إخوان مصر والتصدعات المتعاقبة
حسين القاضي
ضربات متتالية تتعرض لها جماعة الإخوان شرقاً وغرباً، بدأت دولة الأورجواى تصنيف الإخوان جماعة محظورة، بالإضافة إلى تطورات العلاقات بين مصر وتركيا، بزيارة وزير الخارجية المصرى إلى أنقرة، وضربات من النمسا لجماعة الإخوان، واعتقالات تطول كبار الإخوان فى تونس.
كما قررت دولة جزر القمر 69 كياناً حول العالم بصفتهم جماعات وتنظيمات إرهابية، حسب مرسوم وزارة الداخلية بـ«جزر القمر»، وارتفع بقوة منسوب التصدع بجدران تنظيم الإخوان، وتفاقمت الأزمات.
ومنذ أيام عاد المعارض السياسى ممدوح حمزة إلى القاهرة، قادماً إليها من لبنان بعد فترة غياب استمرت لـ3 سنوات، حيث رحب به مسئولون فى مطار القاهرة، وأخبروه بأن مصر ترحب به وبجهود أبنائها المخلصين، وكل هذه التطورات تمثل خسارة فادحة للإخوان، وهذا كله نتاج توجّه داخل البلاد وليس خارجها.
وفى الداخل الإخوانى، تتأثر جماعة الإخوان فى مصر بالصراع الدائر والمحتدم بين جبهتى لندن وإسطنبول على قيادة الجماعة وهى الخلافات الأكثر شدة وتعقيداً منذ نشأة الجماعة حتى اليوم، إخوان مصر تلقوا ضربة كبيرة من بعد عزلهم من حكم مصر، وقلَّ تأثيرُهم فى القدرة على صناعة الحدث.
وفى المجمل فإن الصراع الدائر بين جبهتى لندن وإسطنبول له تأثير سلبى على الجماعة التى أغرقها التنظيم فى معركة خاسرة، ثم انتهى إلى تنازع وشقاق وصراع بين مَن أوردوهم المهالك.
الإخوان فى مصر يعانون -ككل الأفرع -من أزمات طاحنة تشغلهم عن الصراع بين الجبهتين، لا سيما مع نجاح الأمن المصرى فى تقويض التنظيم، وضيق الأفق أمام غياب بوادر أى انفراجة لإخوان مصر.
وإخوان مصر أقرب تاريخياً وتنظيمياً ونفسياً لجبهة إسطنبول، وسبق أن أعلنوا فى بيان عنوانه: «ليسوا منا ونحن لسنا منهم»، معلنين فيه بطلان جبهة منير، لكن حتى وضع التنظيم اليوم فى مصر يصعِّب من اتخاذ موقف قوى ومؤثر، نظراً لمعاناة التنظيم فى مصر من التشظّى، لكن داخل إخوان مصر هناك أصوات تنادى برفض جبهة إسطنبول لعدم قدرتها على إدارة الجماعة، حسب وجهة نظرهم.
إخوان مصر
بعض التقارير لا تستبعد انفصال مجموعة إخوان مصر عن الجبهتين!، ويظل موقف الأفرع بما فى ذلك الفرع الأهم (إخوان مصر) مرهوناً بما تسفر عنه الأحداث والولاءات الشخصية لأطراف النزاع، بعد الأخبار التى تناقلتها بعض الصحف عن تعيين صلاح عبدالحق -جبهة لندن- مرشداً لجماعة الإخوان.
ولذلك تسعى جبهة إسطنبول للحصول على دعم كامل من إخوان مصر، ويحاول محمود حسين كسب تأييد القواعد التنظيمية ونائبى المرشد محمود عزت وخيرت الشاطر، واستمالة بعض الأصوات التى تظهر المعارضة لجبهة إسطنبول، بعدما زعمت جبهة لندن أن الشاطر ومحمد بديع أرسلا رسائل دعم لجبهة لندن.
سيظل موقف إخوان مصر -فى غالب الظن- هو التشتت والتحير والولاءات الشخصية ما لم يصدر قرار من قيادات الجماعة المحبوسين يمنح الشرعية ويعزز موقف أحد الأطراف، لكن هذا الاحتمال صعب المنال، لأن أجهزة الدولة فى مصر ستحول دون تحقيقه، ولن تسمح بالمحبوسين بالتواصل مع الخارج، لأنها تحاصر التنظيم بقوة، ومن هنا تظل الرؤية غير واضحة، والانقسامات قائمة، والضبابية تحكم موقف إخوان مصر الذين يعانون الفوضى والانقسام، ويرون الجبهتين تتبادلان الاتهامات الأخلاقية والمادية علانيةً، ولا أستبعد قيام بعضهم بإنهاء عضويته.