إسقاط النظام مطلب الجماهير الغاضبة في لبنان
المظاهرات مستمرة لليوم الثالث على التوالي
في ثالث يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أنحاء البلاد، تدفق آلاف المتظاهرين على شوارع لبنان، السبت، موجهين غضبهم نحو النخبة السياسية التي يلقون عليها بمسؤولية دفع الاقتصاد صوب الهاوية، بينما قالت الرئاسة اللبنانية في تغريدة مقتضبة “سيكون هناك حل مطمئن للأزمة”.
وأغلق محتجون في جنوب وشرق وشمال البلاد الطرق، وأحرقوا إطارات سيارات، ونظموا مسيرات في الشوارع، على الرغم من انتشار مسلحين موالين لحركة أمل الشيعية، مدججين بأسلحة ثقيلة لإخافتهم.
وفي وسط بيروت امتزج الغضب بأجواء احتفالية، وشارك محتجون من كل الأعمار في المظاهرات، ولوحوا بعلم بلادهم وهم يهتفون بشعارات الثورة أمام متاجر راقية ومصارف تحطمت واجهاتها في أعمال شغب شهدتها المنطقة الليلة الماضية.
وقال محمد عواضة (32 عاما) وهو عاطل عن العمل: “البلد يتجه نحو الانهيار الشامل في كل المجالات. هذا النظام فشل في قيادة لبنان ويجب إسقاطه”.
وأمهل رئيس الوزراء سعد الحريري أمس الجمعة شركاءه في الحكومة 72 ساعة للاتفاق على إصلاحات من شأنها تجنيب البلاد أزمة اقتصادية، ملمحا لاحتمال استقالته إن لم يحدث هذا.
واندلعت الاضطرابات الأخيرة بدافع الغضب من ارتفاع تكاليف المعيشة، وخطط فرض رسوم جديدة، منها رسوم على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب، وهي خطوة تراجعت عنها السلطات سريعا بعد تفجر أكبر احتجاجات في البلاد منذ أعوام.
وقال الأمين العام حزب الله حسن نصر الله، السبت، إنه لا يؤيد استقالة الحكومة، وإن البلاد ليس لديها متسع من الوقت لمثل هذه الخطوة نظرا للأزمة الاقتصادية الحادة.
وردا على خطابه هتف اللبنانيون، قائلين: “كلن يعني كلن ونصر الله واحد منن”، في إشارة إلى رغبتهم في إبعاد السلطة الحاكمة عن المشهد السياسي، بما في ذلك ميليشيا حزب الله وزعيمها حسن نصر الله.
وهدد نصرالله بنزول أنصاره إلى الشارع، قائلا: “حركتنا مش بسيطة، إذا ننزل على الشارع ده مش قرار بسيط، يعني البلد كله بيروح لمسار مختلف، إن شالله ما ييجي وقته، وإذا جه وقته ستجدونا جميعًا في الشارع في كل المناطق وسنغير كل المعادلات”.
ورفض المتظاهرون تهديد نصر الله، وقال بعضهم: “نحن نريد الدولة، ونرفض دويلة يديرها شخص مختبئ”، في إشارة إلى سلطة حزب الله الواسعة على القرار اللبناني.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، في حديث لسكاي نيوز عربية: “يجب إلغاء هيمنة الميليشيات والأحزاب على القرار الرسمي”.
ويرى السنيورة أن استقالة الحكومة “لا تعني تغييرا حقيقيا كما يريده الناس بل يجب إلغاء سلطة حزب الله على الدولة. حزب الله يمارس قبضة حديدية على لبنان والحكومة”.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لرد فعل الشارع الرافض لخطاب نصر الله. وفي ساحة رياض الصلح، أكبر الساحات في العاصمة بيروت، أصر المتظاهرون على مطالبهم القاضية بإبعاد كل رموز السلطة الحاكمة عن المشهد السياسي، بما في ذلك حسن نصر الله”.
ويشارك متظاهرون من مختلف الطوائف والدوائر في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام، ورفع المحتجون لافتات وهتفوا بشعارات تطالب برحيل حكومة الحريري.
وفي جنوب لبنان هاجم مسلحون من حركة أمل، الموالية لرئيس البرلمان نبيه بري، متظاهرين سلميين مزقوا ملصقات لصورته، وهتفوا بشعارات تتهمه بالفساد. ومنعوا فرق التغطية التلفزيونية من تصوير تلك الاحتجاجات.
وفي أول تعليق له، أكد الجيش ، السبت، “تضامنه الكامل” مع مطالب المتظاهرين، في بيان صادر عن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني.
وقالت قيادة الجيش إنها “وإذ تؤكد تضامنها الكامل مع مطالبهم (المتظاهرين) المحقة، تدعوهم إلى التجاوب مع القوى الأمنية لتسهيل أمور المواطنين”، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
ودعا البيان “جميع المواطنين المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المرتبطة مباشرة بمعيشتهم وكرامتهم، إلى التعبير في شكل سلمي وعدم السماح بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة”.
وفي مدينة صور الساحلية بالجنوب امتلأت الشوارع بالمحتجين. وقالت سيلفيا يعقوب، وهي مديرة مختبر عمرها 29 عاما: “أنا مشاركة لأنه صار 30 سنة رجال الحرب حاكمين. أنا راح يصير عمري 30 سنة وبعدهم أهلي بيقولوا بكرة أحلى، وأنا ما عم بشوف نهار أحلى إلا إذا أخدت حقي بإيدي.
وتضيف يعقوب “بدنا المصاري المنهوبة، بدنا كلهم يستقيلوا لأنه 30 عائلة حكمت، واحنا 5 ملايين واحد، ما بقى نقبل”.
وتعهدت الحكومة، التي تضم كافة الأحزاب اللبنانية تقريبا، بعدم فرض ضرائب جديدة لدى سعيها لإقرار موازنة 2020.
وقال وزير المالية بعد لقاء مع رئيس الوزراء سعد الحريري إنهما اتفقا على موازنة نهائية لا تتضمن أي ضرائب أو رسوم إضافية، وذلك في محاولة لتهدئة احتجاجات واسعة النطاق.
من جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر “سيكون هناك حل مطمئن للأزمة”.
ومن شأن إقرار الموازنة أن يساعد لبنان على الحصول على مليارات الدولارات التي تعهد بها المانحون الدوليون، شريطة تطبيق إصلاحات طال انتظارها للقضاء على الهدر في الإنفاق وعلى الفساد.