الجيش الليبي يحرر منطقة العزيزية جنوبي طرابلس
خبراء عسكريون يعتبرون تحرير العزيزية مؤشر على قرب التحرير التام لطرابلس
تمكن الجيش الوطني الليبي، الأحد، من تحرير منطقة العزيزية، جنوبي طرابلس، بعد أن سيطر على عدة مناطق متقدمة بها، أهمها مقر اللواء الرابع أحد أكبر المواقع العسكرية، جنوب غربي العاصمة.
ويعد تحرير المنطقة، بحسب خبراء سياسيين وعسكريين، تقدما نوعيا كبيرا في المعركة لصالح الجيش الليبي، وأكبر انتصار عسكري يحققه الجيش منذ دخول الهدنة الهشة حيز النفاذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي، كما أنها “مفتاح” تحرير العاصمة بالكامل.
وارتكبت المليشيات العديد من الأخطاء العسكرية تمثلت بخروقاتها المستمرة لوقف إطلاق النار، نتيجة عدم تقديرها للمواقف العسكرية.
وتكبدت على إثرها العديد من الخسائر من سقوط قتلى وتدمير عدد كبير من السيارات وإسقاط أكثر من 13 طائرة مسيرة تركية منذ الهدنة.
وقبل إعلان الهدنة بأيام فقدت المليشيات خلال ساعات قليلة أحد أهم مراكزها بعد أن سيطر الجيش الليبي على مدينة سرت الخط الأمامي الأول لهم ومعقل تنظيم داعش السابق.
ويرى العميد ركن دكتور شرف الدين سعيد العلواني، الخبير العسكري الليبي، أن تحرير منطقة العزيزية مؤشر قوي على قرب ساعة الإعلان الكامل للتحرير التام لطرابلس الكبرى.
وأضاف، حول الأهمية العسكرية للعزيزية، أن المدينة تعد العاصمة “الفلاحية” للغرب كاملا والتي يقع بالقرب منها أكبر سوق تجاري يغذي البلاد عامة.
وتابع أن العزيزية هي المنطقة الموصلة إلى غريان والطريق الساحلي (رأس إجدير- طرابلس) والطريق الساحلي (طرابلس – بنغازي) عبر ترهونة وبني وليد.
وأضاف أن المدينة توصل مباشرة إلى قلب العاصمة مرورا بأهم المعسكرات الكبرى مثل (هيئة الإمداد والحسابات ووزارة العدل وكوبري طريق المطار بوسليم).
وشدد على أن القائد العام المشير خليفة حفتر عندما توجه للغرب الليبي لتحريره كان يعلم أن أي قوة بالأرض لا تنجح في معاركها بالمدن ما لم تحظَ بدعم شعبي بها، والتاريخ العسكري في كل الحروب أثبت ذلك، وهو ما حدث في العزيزية الداعمة للقوات المسلحة.
ونوه العميد العلواني بأن تنظيم الإخوان لجأ إلى خديعة الهدنة لتدفع تركيا وقطر بثقلهما للميدان بجسر جوي وبحري يحمل المرتزقة والأسلحة والذخيرة، وقبل الجيش الليبي بالهدنة لعلمه أن ذلك لن يغير في موازين المعادلة ولإحراجهما دوليا.
ونبه إلى أن الجيش الليبي كان يقظا، وفي غاية الاستعداد، رغم الهدنة، وغرف عمليات المعركة تابعت كل شاردة وواردة قائلا: “هنا كان دور الموالين من الداخل الذين سهلوا مهمة الاستطلاع الأمامي والاستخبارات العسكرية لترصد عن قرب تمركزاتهم ومخازن الأسلحة والذخيرة”.
ويؤكد العميد شرف الدين على أن أرتال جيش التحرير لم تجد صعوبة في تقدماتها حتى وصلت إلى قلب العاصمة ومشارف الزاوية ومصراتة وزوارهن بفضل هذا الدعم الداخلي.
