التقارب بين القاهرة وأنقرة يربك حسابات تنظيم الإخونجية
بعد عقد كامل من الخلافات بين البلدين، أقرّت مواقع إخبارية مقربة من تنظيم الإخونجية بأن “التقارب بين القاهرة وأنقرة، أثار الكثير من الجدل بشأن مصير المعارضين المصريين (في إشارة لتنظيم الإخونجية) الذين لجأوا إلى تركيا، عقب الإطاحة بحكمهم في مصر”.
وتحدثت تلك المواقع التابعة للتنظيم عن أن “الأجهزة الأمنية التركية احتجزت، قبل أيام 12 مصريا عبروا إلى تركيا بشكل غير قانوني عبر الحدود مع سوريا واحتجزتهم داخل مركز احتجاز المهاجرين في غازي عنتاب”، جنوب شرق البلاد”.
وقبل يومين، تحدثت تقارير إعلامية عن احتجاز السلطات التركية 60 إخونجياً مصرياً لا يحملون هويات أو إقامات أو جنسيات، وذلك ضمن حملة مداهمات تقوم بها السلطات ضد عناصر التنظيم المقيمين في البلاد، منذ إعادة العلاقات مع مصر وإعادة السفراء.
وبحسب التقارير، فقد قامت السلطات التركية في وقت سابق، باحتجاز العناصر الإخونجية في سجن غازي عنتاب، وقررت ترحيل من لا يحمل أي أوراق هوية أو ثبوتية أو جنسية.
كما تم بالفعل ترحيل نحو 7 إلى دول مجاورة، كما قررت إيقاف عمليات التجنيس والإقامات الإنسانية، والتنبيه على قيادات التنظيم بوقف استقدام أي عناصر أخرى للبلاد.
وكانت السلطات التركية قررت شن حملات على المناطق التي يقيم فيها عناصر الإخونجية، وهي باشاك شهير وشيرين إيفلر، وعملت على ضبط وترحيل كل العناصر التي تقيم في البلاد بطريقة غير شرعية.
يأتي هذا تزامنا مع تأكيدات وزير الداخلية التركي الجديد علي يرلي كايا، الذي أعلن في مقابلة مع صحيفة “حرييت” التركية، الأحد الماضي، أن “أجهزة الأمن والشرطة زادت من عمليات التفتيش بشأن المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي في ولاية إسطنبول بشكل خاص وباقي الولايات التركية بشكل عام”.
زيارة مرتقبة للرئيس المصري
خطوات التقارب المتسارعة بين القاهرة وأنقرة، جاءت وبالا على تنظيم الإخونجية الذي باتت عناصره تتوجس الخيفة والحذر، وتنتظر مصيرها الذي بات محصورا بين السجن أو الترحيل.
ويتوج تلك الخطوات، زيارة تاريخية مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة، أعقبت الإعلان عن عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى السفراء بين مصر وتركيا.
ضربة موجعة للتنظيم
وأكد خبراء ومحللون، أن السلطات التركية باتت تفرض قيودا جديدة بشكل شبه يومي على عناصر تنظيم الإخونجية المقيمين على أراضيها وحظر أنشطتهم، وأن “أيام الإخونجية في تركيا باتت معدودة”.
وفي تعليقه، ذهب المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان والمقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى أن “حزب العدالة والتنمية ينوي التخلص منهم (الإخونجية في تركيا) ما أمكن”، دون أن يدلي بالمزيد من التوضيح.
ومن جهته، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، إن “هناك تحركات تركية شبه يومية حيال الإخونجية منذ الإعلان (غير الرسمي) عن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا يوم 27 يوليو/تموز الجاري”.
وحول طبيعة وشكل تحركات السلطات التركية ضد الإخونجية، أوضح أن “هناك إجراءات عديدة تتخذ لتقييد حركة أعضاء التنظيم، داخل تركيا، ووقف منح الإقامات والجنسيات وتجديد الإقامة لهم، علاوة على مطالبة الكثيرين منهم بالخروج، والتهديد بتسليم البعض لمصر حال عدم التوقف عن انتقادها”.
ضربة قاصمة
إجراءات وتحركات، دفعت الخبير المصري، إلى وصف تأثير وتداعيات التقارب المصري التركي على الإخونجية، بأنه “ضربة قاصمة وموجعة للتنظيم”.
واعتبر “عبد الفتاح” أن “ملف الإخونجية، بالنسبة للعلاقات التركية المصرية في هذه الفترة هو الأسهل بالنسبة لتركيا، لأن باقي الملفات مع مصر تحمل بعض التعقيدات كالملف الليبي وشرق المتوسط وسوريا والعراق”.
وتابع عبد الفتاح، أن “ملف الإخونجية تمتلكه تركيا بحذافيره”، مشيرا إلى أن “أنقرة تشعر بأن التنظيم في تراجع وانقسام وتشرذم وهناك انقلاب دولي علىهم والتضييق عليها في أوروبا وأمريكا”.
وأردف: “تولي القاهرة اهتماما كبيرا بهذا الملف لأن باقي الملفات، تتداخل فيها أطراف دولية مع البلدين، بينما هذا الملف هو مصري بحت”.
ونبه عبد الفتاح إلى أن “هناك حالة من التشنج والتوتر لدى إخونجية مصر بتركيا، الذي يقومون في الوقت الحالي بالبحث عن ملاذات بديلة، خشية تسليم بعضهم للسلطات المصرية خصوصا المطلوبين أمنيا” .
ومثلت مصافحة الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم بقطر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نقطة الانطلاق لعودة العلاقات بين مصر وتركيا إلى طبيعتها بعد توتر شابها منذ 2013.
وعقب الزلزال المدمر الذي تعرضت له تركيا في فبراير/شباط الماضي، هاتف السيسي أردوغان، وتبادل وزيرا خارجية البلدين الزيارات، كما أرسلت القاهرة مساعدات لأنقرة لتجاوز أزمة الزلزال.