إرهاب أردوغان الذي يتجاهله الغرب
علي قاسم
عندما يتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الإرهاب، عن أي إرهاب يتحدث؟ هل الإرهابيون الذين يشير إليهم هم عناصر داعش والقاعدة؟ أم أن داعش والقاعدة بالنسبة إليه “أهل تقوى”؟
يقول أردوغان إن من يمد الإرهابيين بالأسلحة، لتحقيق مكاسب يصبو إليها، هو شريك يتحمل وزر دماء المسلمين المراقة. هذا ما أكده خلال لقائه مع أفراد من الجالية التركية ومسلمين في نيويورك التي يزورها للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فهل يكون الإرهابيون الذين أشار إليهم أردوغان، هم من يحاربون داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات “الجهادية”؟
أردوغان، الذي ساهم بشكل مباشر في إشعال النار داخل سوريا، وفتح الحدود التركية لأفواج اللاجئين ليستخدمهم لاحقا في الضغط على أوروبا وابتزازها، ثم عاد يهدد بطردهم من تركيا، يقول إنه لا يستطيع التزام الصمت إزاء الغرب الذي يعادي السامية ويناهض اللاجئين. ويتساءل، كيف يمكن لأي كان أن يلتزم الصمت إزاء ظاهرة الإسلاموفوبيا والعداء للسامية ومناهضة اللاجئين والأجانب المتزايدة في البلدان الغربية؟
من يستمع لحديث أردوغان، وهو يقول بخشوع إنه لا يفرق بين الناس إلا بالتقوى، يظن أنه في حضرة “ماما تيريزا”، لا في حضرة دكتاتور حريص على أن يملأ سجون تركيا بالمعارضين ورجال الصحافة، و”يتحسس مسدسه كلما سمع كلمة مثقف”.
لا يخفى على الغرب، خصوصا الولايات المتحدة، أن أردوغان يرعى تنظيم داعش، ويمده بالموارد والمساعدات المادية، منذ عام 2012. ويسهّل رجال الجمارك الأتراك، بإيعاز من جهاز المخابرات التركية، تدفق مقاتلي التنظيم عبر الحدود المشتركة مع العراق وسوريا.
نيويورك بوست، التي تساءلت لماذا لا يتناول الإعلام علاقة حكومة أردوغان بداعش؟ كتبت بسخرية قائلة، كان من الأجدر بالأميركيين أن يوفروا انزعاجهم من محاولات أردوغان التأثير على الكونغرس الأميركي، ومن سجله المخزي كسجان للصحافيين، ومن حرب الإبادة ضد الأكراد، فما يستحق أن يثير الانزعاج هو التزام أردوغان بـ”الجهاد” العالمي، خصوصا رعايته إرهابيي داعش.
كثيرا ما يكون الكذب ضرورة يلجأ إليها السياسيون، الذين يحرصون على أن تكون الكذبة منطقية يمكن تصديقها. أردوغان حالة مختلفة، عندما يتعلق الأمر بالكذب، هو تلميذ مخلص لوزير الدعاية السياسية النازي غوبلز، يستمر في الكذب آملا أن يصدقه الناس، رغم أن الكذبة مكشوفة.
معظم مقاتلي داعش، الذين احتشدوا في العراق وسوريا وأعلنوا هناك دولة الخلافة الإسلامية، مروا عبر تركيا، والدليل عشرات المقاتلين الذين أسرتهم قوات كردية مناصرة للولايات المتحدة، ووجدت بحوزتهم جوازات سفر ممهورة بأختام تركية.
ومع ذلك لم يجد الرئيس التركي حرجا، خلال استضافته قادة الجالية المسلمة في أميركا لمشاركته مأدبة طعام في فندق بينينسولا في نيويورك هذا الأسبوع، في التعبير عن استيائه من تجاهل مطالب المسلمين في الحرية، بسبب تنظيمات إرهابية لا علاقة لها بالإسلام، مثل القاعدة وداعش وحركة الشباب وبوكو حرام، وبالطبع لم ينس إضافة فتح الله غولن إلى القائمة.
خلط الأمور ميزة أخرى من ميزات يتمتع بها أردوغان، إلى جانب الكذب، فهو يرى أن تلك التنظيمات الإرهابية تخدم فقط مصالح الإمبريالية، ويبدي الأسف لأن دولا تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، تتجاهل جرائم ترتكبها تلك التنظيمات.
لن يستطيع أردوغان أن يقول “غَلْطُونِي”، والسبب أن رعاية تركيا لداعش تبدأ من أعلى هرم السلطة في البلاد. في عام 2016 نشرت “ويكيليكس” 58 ألف رسالة بريد إلكتروني توثق تورط صهر أردوغان، بيرات البيرق، في تسويق النفط المسروق من سوريا والعراق لحساب داعش.
هيئات طبية كاملة التجهيز أنشأتها سمية أردوغان ابنة الرئيس التركي، لعلاج مقاتلي داعش المصابين في شانلي أورفة، وهي مدينة في جنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية.
الأدلة على دعم أردوغان، المباشر والشخصي، لتنظيم داعش والجماعات الإرهابية المرتبطة به كثيرة، فلماذا إصرار الإعلام الغربي على تجاهل ذلك؟