إعلام الإخوان: مصر هي الهدف وليست إسرائيل
مرة أخرى نعود معاً لكي نفحص أداء إعلام جماعة الإخوان الموجه لمصر، سواء التقليدي منه أو على شبكات التواصل الاجتماعي، وسواء قام به أعضاء منتمون للجماعة أو “ملتحقة” بهم من تيارات أخرى، والموجه من الخارج تجاه مصر، حكماً وشعباً ونخباً.
وهذه المرة لكي نرى القضايا والموضوعات التي يركز عليها، وسط ما تشهده الأراضي الفلسطينية وفي مقدمتها قطاع غزة من عدوان إسرائيلي دموي متواصل دخل الآن شهره الثامن.
والواضح من المتابعة المدققة لهذا الإعلام أنه فيما يخص الأوضاع الميدانية والسياسية المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة، فهو يقدم تغطيات إخبارية يبدو أنها فقط لإظهار الاهتمام بما يجري من أحداث الحرب وتداعياتها الإنسانية والسياسية، الداخلية والخارجية.
وعلى هذا الصعيد، لا يقدم الإعلام الإخواني جديداً يذكر على مستوى التغطية، فهو فقط يعيد بث ونشر ما تتناقله وسائل الإعلام العربية والعالمية عما يجري، دون أي إضافة لا على المستوى الإخباري ولا على المستوى التحليلي، حيث يستضيف للمستوى الأخير نفس القائمة الصغيرة ممن يطلق عليهم “الخبراء والمتخصصين”، والذين دأب طوال الأوقات وتقريباً في كل القضايا على الاستعانة بهم.
وبصورة مباشرة وانسجاماً مع “سبب وجوده”، وهو التفرغ الكامل لمهاجمة نظام الحكم في مصر والتحريض عليه بكل السبل التي يصل إليها، بغض النظر عن مشروعيتها أو صدقها أو دقتها، فإن هذا الإعلام الإخواني يستخدم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بكل تفاصيله الدموية والإنسانية شديدة البشاعة، فقط من أجل تحقيق “سبب وجوده” هذا.
فعين هذا الإعلام المغرضة وتوجهه الدائم لتشويه نظام الحكم المصري، لا تجعلانه يرى في التحركات المصرية الكثيفة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على كل الأصعدة، السياسية والدبلوماسية والإنسانية والإغاثية، سوى ما يبحث عنه من “سلبيات” مصطنعة و”سيئات” مختلقة، باذلاً في سبيل هذا أقصى ما يمتلكه من مهارات وخبرات “الفبركة” ولي الحقائق وبث الإشاعات الكاذبة، وكل الأدوات والمناهج التي أفضنا في رصدها وتحليلها بعديد من مقالاتنا في هذه المساحة.
والمفارقة المفجعة في المصادر التي يعتمد عليها إعلام الإخوان في سعيه لتشويه المواقف المصرية الراسخة والمعلنة تجاه العدوان الإسرائيلي ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق، هي أنها في غالبيتها الساحقة مصادر إعلامية إسرائيلية، من تلك التي تبث عن “مسؤولين مجهولين” إسرائيليين بصورة متعمدة، وبالطبع “كاذبة”، ما قد تحتاجه الحكومة الإسرائيلية من نشر إشاعات حول المواقف المصرية، سعياً يائساً نحو الضغط على مصر من أجل تراجعها عن ما تتخذه وتعلنه من هذه المواقف الرافضة والمنددة بالتحركات والتوجهات الإسرائيلية على كل الأصعدة. وهكذا، يتحول إعلام الإخوان إلى مجرد “بوق” ترديد للدعاية الإسرائيلية السوداء ضد حكم بلدهم مصر، “لعقابه” على مواقفه المبدئية المعلنة والراسخة دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتخفيفاً من المأساة التي يعاني منها في قطاع غزة.
واللافت أن هذا الإعلام الذي يمثل جماعة تزعم تمسكها بالإسلام إطاراً على الأقل لسلوكها، وتدعي أنها تقف طوال الوقت مع الشعب الفلسطيني وقضيته ومقاومته، يتجاهل متعمداً وطوال الوقت مصدرين رئيسيين للتعرف على حقيقة المواقف المصرية الراسخة والمعلنة.
المصدر الأول هو الشعب الفلسطيني نفسه في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وسلطته الوطنية وكل منظمات وفصائل المقاومة الممثلة له وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، والذين لم يتوقفوا جميعاً منذ اليوم الأول للعدوان، لا عن التواصل المباشر مع السلطات المصرية والمجيء للقاهرة، ولا عن الإشادة عشرات المرات بالمواقف المصرية المشرفة والثابتة والمعلنة والعملية دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وأما المصدر الثاني الذي يتجاهله الإعلام الإخواني متعمداً، فهو التصريحات العلنية المتكررة لعديد من المسئولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبعض من وزرائه، والتي تهاجم مصر متهمة إياها بتقديم كل أنواع الدعم المادي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بما يساعدها على مواجهة العدوان الإسرائيلي طوال هذه الشهور.
إن إعلام الإخوان لا يفعل شيئاً في الحقيقة في تغطيته “المعوجة” وغير الأخلاقية، وبالقطع غير المهنية، لحرب إسرائيل على غزة، سوى الالتفاف بعيداً عن هذا الحدث المركزي وأهميته القصوى لقضية فلسطين وشعبها الشقيق، لكي يحاول – بلا أي جدوى – استغلالها في تحقيق “سبب وجوده”، وهو مهاجمة الحكم المصري وتشويهه والتحريض عليه، وهو ما لم يتوقف عنه منذ لحظات وجوده الأولى قبل أكثر من عشر سنوات.