إسرائيل تمارس عملية تغيير ديموغرافي على الأراضي الفلسطينية
تواصل إسرائيل تنفيذها لعملية تغيير ديموغرافي على أراضي الضفة الغربية المحتلة من دون توقف، وتدير نظام “تفوّق يهودي” في كافة المنطقة الممتدّة بين النهر والبحر، بحسب تقرير جديد لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بتسيلم”.
وأكدت “بتسيلم” في تقريرها يوم الثلاثاء، أن “حقيقة أن إسرائيل لم تضمّ الضفة الغربيّة رسميّاً، لا تعيقها عن التصرّف وكأنّها داخل حدودها، خاصّة في ما يتعلّق بالاستيطان وتوظيف الموارد الهائلة لتطوير المستوطنات والبُنى التحتيّة المسخّرة للتّشبيك بين سكّانها”.
وأضافت: “عبر تكريس هذه السّياسة، أقامت إسرائيل أكثر من 280 مستوطنة وبؤرة استيطانيّة، إضافة إلى نحو 20 مستوطنة في القدس، وأسكنت فيها أكثر من 440 ألف مستوطن، ولا يشمل ذلك شرقيّ القدس التي يعيش فيها 300 ألف مستوطن، ونهبت أكثر من مليوني دونم من الأراضي الفلسطينيّة (الدونم يعادل 1000 متر مربع) بشكل رسميّ وغير رسميّ، وشقّت شوارع تربط المستوطنات ببعضها البعض، كما تربطها بأراضي دولة إسرائيل غرب الخطّ الأخضر، وبهذه السّياسة تمكّنت أيضاً من إقامة المناطق الصناعيّة، وأدى تطبيق هذه السياسة على مدار عشرات السّنين إلى تمكينها من تغيير تضاريس الضفة الغربيّة بحيث اختفت ملامحها السابقة”.
واستعرض التقرير، الآليّات الاقتصاديّة والقضائيّة والتخطيطيّة التي سخّرتها مختلف السّلطات الإسرائيليّة على مدار أكثر من 5 عقود، فمكّنتها من إقامة المستوطنات وتثبيتها وتوسيعها ضمن التركيز على جانبين أساسيّين”.
وأضاف التقرير أن الجانب الأول يتمثّل في “سعي مختلف سلطات الدّولة إلى تشجيع اليهود على الانتقال للسّكن في المستوطنات وإقامة وتطوير مبادرات اقتصاديّة فيها وفي محيطها، وتقديم الكثير من الامتيازات والمحفّزات للمستوطنين عبر قنوات رسميّة وغير رسميّة، بشكل يمكّن حتى من ليس لديهم الإمكانيّات الماليّة الكافية، من شراء منزل في المستوطنات والانتقال للسّكن فيها”.
وأشار إلى أن هذه “الامتيازات تعدّ من عوامل تسريع تزايُد السكّان في مستوطنات اليهود المتدينين (الحريديم) الكبيرة في الضفة الغربيّة، على غرار موديعين عيليت، وبيتار عيليت، إضافة إلى نحو 30 مستوطنة بعضها متينة اقتصاديّاً، يحصل سكّانها على امتيازات ضريبيّة كبيرة تصل إلى 200 ألف شيكل سنويّاً (نحو 60 ألف دولار) لكلّ مكلّف”.
وأضاف التقرير: “كذلك تقدّم السّلطات الإسرائيليّة امتيازات ومحفّزات للمناطق الصّناعيّة في الضفة الغربيّة، عبر تخفيض أسعار الأراضي ودعم تشغيل القوى العاملة”، وهو ما “يشجّع على تزايُد عدد المصانع في المناطق الصناعيّة الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة بشكل متواصل، كما تشجّع اليهود على إقامة بؤر استيطانيّة قرويّة جديدة في الضفة الغربيّة، والاستيلاء من خلالها على مساحات واسعة من الأراضي الزراعيّة والمراعي الفلسطينيّة”، على غرار “نحو 40 بؤرة استيطانيّة قرويّة استولت فعليّاً على عشرات آلاف الدّونمات خلال العقد الماضي”.
