التحديات الكبرى أمام بايدن بعد الانتخابات النصفية
روبرت فورد
على ما يبدو، سيكون الرئيس بايدن أحد الخاسرين في انتخابات 8 نوفمبر (تشرين الثاني). كان هو وحزبه الديمقراطي يأملان في أن تجتذب قضية الإجهاض القانوني معظم الناخبين، لكن الحزب الجمهوري وجد في التضخم في الاقتصاد قضية سياسية أقوى. ويتفق معظم المحللين السياسيين على أن الحزب الجمهوري سيفوز بالسيطرة على مجلس النواب، وقد يفوز كذلك بالسيطرة على مجلس الشيوخ.
وربما لن نعرف الحزب الذي ستكون له الهيمنة على مجلس الشيوخ على وجه اليقين لأيام وأسابيع بعد اقتراع 8 نوفمبر. نظراً لأن المنافسة الانتخابية في ولايات مثل بنسلفانيا وأريزونا وجورجيا ونيفادا ستكون شرسة للغاية، فإننا سنعاين إعادة فرز للأصوات ودعاوى أمام المحاكم مثلما حدث عام 2020. ومن شأن احتمالية وقوع أعمال عنف ضد العاملين في الانتخابات، إبطاء عملية إعادة الفرز والإعلانات النهائية.
جدير بالذكر هنا، أن السيطرة على مجلس الشيوخ تنطوي على أهمية خاصة لبايدن، ذلك أن مجلس الشيوخ يحظى بالسلطة الدستورية لتعيين كبار المسؤولين في إدارة بايدن، ولا تزال هناك وظائف مهمة تنتظر من يشغلها في العديد من الإدارات، بما في ذلك وزارتا الخارجية والدفاع. (على سبيل المثال، السفراء في الرياض وأبوظبي).
بالإضافة إلى ذلك، في حال سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، فسوف يحقق في تصرفات إدارة بايدن فيما يتعلق بالهجرة، والانسحاب من أفغانستان عام 2021. ومعاملة وزارة العدل لدونالد ترمب. وسيطالب العديد من النواب الجمهوريين مجلس الشيوخ بمساءلة مسؤولين معاونين لبايدن مثل المدعي العام ووزير الأمن الداخلي، بل وربما الرئيس بايدن نفسه.
وحتى إذا تمكن بايدن من الإفلات من المساءلة، فإن جدول أعماله على الصعيد الداخلي المرتبط بالكونغرس سيتعطل تماماً. لذلك، مثل الرؤساء من قبله، سيركز بايدن أكثر على السياسة الخارجية خلال العامين الأخيرين من ولايته. وسيكرس بايدن مزيداً من الوقت للاهتمام بمجريات الحرب في أوكرانيا، حيث يحذر الكثيرون من داخل الحزب الجمهوري بالفعل من أن واشنطن يجب أن تقلص مساعداتها إلى كييف. وسيرغب بايدن بالتأكيد في زيارة أوروبا لتشجيع المزيد من التضامن الأوروبي مع أوكرانيا، وإظهار أنه لا يزال زعيماً عالمياً. بالإضافة إلى ذلك، سيعكف بايدن على محاولة بناء تحالفات أقوى داخل آسيا مع دول مثل الهند واليابان وأستراليا والفلبين وكوريا الجنوبية لردع الصين عن مهاجمة تايوان. ومن المحتمل أن يقدم بايدن على زيارة آسيا مرة أخرى.
إلا أنه على النقيض مما عليه الحال مع أوروبا وآسيا، لا تنتظروا تحركاً من بايدن في الشرق الأوسط. بعد قرار «أوبك بلس» خفض إنتاج النفط في أكتوبر (تشرين الأول)، تلقى بايدن أسئلة حادة عن جولته بالشرق الأوسط في يوليو (تموز). كما أن فوز نتنياهو في إسرائيل لن يعطي إدارة بايدن مجالاً للتعاون في عملية السلام. ولن يرغب بايدن في خوض معركة كبيرة مع إسرائيل قبل الانتخابات الأميركية الصعبة عام 2024. ولأن الجناح اليساري للحزب الديمقراطي ينتقد العديد من الإجراءات الإسرائيلية، لن يرغب بايدن في الوقت ذاته في إظهار دعم غير محدود من خلال زيارة إسرائيل. لذلك، فإن زيارة بايدن لمصر، هذا الأسبوع، لحضور مؤتمر تغير المناخ، هي على الأرجح زيارته الأخيرة للمنطقة خلال فترة ولايته الأولى.
وفي سياق متصل، يمكن أن تشكل إيران نقطة احتكاك بين بايدن ونتنياهو. ومن الصعب تصور أن يتوصل بايدن إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي الآن، في وقت يقف المشهد السياسي في واشنطن معارضاً بشدة لمثل هذا الاتفاق. إلا أنه مع استمرار حرب أوكرانيا والتهديد الصيني الكبير، سيراود إدارة بايدن التردد إزاء ضرب إيران عسكرياً حال عدم توفر سبيل واضح وسريع لإنهاء الحرب مع إيران. ومثلما كان الحال مع أوباما في سوريا، فإن الحزب الجمهوري لن يقدم له يد العون.
وأخيراً، إذا مني الديمقراطيون بهزيمة فادحة في 8 نوفمبر، ستتفاقم الضغوط على بايدن داخل حزبه حتى لا يترشح لإعادة انتخابه. الواضح أن بايدن غير قادر على استثارة الحماس في نفوس الناخبين. وطبقاً لاستطلاع أجرته وكالة «رويترز» بالتعاون مع مؤسسة «إيبسوس»، الأسبوع الماضي، فإن 55 في المائة من الناخبين الأميركيين لا يوافقون على أدائه منذ عام 2021. أما النتيجة الأكثر إثارة للصدمة في الاستطلاع أن 54 في المائة من الناخبين الديمقراطيين الشباب لا يوافقون على أدائه. جدير بالذكر أن الناخبين الشباب يشكلون قاعدة أساسية للحزب.
يذكر أن الكثيرين غادروا المؤتمر الانتخابي الذي حضره بايدن في جامعة فلوريدا، الأسبوع الماضي، في وقت مبكر أثناء إلقاء الرئيس كلمته. على النقيض من ذلك، يتمتع باراك أوباما بالقدرة على اجتذاب حشود ضخمة ومتحمسة. تجدر الإشارة هنا إلى أن أوباما يصغر بايدن بـ17 عاماً. ويرغب الكثير من الناخبين الديمقراطيين في جيل جديد من القادة ليحلوا محل الزعماء التقليديين مثل بايدن. وبالفعل، تحث بعض الشخصيات داخل الحزب الديمقراطي الجناح اليساري وأنصاره الأصغر سناً، على الامتناع عن تشجيع منافس لبايدن في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2024.
وإذا جاءت نتائج انتخابات 8 نوفمبر سيئة للحزب الديمقراطي، فإن المرشحين من اليسار سوف يميلون إلى خوض الانتخابات ضد بايدن في الانتخابات التمهيدية. ورغم إمكانية فوز بايدن بترشيح الحزب، فإنه سيكون في موقف أضعف أمام المرشح الجمهوري عام 2024. وقد واجه كارتر هذه المشكلة عام 1980 عندما سحقه رونالد ريغان.