تعصف بالعلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية
عباس رفض بدائل عديدة لإجراء الانتخابات
كشف دبلوماسي أوروبي، الإثنين، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبايس، رفض بدائل عديدة لإجراء الانتخابات، عرضها عليه ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، لكنه لم تستجب.
وقال دبلوماسي أوروبي فضل عدم ذكر اسمه، إن “العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية تعرضت لزلزال”، وأن الجانب الفلسطيني “تجاوز الكثير من التقاليد الدبلوماسية، وعلاقات الصداقة والشراكة، عندما حمّل الأوروبين جزءاً من فاتورة إلغاء الانتخابات”.
وكان رئيس السلطة محمود عباس ألمح في كلمه موجهة إلى الشعب الفلسطيني، عشية اتخاذ قرار التأجيل، الخميس الماضي، إلى وجود مسؤولية جزئية للاتحاد الأوروبي عن القرار، بسبب عدم قيامه بحمل إسرائيل على السماح بإجراء الانتخابات في القدس.
وقال عباس، بأن الأوروبيين طلبوا منه إصدار مراسيم الانتخابات، ليقوموا بالضغط على إسرائيل، لكنهم لم ينجحوا في ذلك.
وأضاف: “قال الأوروبيون نحن سنأتيكم بالموقف، وأرسلنا بعد ذلك رسائل مكتوبة لهم عن العهود (…) وانتظرنا، ولم يأت جواب (…) ثم أرسلنا وزير الخارجية (الفلسطيني) إلى أوروبا (…) واقتربت المواعيد، وأصبح الوقت ضيقاً جداً، وليس أمامنا شيء”.
وأثار قرار تأجيل الانتخابات هذه التصريحات عدم رضى واسع في بروكسل، وفي عواصم دول الاتحاد الأوروبي.
بدائل عديدة لإجراء الانتخابات
وأكد دبلوماسي أوروبي آخر، أن “ممثلين عن الاتحاد الأوروبي عرضوا على السلطة الفلسطينية بدائل عديدة لإجراء الانتخابات، لكنها لم تستجب”، مشيراً إلى أنه “شعر أن القرار كان قد اتخذ، وأن العمل جار للبحث عن تخريجة”.
وأضاف: “عرضنا على السلطة في اليوم قبل الأخير تأجيل القرار لعشرة أيام، يصار خلالها إلى بدء الحملة الانتخابية في القدس، ومواجهة التحديات التي ستظهر من الجانب الاسرائيلي، لكنهم رفضوا، فقد كان قرارهم متخذاً”.
ووجه لوماً شديداً للسلطة قائلاً: “نحن كنا معكم دائماً، وفي مختلف الظروف، لم نتوقف عن دعمكم المالي والسياسي في أي محطة، وقفنا معكم في مشاريعكم في المنطقة ج، وفي القدس الشرقية، ووقفنا إلى جانبكم عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مشروعه الذي يسمح لإسرائيل بضم أجزاء واسعة من أرضكم”.
أحزاب اليمين كانت تنظر خطأ السلطة
وتوقع دبلوماسي أوروبي ثالث، أن تواجه السلطة الفلسطينية صعوبة في استعادة الثقة مع دول الاتحاد الأوروبي.
وقال: “ليس سراً أن هناك أحزاب يمين في أوروبا، كانت تنتظر أن تقع السلطة في مثل هذا الخطأ، لتقوم بالتحريض على وقف المساعدات المالية، والدعم السياسي للفلسطينيين”.
وأضاف: “الانتخابات في أوروبا ثقافة فردية وجماعية، وعندما يتم وقف الانتخابات دون حتى تجربة محاولة إجرائها في القدس، فإن الكثيرين سيقفون في برلماناتنا، ليقولوا هذه سلطة لا تؤمن بالانتخابات وحقوق الإنسان، وتداول السلطة والرقابة والمحاسبة”.
وأضاف: “من سيجرؤ اليوم على الوقوف في أي برلمان أوروبي، ليقول نريد توجيه دعم مالي للسلطة الفلسطينية، كي تتمكن من دفع رواتب موظفيها؟ فمن يفعل ذلك سيخشى من فقدان شعبيته”.
وأكد: “صحيح أن العلاقات لم تتعرض للانهيار، لكن العمل لم يعد يجري كالمعتاد”، مستخدماً التعبير الإنجليزي (Business in not as usual ).
انتقادات محلية ودولية
وتعرضت السلطة الفلسطينية لانتقادات واسعة محلياً ودولياً، على خلفية وقف الانتخابات. وأعلنت إحدى القوائم المشاركة في الانتخابات، أنها ستوجه نداء إلى دول الاتحاد الأوروبي، تطالبها فيها التوقف عن تقديم الدعم المالي للسلطة.
ويقدم الاتحاد الأوروبي دعماً مالياً للفلسطينيين قيمته 300 مليون يورو سنوياً، منها 200 مليون للحكومة، و100 مليون لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين. وتقدم بعض الدول الأوروبية دعماً آخر إضافي، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
صعوبة تبرير تأجيل الانتخابات
وقال مدير مركز القدس للإعلام والاتصال، الدكتور غسان الخطيب: “ما حدث أضعف المصداقية إلى حد بعيد”.
وأضاف الخطيب: “من الصعب تبرير قرار تأجيل الانتخابات، فالأسباب التي تدعي (السلطة) أنها سبب تأجيل الانتخابات، معروفة لديهم من البداية”، مشيراً إلى أن “الاتحاد الأوروبي هو أقرب مجموعة سياسية على الفلسطينيين، وأن دعمه المالي والسياسي ثابت، بعكس الإدارات الأميركية”.
وقوبل قرار وقف الانتخابات بانتقادات محلية واسعة. وقال الدكتور الخطيب: “هذا يمس قدرة السلطة على إدارة الأمور، لأن رضى الناس أمر مهم جداً، لسلطة غير منتخبة تعمل تحت الاحتلال”.
ودعا الرئيس محمود عباس إلى تشكيل حكومة وفاق وطني. لكن الدكتور غسان يرى أن فرص ذلك “ضئيلة”، لأن “الأسباب التي أعاقت الانتخابات ستعيق تشكيل حكومة وحدة وطنية”.