ورأى أن التوغل في العمق يستلزم تطبيق مبدأ “الكر والفر” بسبب اكتظاظها بالسكان الذين يستغلهم الإرهابيون والمليشيات دروعا.
وأشار إلى أنه بعد انهيار الهدنة اتبع الجيش الليبي التكتيك العسكري بالضرب عن بعد بدقة متناهية لتجنب إصابة المدنيين، وأصبح دك معاقل الإرهابيين والمليشيات والمرتزقة ومخازن ذخيرتهم أمرا سهلا.
وأشار إلى أن أحد أهم عوامل سهولة تحرير العزيزية الإرباك الذي سببه للمليشيات بفضل شدة الهجمات والردود القوية المدروسة والمعدة بدقة وحرفية عالية وأبرزها إسقاط طائراتهم المسيرة حتى وصل إلى إسقاط 6 طائرات في يوم قتالي واحد.
من جانبه، يرى المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني أن تحرير مدينة العزيزية من المليشيات نصر استراتيجي كبير للجيش الوطني ويضع النقاط الرئيسية المتبقية للمليشيات في مأزق كبير.
وتابع، أن العزيزية لها أهمية خاصة واستراتيجية كبرى سواء على الناحية الديموغرافية أو الاستراتيجية.
فمن الناحية الديموغرافية، أشار إلى أن العزيزية هي المعقل الرئيسي لقبائل ورشفانة إحدى أكبر القبائل الداعمة للجيش الليبي، وقد تعرضت لظلم كبير من المليشيات فيما يعرف بانقلاب فجر ليبيا عام 2014.
ومن حيث الأهمية العسكرية نبه إلى أن منطقة العزيزية تطل على أكثر من 6 مواقع استراتيجية عسكرية مهمة، وزاد أن هذه الأهمية تأتي كون العزيزية هي الرابط ما بين الطريق الساحلي وباطن الجبل خاصة غريان.
كما تربط ما بين منطقة السواني المدخل الأساسي لطريق المطار ومحور الرملة والأصفاح وطريق الكريمية، فضلا عن أنها تطل على مواقع مهمة في الطريق الساحلي خاصة بوابة 27 والطريق الرابط بمدينة الزاوية وما بعدها.
وأضاف أن المنطقة تعد رابطا رئيسيا بطريق المدخل لأهم قواعد الجيش الليبي في المنطقة الغربية “قاعدة الوطية الجوية”.
وشدد على أنه بالسيطرة على هذا الموقع نستطيع القول إن القوات المسلحة قطعت طرق إمدادات المليشيات وحاصرت مناطقها وأمنت المناطق الاستراتيجية التابعة لها.
ويرى الترهوني أن تحرير العزيزية يعني أن القوات المسلحة على وشك تحرير الزاوية وغريان لأن المناطق المحيطة بهما أصبحت جميعا في قبضة الجيش الليبي.
وتتصل حدود ورشفانة الشمالية بساحل البحر المتوسط، والجنوبية بالجبل الغربي ومن الشمال الشرقي طرابلس، ومن الجنوب الشرقي النواحي الـ4 (الرقيعات – عكارة – الختنة – العلاونة)، وقصر بن غشير، وإسبيعة، وسوق الخميس مسيحل، وغرباً الزاوية الغربية (الشمال الغربي – جودائم، والجنوب الغربي – بئر الغنم).
وتضم العزيزية، حسب بعض التقديرات، نحو 700 ألف نسمة معظمهم من الشباب المنتمين إلى قبائل عديدة أبرزها “ورشفانة”، و”الميامين”، و”العمائم” و”هوارة”.
وقبائل ورشفانة ضاربة في التاريخ وتنتمي لـ”بني سليم” المشهورة بشجاعة فرسانها تاريخيا وتصديها الدائم للحكم العثماني وجهادها ضد الاستعمار الإيطالي.