إخونجية تونس يستثمرون في الموقف الأمريكي لفرض المحكمة الدستورية
يسعى إخونجية تونس إلى قطع الطريق على الرئيس قيس سعيد، لتفصيل محكمة دستورية على مقاسها، وتستثمر في سعيها الضغوط الأميركية الرامية لفرض هذا الخيار، ما من شأنه أن يساهم في تأزيم المشهد السياسي في تونس.
البرلمان التونسي الثلاثاء يعقد جلسة عامة للنظر في مصير مشروع لتعديل قانون المحكمة الدستورية رفضه الرئيس سعيد وذلك تمهيدا لانتخاب أعضاء المحكمة بضغط من حركة النهضة الإخونجية.
وفي وقت سابق طالبت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان بضرورة تركيز المؤسسات الدستورية مشددة في هذا السياق على أهمية إرساء المحكمة الدستورية في خطوة رحبت بها قيادات من النهضة فيما شجبتها قيادات أخرى ما يعكس تكريسا للحزب لإطلاق مواقف متناقضة استرضاء للجميع.
وقال القيادي بالحركة رضوان المصمودي، الذي يحمل أصلا الجنسية الأميركية، تعكس احتفاءه بالضغوط الأميركية “عاجل: الخارجية الأميركية تطالب تونس رسميا بتركيز المحكمة الدستورية واستكمال المؤسسات الدستورية والديمقراطية” في تدوينة أثارت جدلا واسعا.
تنديد بالتدخل الأجنبي
في المقابل، ندد القيادي بالحركة سمير ديلو بالترحيب بالتدخل الأجنبي في شؤون تونس قائلا “لا خير في مؤسسات تُستكمل بتدخل أجنبي، وخاطئ من يبشر أو يرحب بهكذا تدخل”.
ويأتي ذلك في وقت يستعد فيه البرلمان لمناقشة عدم إمضاء الرئيس سعيد لتعديلات أدخلها المجلس النيابي على قانون المحكمة الدستورية وإدخالها حيز التنفيذ.
وسارعت النهضة وحلفاؤها في البرلمان من وتيرة تحركاتهم بهدف استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
وتُحذر أوساط سياسية تونسية من تداعيات هذه الخطوات خاصة أن الجلسة المخصصة لمناقشة امتناع الرئيس سعيد عن إمضاء التعديلات التي مررتها النهضة وحلفاؤها في البرلمان على قانون المحكمة ستتحول إلى ما يشبه المحاكمة للرئيس سعيد ما سيعيد أجواء التوتر إلى الساحة السياسية في البلاد بعد بروز بوادر عن إمكانية التوصل إلى تهدئة بين مختلف الأطراف.
رفض جلسة الثلاثاء
وأعرب عضو مكتب البرلمان المكلف بالعلاقة مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية مبروك كرشيد عن رفضه لعقد جلسة الثلاثاء “التي ستساهم في المزيد من تعكير الأوضاع”.
وقال كرشيد، إنه “هناك من عدل بوصلته على الخارج لذلك يهلل للتدخلات الخارجية في الشأن التونسي، نحن بوصلتنا معدلة على تونس فقط، المحكمة الدستورية هي استحقاق وطني طالبت به أجيال منذ عهد بن علي وبعده وننظر له في إطار مصلحة وطنية، أي مؤسسة تقتضيها المصلحة الوطنية فإننا سنسعى إلى تركيزها ولكن لا أهلا ولا سهلا بمؤسسة تحت إملاءات خارجية”.
الضغوط الأميركية
وعاشت الساحة السياسية في تونس على وقع سجالات الأيام الماضية إثر ما وُصف بالضغوط الأميركية من أجل إرساء المحكمة الدستورية على خلفية تصريحات مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان.
وخرج الحديث عن التدخلات الخارجية في الأزمة التونسية مؤخرا إلى العلن أكثر لاسيما إثر لقاء الرئيس سعيد برئيس البرلمان الذي يرأس أيضا حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي والذي قالت أوساط سياسية إنه جاء استجابة لضغوط خارجية.
وترى جهات سياسية تونسية أن النهضة تسعى لاستغلال تلك الضغوط والمواقف خاصة الأميركية منها لدفع الرئيس سعيد على القبول باستكمال إرساء الهيئات الدستورية في مقدمتها المحكمة الدستورية التي يتوجّس كثيرون من أن تكون على مقاس الحركة الإسلامية لاسيما أنها تقود تحالفا برلمانيا يمكنها من انتخاب أعضائها.
وقال النائب البرلماني حاتم المليكي إن “النهضة بجلسة الثلاثاء تحاول استغلال البرلمان بطريقة سيئة حيث ستتحول الجلسة إلى محاكمة لرئيس الجمهورية وهو ما لا يتلاءم مع حديث النهضة عن الرغبة في الإصلاح والحوار فعوض مناقشة الوضع العام والصحي الصعب في البلاد تريد النهضة الخوض في مثل هذه المسائل لتبعث برسائل مفادها أنها تسيطر على البرلمان”.
وتابع المليكي لـ”العرب” أن “النهضة تحاول استغلال المواقف والتصريحات الأميركية من أجل الضغط وفرض أجنداتها خاصة المحكمة الدستورية لأن المحكمة الدستورية ليست هي فقط المعطلة، هناك هيئات أخرى معطلة، ناهيك عن أن تلك التصريحات والمواقف الأميركية جاءت في سياقات أخرى تماما”.
وأوضح أن “الأخطر في ذلك هو محاولة استجلاب الأجنبي وأصدقاء تونس في الصراعات الداخلية”.
وتأتي هذه المستجدات في وقت حدد فيه البرلمان تاريخ الثامن من يوليو المقبل لاستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية في خطوة قد تؤجج الخلافات بين أطراف الأزمة السياسية في البلاد.