ألمانيا تقترح بناء مرفأ بيروت لقاء تشكيل الحكومة اللبنانية
أفاد مصدران دبلوماسيان مطلعان، الجمعة، إن ألمانيا ستعرض في السابع من نيسان/أبريل مقترحا لإعادة بناء مرفأ بيروت، بكلفة تتراوح بين مليارين وثلاثة مليارات يورو، ولكن ذلك مشروط باتفاق الأطراف السياسية اللبنانية على تشكيل حكومة لإصلاح الميزانية واستئصال الفساد.
يأتي ذلك ضمن مسعى ألماني فرنسي لإعادة الإعمار، ستقترح برلين على السلطات اللبنانية الأسبوع المقبل خطة تكلف مليارات الدولارات لإعادة بناء مرفأ بيروت، وذلك لحث ساسة البلاد على تشكيل حكومة قادرة على تفادي انهيار اقتصادي، وفقا لما صرح به مصدران مطلعان وأكده مسؤول لبناني رفيع.
وقال المصدران الدبلوماسيان إن برلين ستطرح يوم السابع من نيسان/أبريل اقتراحا وافق بنك الاستثمار الأوروبي على المساعدة في تمويله وسيتم بموجبه إخلاء المنطقة وإعادة بناء المنشآت، وهو ما قدر أحد المصدرين كلفته بما بين مليارين وثلاثة مليارات يورو.
بنك الاستثمار على علم بالمقترح
وقال متحدث باسم البنك إنه على علم بالمقترح الذي قدمه ميناء هامبورغ وفريقه الاستشاري لإعادة بناء مرفأ بيروت والمناطق المحيطة به.
وأضاف “لكن في الوقت الحالي لا يوجد أي عرض تمويل من بنك الاستثمار الأوروبي. أي تمويل من البنك سيخضع لمتطلبات الفحص الفني وسيتبع إجراءات البنك المعتادة لمثل هذه العمليات”.
وذكر أن التمويل يجب أيضا أن يمتثل لإرشادات التوريد الخاصة بالبنك والمعايير البيئية والاجتماعية.
وقال “البنك يقف على أهبة الاستعداد لدعم الشعب اللبناني وجهود إعادة الإعمار كجزء من فريق أوروبا وبجانب شركائه والمجتمع الدولي وجميع الأطراف المعنية”.
العرض من شركات خاصة
وأكد السفير الألماني في لبنان الجمعة إن عدة شركات خاصة ستقدم اقتراحا شاملا الأسبوع القادم لتطوير مرفأ بيروت والمناطق المحيطة.
وقال السفير أندرياس كيندل إن الشركات ستشمل رولاند برجر وإتش.بي.سي و إتش.إتش.إل.إيه وكوليرز مشيرا إلى أن الاقتراح ليس مقدما من الحكومة الألمانية.
وأضاف أن السلطات اللبنانية لا يمكنها إعادة الثقة وجذب الدعم من المستثمرين إلا من خلال تنفيذ إصلاحات فعالة.
ألمانيا وفرنسا تريدان أولا رؤية حكومة قائمة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات
وأكد المصدران أن المانحين، بما فيهم صندوق النقد الدولي، يصرون على وجوب اتفاق النخبة السياسية اللبنانية على تشكيل حكومة جديدة لإصلاح الميزانية واستئصال الفساد، قبل الإفراج عن مساعدات بمليارات الدولارات.
وصرح أحد المصدرين: “هذه الخطة لن تأتي بدون شروط…ألمانيا وفرنسا تريدان أولا رؤية حكومة قائمة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات. لا توجد طريقة أخرى غير ذلك وهذا أمر جيد للبنان”.
ويقول مانحون أجانب إن من الضروري أن يكون لدى الحكومة الجديدة تفويض صارم لتنفيذ إصلاحات اقتصادية، بما في ذلك التدقيق في المصرف المركزي وإصلاح قطاع الكهرباء.
وعلى الرغم من الأزمة والتي طالت ومن الضغوط الدولية لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والرئيس ميشال عون من الاتفاق على تشكيلة وزارية. ولا تزال الحكومة التي استقالت بعد الانفجار في المرفأ تقوم بمهامها كحكومة تصريف للأعمال.
وأفاد صندوق النقد الدولي أنه لم تكن هناك مناقشات حول البرامج مع المسؤولين اللبنانيين وأنه لم يقدم سوى مساعدة فنية لوزارة المالية وبعض الشركات المملوكة للدولة.
إعمار وسط بيروت
إضافة إلى المرفأ ذاته، سيتطرق الاقتراح الألماني لفكرة إعادة تطوير منطقة محيطة به تبلغ مساحتها نحو مليون متر مربع في مشروع قال عنه المصدران الدبلوماسيان إنه سيتشابه مع إعادة إعمار وسط بيروت بعد الحرب.
ومثل خطة ما بعد الحرب، يشمل الاقتراح تأسيس شركة مدرجة في البورصة مماثلة للشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط بيروت (سوليدير) التي كان قد أسسها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في التسعينيات ولا تزال مدرجة في البورصة اللبنانية.
وقدر المصدران تكلفة المشروع بما يتراوح بين خمسة و15 مليار دولار وقالا إنه قد يتيح 50 ألف وظيفة.
جهات أخرى مهتمة بالإعمار
وقال المسؤول اللبناني إن فرنسا ومجموعة “سي.إم.أيه سي.جي.إم” للموانئ وشحن الحاويات مهتمتان أيضا بمشروع إعادة الإعمار.
وأشار أحد المصدرين الدبلوماسيين إلى أن فرنسا أرسلت عدة بعثات، من بينها واحدة في آذار/مارس شملت مجموعة “سي.إم.أيه سي.جي.إم”، أبدت خلالها اهتمامها بالقيام بدور في عمليات إعادة الإعمار. لكنه أضاف أن تلك البعثة ركزت على عمليات تطهير معينة أكثر من عمليات إعادة تطوير أوسع نطاقا.
وأحجمت وزارة الخارجية الفرنسية عن التعليق على الفور، وكذلك أحجمت “سي.إم.أيه سي.جي.إم” عن التعليق.
وأشار المسؤول اللبناني إلى أن اتخاذ قرار بدء تنفيذ المشروع سيعتمد على اتفاق الأوروبيين على من سيقود الأمر.
وقال “هذا قرار أوروبي في نهاية المطاف، لأن عليهم أن يقرروا ذلك فيما بينهم. وعندما يتم ذلك يمكن للحكومة اللبنانية أن تمضي قدما”.
وذكر المصدران الدبلوماسيان أن ألمانيا تريد العمل مع فرنسا عن كثب بهذا الشأن لكن باريس تواصل مبادراتها الخاصة في الوقت الراهن.
وقال أحدهما “ما يدعو للسخرية في كل ذلك هو أن الأوروبيين يتحدثون من ناحية عن ممارسة ضغوط على الطبقة السياسية (في لبنان)، ومن ناحية أخرى يتشاحنون فيما بينهم بشأن العقود المحتملة عندما يتعلق الأمر بالحصول على نصيب من الكعكة”.
وغرق لبنان في أسوأ أزمة سياسية واقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية (1975-1990) بعد سلسلة احتجاجات انطلقت عام 2019 ضد فساد الفئة السياسية الحاكمة، وأسفر انفجار مواد كيماوية في مرفأ بيروت في آب/أغسطس الماضي عن مقتل 200 شخص وإصابة الآلاف ودمر أحياء بكاملها في العاصمة اللبنانية وعمق من مشكلات البلاد.