اتفاق مصري تونسي على مواجهة التدخلات الخارجية ومكافحة الإرهاب
هجوم إخونجي على سعيد بسبب زيارة مصر
خلال مباحثات ثنائية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وقيس سعيد، في القاهرة اليوم السبت، اتفقت مصر وتونس على ضرورة مواجهة التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، كما تم مناقشة قضايا المنطقة والملف الليبي والتعاون المشترك.
وصرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مصر، بأنه “تم عقد جلسة مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث أكد الرئيس السيسي حرص مصر على بذل المزيد من الجهد للدفع قدماً بأطر التعاون الثنائي على شتى الصعد، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز قنوات التواصل الفعال بين الجانبين على المستوى الاقتصادي وتعظيم حجم التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات البينية، فضلاً عن زيادة التشاور بين البلدين الشقيقين بشأن مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، خاصةً في ظل العضوية الحالية لتونس بمجلس الأمن”.
قيس سعيد
من جانبه، أكد الرئيس التونسي، بحسب راضي، “اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من روابط وعلاقات وثيقة ومتميزة على المستويين الرسمي والشعبي”، مشيداً “بما حققته مصر خلال السنوات الماضية على الصعيد الداخلي من إنجازات في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية، والتي أفضت إلى استعادتها لدورها الرائد والفعال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما لذلك من انعكاسات مستقبلية إيجابية على العمل الإفريقي والعربي المشترك، وجهود التوصل لتسويات سياسية للأزمات القائمة بالمنطقة، بالإضافة إلى دفع جهود التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي”.
وأكد سعيّد “حرص تونس على تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق مع مصر على كافة المستويات سواء فيما يتعلق بالموضوعات الثنائية أو بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
كما أكد سعيد خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباحثات أن “الأمن القومي لمصر هو أمننا”.
التعاون الأمني
في سياق متصل، أوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أن “اللقاء شهد تباحثا حول سبل تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات، لا سيما في ظل وجود العديد من التحديات المشتركة التي يواجهها الجانبان، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث تم التوافق حول ضرورة تدعيم التعاون الأمني وتبادل المعلومات في هذا الإطار”.
وشهد اللقاء أيضاً تباحثا حول آخر تطورات القضية الليبية، حيث توافق الرئيسان على ضرورة تكثيف التنسيق المشترك في هذا الصدد، بالنظر إلى أن مصر وتونس تمثلان دولتي جوار مباشر تتقاسمان حدوداً ممتدة مع ليبيا، مما يؤدي إلى انعكاسات مباشرة لاستمرار الأزمة الليبية على الأمن القومي لهما.
ليبيا وسد النهضة
ورحب الرئيسان بتشكيل السلطة التنفيذية الليبية الجديدة، وأكدا حرصهما على الاستمرار في دعم الشعب الليبي لاستكمال آليات إدارة بلاده، وتثبيت دعائم السلم والاستقرار، لصون المقدرات والمؤسسات الوطنية الليبية وتفعيل إرادة شعبها، والعمل على وقف مختلف أشكال التدخل الخارجي في ليبيا، بما يساهم في وضع ليبيا على المسار الصحيح وتهيئة الدولة للانطلاق نحو آفاق البناء والتنمية والاستقرار.
وتم التطرق خلال المباحثات إلى عدد آخر من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً قضية سد النهضة، حيث استعرض السيسي آخر التطورات في هذا الصدد. وثمن الرئيس التونسي من جانبه “الجهود المخلصة التي تبذلها مصر للتوصل إلى اتفاق عادل وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل السد لحفظ حقوقها المائية التاريخية في مياه النيل”.
هجوم إخونجي على سعيد
وشنت الصفحات المقربة من حركة النهضة الإخونجية، على الشبكات الإجتماعية، هجوما حادا على قيس سعيد بسبب الزيارة، في سياق هجوم واسع ضده يجري منذ شهور بسبب توتر علاقته بالحركة ورئيسها راشد الغنوشي.
ولم يتوقف الهجوم ضد سعيد عند شبكات التواصل الإجتماعي، حيث ندد الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي بالزيارة واعتبر أن قيس سعيد لم يعد يمثله بعد أن زار القاهرة.
وقال المرزوقي، المقرب من الحركة الإخونجية، على صفحته الرسمية: “سعيد لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول للسلطة، ولا يمثل استقلال تونس، ووحدة دولتها ومصالحها وقيمها”.
ويفسر الكاتب والباحث التونسي، أنس الشابي، هذا الهجوم الإخونجي، بالموقف العام للجماعة من النظام السياسي في مصر، حيث خسرت الجماعة أكبر قاعد حكم ونشاط في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013.
ويقول الشابي: “لم تصدر بيانات رسمية من حركة النهضة حول زيارة الرئيس إلى مصر، إلا أن شخصيات مقربة منها وصفحات تابعة لها عبرت عن موقف واضح، بوصف قيس سعيد اليوم أحد أبرز خصوم أو أعداء الحركة داخل تونس”.
وأضاف الشابي: “كما يكنّ الفرع التونسي للإخوان عداوة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي حرم بتحركه في 2013 الجماعة الأم في مصر من السيطرة على أكبر بلد عربي، والذي كان في مشروع الجماعة سيشكل قاعدة انطلاق للسيطرة على بقية الدول العربية”.
توقيت الزيارة
وتأتي زيارة الرئيس التونسي الأولى إلى القاهرة في سياق إقليمي حساس، حيث تخوض مصر جولة جديدة من العمل الديبلوماسي لدعم موقفها في قضية سد النهضة مع إثيوبيا، وكذلك ترتيب الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، في أعقاب الاتفاق الذي أنهى الصراع بين الفرقاء في طرابلس.
وفي هذا السياق، يقول الصحافي والمحلل السياسي التونسي عبد الستار العايدي،: “أعتقد أن عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، بوصفها الدولة العربية الوحيدة حالياً، يمكن أن تدعم كثيراً العمل الديبلوماسي المصري في حشد التأييد الدولي في قضية سد النهضة ضد أثيوبيا، مع أن تونس قد عبرت في أكثر من مرة عن دعمها لحقوق الشعب المصري التاريخية في مياه النيل”.
وأضاف العايدي:” كما سيكون الملف الليبي الذي يشترك فيها البلدان باعتبارهما على الحدود مع ليبيا، حاضراً بقوة خلال المحادثات، من ناحية التنسيق الأمني والسياسي لدعم الحكومة الليبية الجديدة، حيث يشكل استقرار ليبيا رافعة تنموية واقتصادية لتونس والقاهرة على حد السواء، من ناحية التبادل التجاري واليد العاملة”.
ويرى العايدي أن الصراع الذي يخوضه قيس سعدي داخلياً مع الإخوان لن يكون بعيداً عن الزيارة التي يؤديها إلى مصر، فمن حيث الرمزية تعتبر زيارته التزاما واضحا للسير في طريق معاكس للحركة الإخوانية، باعتبار أن النظام السياسي في مصر من أكثر الأنظمة جذرية في التعامل مع الإخوان.
وكان الرئيس التونسي قد صرح قبل مغادرته نحو القاهرة، خلال موكب الاحتفال بعيد الشهداء، أمس الجمعة، أن “تونس بحاجة إلى برلمان وطني محترم ووزارة كاملة مسؤولة “، في إشارة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي. كما رفض قبل أسبوع المصادقة على قانون المحكمة الدستورية، بعد أيام من تعديلات أجرتها الأغلبية البرلمانية بقيادة حركة النهضة.