وأشار التقرير إلى أن الجانب الثاني يتمثل في “الأثر الذي أحدثته كتل المستوطنات في تضاريس الضفة الغربيّة عبر تقطيعها عرْضيّاً من شرقها إلى غربها”.
وأضاف أن كتلة المستوطنات الأولى أقيمت جنوب بيت لحم، وتشمل من الغرب مستوطنتين هُما “بيتار عيليت” و”إفرات”، ومستوطنات يجمعها مجلس إقليمي “غوش عتصيون” التي تطوّق بيت لحم وقُراها حتى أطراف برية الخليل (صحراء يهودا) في الشرق في منطقة مستوطنة “نوكديم”.
وبيّن أن كتلة المستوطنات الثانية أقيمت وسط الضفة الغربيّة وتشمل “أريئيل” و”رحليم” و”عيلي” و”معليه لبونه” و”شيلو” والبؤر الاستيطانيّة التي حولها، وتقطع هذه الكتلة الضفة الغربيّة عرْضيّاً، وتمتدّ حتى سفوح الجبال المطلّة على منطقة الأغوار.
وأكد التقرير أن إسرائيل تسعى في هذا الصّدد سعياً دؤوباً لزيادة عدد السكّان في كتل المستوطنات، وتوسيع مسطّحاتها عبر تخطيط أحياء جديدة وتطوير البنى التحتيّة، وإعداد الخرائط الهيكليّة، وتخصيص احتياطي من الأراضي للتطوير والبناء مستقبلاً.
وفي نفس السياق، ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعث برسالة إلى الإسرائيليين يسألهم فيها عمن “سيحمي المستوطنات الإسرائيلية من الرئيس الأميركي جو بايدن”.
وجاء في نص الرسالة: “من الذي سيحمي المستوطنات من الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة؟”، تاركاً الخيارات لرئيس الوزراء، وزعيم تحالف “يمينا”، نفتالي بينيت، ورئيس حزب “الصهيونية الدينية” عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، ورئيس حزب “الأمل الجديد” جدعون ساعر.
وأكد حزب الليكود أنه مصدر الرسالة كما يقتضي القانون. ولكنه نأى بنفسه عن محتواها، وفقاً للصحيفة.
وعلى الرغم من توقيع الرسالة النصية وإرسالها من قبل حزب الليكود، قال مدير حملة الحزب آرون كلاين والمتحدث السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوناتان أوريتش، إن مفهوم حماية المستوطنات من بايدن “ليس رسالة انتخابية، وليس شيئاً يقوله رئيس الوزراء”. وذكرت الحملة أنها رسالة من سلسلة رسائل نصية تُستخدم لجمع البيانات عن الناخبين.
وقال أوريتش إن الرسالة “واحدة من نحو 100 سؤال نستخدمه”، وقال إن الرسائل مكتوبة من قبل شركة لجمع البيانات يستعين بها الليكود، رافضاً ذكر اسمها، مشيراً إلى أنه لم تتم الموافقة عليها جميعاً بشكل مباشر من قبل كبار مسؤولي الحملة.
ومن جانبه قال كلاين إن الرسالة المتعلقة بحماية المستوطنات من بايدن وصلت إلى 60 ألف يهودي متدين.
ويعدّ بايدن، وفقاً للصحيفة، من المعارضين القدامى للمستوطنات، إذ يعود الأمر إلى زيارته الأولى لإسرائيل في عام 1973، والتي تحدث فيها لرئيسة الوزراء آنذاك غولدا مائير، ضد تلك المستوطنات.
وأوضحت الصحيفة أنه في عام 1982، اندلعت مواجهة بين بايدن ورئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن حول الأمر، عندما التقى الأخير بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.
وبحسب ما ورد في الصحيفة، فقد ضرب بايدن بيده على مكتبه، وأشار بإصبعه إلى بيغن. وأجاب بيغن حينها: “أنا لست يهودياً ترتجف ركبتي… لن تخيفني بالتهديدات”.
وفي عام 2010 ، أعلنت الحكومة عن 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس بينما كان بايدن، نائب الرئيس آنذاك، يزور إسرائيل، ما أدى إلى توتر دبلوماسي.