ألفي وثيقة حكومية تثبت كذب مزاعم المسؤولين الأمريكيين عن الحرب في أفغانستان
ترليون دولار تكلفة حرب خاسرة
أصر مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى على تحقيق تقدم في أفغانستان رغم وضوح الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة “واشنطن بوست” يوم أمس الاثنين بعدما حصلت على آلاف الوثائق الحكومية الأمريكية في هذا الصدد.
وذكرت الصحيفة أنها جمعت أكثر من ألفي صفحة تضم ملاحظات من مقابلات مع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين والدبلوماسيين وعمال الإغاثة والمسؤولين الأفغان وغيرهم ممن لعبوا دوراً بارزاً خلال الحرب التي استمرت لعقدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق “تناقض بيانات علنية كثيرة صدرت عن رؤساء أمريكيين وقادة عسكريين ودبلوماسيين، أكدوا للأمريكيين عامًا بعد عام أنهم يحققون تقدمًا في أفغانستان وأن خوض الحرب فيها مجدٍ”.
وقالت “واشنطن بوست”، إن “المقالات توضح أن المسؤولين أصدروا بيانات وردية كانوا يعلمون أنها كاذبة وأخفوا أدلة لا تحتمل الشك بأن الحرب لا يمكن الانتصار فيها”.
وأطلقت الصحيفة على الوثائق “وثائق أفغانستان”، في إشارة إلى وثائق البنتاغون التي فصّلت التاريخ السري للانخراط العسكري الأمريكي في فيتنام وساعدت على قلب الرأي العام ضد الحرب.
وأفادت الصحيفة أن الوثائق جزء من مشروع “العبر المستفادة” الذي يديره “مكتب المدقق العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان” أو باختصار “سيغار”. وتم الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات.
وأقر رئيس الهيئة التي أجرت المقابلات جون سوبكو للصحيفة، أن الوثائق تظهر أنه “تم الكذب باستمرار على الشعب الأمريكي”.
وإضافة إلى الوثائق، حصلت الصحيفة على عشرات المذكرات التي كتبها دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع في عهد الرئيس السابق جورج بوش الإبن.
اجتاحت الولايات المتحدة أفغانستان في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 للقضاء على الخطر الذي شكله تنظيم القاعدة والإطاحة بنظام طالبان.
ولا يزال 13 ألف جندي أمريكي في أفغانستان بعد نحو 20 عامًا على ذلك بينما تشكّل طالبان تهديداً مستمراً للحكومة الأفغانية.
وقال دوغلاس لوت، الجنرال في الجيش الذي كان مستشار البيت الأبيض بشأن الحرب الأفغانية في عهد الرئيسين بوش الإبن وباراك أوباما، في مقابلة سنة 2015 “لم يكن لدينا أي فهم أساسي لأفغانستان، لم نكن نعلم ما الذي نفعله”.
وتساءل “ما الذي كنا نحاول القيام به؟ لم تكن لدينا أدنى فكرة عما كنا مقبلين عليه”.
أما جيفري إيغرز، العنصر المتقاعد في القوات الخاصة لسلاح البحرية “نايفي سيلز” وموظف البيت الأبيض في عهد بوش وأوباما، فتطرق إلى كلفة الانخراط العسكري الأمريكي في أفغانستان.
وقال “ما الذي حصلنا عليه مقابل هذه الجهود التي كلّفت ترليون دولار؟ هل كان الأمر يستحق ترليون دولار؟”.
وأضاف “بعد مقتل أسامة بن لادن، قلت إنه على الأرجح يضحك في قبره بالبحر وهو يفكر بكم أنفقنا على أفغانستان“.
وبين الأشخاص الذين شملتهم المقابلات الجنرال السابق في الجيش مايكل فلين، الذي شغل لفترة وجيزة منصب مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامبللأمن القومي.
وقال فلين في مقابلة سنة 2015 “من السفراء حتى المسؤولين الأقل رتبة، يقول جميعهم إننا نقوم بعمل رائع. حقًا؟ إذا كنا نقوم بعمل رائع فعلاً، فلماذا يبدو وكأننا نخسر؟”.
وأشار كبار المسؤولين الأمريكيين الذين تمت مقابلتهم إلى عدم وجود استراتيجية أو هدف واضحين في أفغانستان بعد اجتثاث القاعدة والإطاحة بنظام طالبان.
واعتبر ريتشارد باوتشر الذي كان كبير دبلوماسيي وزارة الخارجية المعني بشؤون جنوب آسيا في مقابلة سنة 2015، أن الحرب في أفغانستان تعد أفضل مثال على عملية “خرجت عن نطاقها الأصلي”.
وقال باوتشر إنه بعد 15 عامًا في أفغانستان، “لا نزال نحاول تحقيق ما لا يمكن تحقيقه بدلاً من تحقيق ما يمكن تحقيقه”.
وشكك مسؤول أمريكي آخر لم تكشف هويته عمل على التنسيق مع حلف شمال الأطلسي في الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان.
وقال “ما الذي كنا نقوم به في هذا البلد؟ ماذا كانت أهدافنا؟ بناء دولة؟ حقوق المرأة؟ لم تتضح الأهداف والإطار الزمني يومًا في أذهاننا”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن المقابلات تضمنت “العديد من الاعترافات بأن الحكومة روّجت لأرقام كان المسؤولون على علم بأنها محرّفة وزائفة أو كاذبة تمامًا”.
وقال مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي، إن البيت الأبيض والبنتاغون تعرضا لضغط متواصل في عهد أوباما لنشر أرقام تظهر أن زيادة عدد الجنود الأمريكيين في 2009 و2011 أثمرت رغم الأدلة التي أشارت إلى أن العكس هو الصحيح.
وقال المسؤول “كان من المستحيل الخروج بأرقام جيدة، جربنا استخدام عدد الجنود المدرّبين ومستويات العنف والسيطرة على الأراضي دون أن يرسم أي من ذلك صورة دقيقة”. وأضاف “غالبًا ما تم التلاعب بالأرقام على امتداد الحرب”.