الجيش الليبي يفرض شروطه على الإخوان في طرابلس
طرح رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، مبادرة لحلحلة الأزمة الراهنة في ليبيا، تراوحت بين الحل العسكري والسياسي، قدّم من خلالها “الإخوان” تنازلات غير مسبوقة مقابل خروج الجيش الليبي من العاصمة طرابلس.
وتعليقاً على تلك “المبادرة” التي طرحت أمس الاثنين، رأى مراقبون أنها اعتراف بخسارة المعركة العسكرية ومحاولة منهم للخروج بأخف الأضرار بعد التقدم الميداني للجيش. كما رأوا أنها من الصعب أن تحصل على دعم سواء داخلي أو خارجي.
وتقوم مبادرة المشري، وهو عضو في تنظيم الإخوان المسلمين، بالأساس على إنهاء المرحلة الانتقالية بعملية انتخابية وفق خطة زمنية واضحة، تعتمد على التئام مجلس النواب خلال شهر من إطلاق المبادرة، كما تتضمن تعديل المجلس الرئاسي وتكليف رئيس وزراء منفصل، واختيار شاغلي المناصب السيادية، على أن يتم إعداد وإقرار القوانين الخاصة بالانتخابات، وفقاً للاتفاق السياسي.
كما تنص على أنه وبعد 3 أشهر من إقرار القوانين الخاصة بالانتخابات، يتم إجراء الانتخابات الرئاسية، وبعد شهر من إعلان النتائج، يتم إجراء انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، وإجراء تعديلات على الإعلان الدستوري، طبقاً للآليات المعتمدة في الاتفاق السياسي.
أما على الصعيد الأمني، فاقترح المشري وقفاً فورياً لإطلاق النار، وفقاً لضوابط أولها انسحاب الجيش الليبي من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس الكبرى، وانسحاب كل القوات الموجودة في مدينة ترهونة، إلى جانب فرض حظر للطيران الحربي بكافة أنواعه بمساعدة الأمم المتحدة، واستيعاب عناصر التشكيلات المسلحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفق شروط ومواصفات محددة، وإصدار تشريع ينظم القوات المقاتلة، ويدعم قوة مكافحة الإرهاب، ويوحد المؤسسات الأمنية والعسكرية بشكل مهني.
وتعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي الليبي، يحيى الكرغلي المصراتي، إن المبادرة التي تقدم بها المشري، “تعبّر عن حجم الخسارة التي منيت بها الجماعات المتطرفة كالإخوان والقاعدة،” مضيفاً أن الخطة التي طرحها “ليست مبادرة بقدر ما هي تعبير عن حالة الخوف والهلع التي تعيشها هذه التنظيمات، وتخبّطها للبحث عن منقذ لها”، مشيراً إلى أنّهم اليوم “مستعدون لكل شيء، مقابل ألا يلاحقهم أحد وأن تصبح جرائمهم طي النسيان”.
وأشار المصراتي إلى أن اللافت في مبادرة المشري أنه “قدّمها بشكل شخصي ما يعني أن شرخاً عميقاً يعيشه المجلس الأعلى للدولة، كما أنّ فيها محاولة من جماعة الإخوان لإبراز وجه معتدل، وأنها أقرب للسلام وضد العنف، قبل انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا، الذين سيحاولون فيه الحصول على ضمانات دولية تسمح لهم بخروج آمن”، لافتاً إلى أنّه “من الصعب أن تحصل على أيّ دعم من أيّ جهة”.
من جهته وصف المحلل السياسي، حمد إبراهيم المالكي، مبادرة المشري بمبادرة “المهزوم الذي يحاول أن يتعلق بقشة قد تنقذه من الغرق”.
وقال في هذا السياق “المشري يعي جيداً بأنهم قد خسروا المعركة العسكرية، وأنّ الجيش الليبي بات قاب قوسين أو أدنى من دخول طرابلس، بعد أن فشلت جماعة الإخوان وميليشياتها الإرهابية في صدّ تقدم الجيش الليبي، وباءت كل محاولاتها السابقة في إصدار قرار دولي يدين الجيش بالفشل أيضاً، عبر داعمي هذه الجماعة الإرهابية دولياً كقطر وتركيا، لم يعد أمام هذه الجماعة الضالة، إلا أن تقدم هذه المبادرة البائسة قبيل انطلاق مؤتمر برلين”.
ورأى المالكي أن المشري يأمل أن تنال مبادرته قبولاً لدى بعض الدول الكبرى التي قد تدفع بها إلى الأمام، ولكنه استبعد هذا الأمر، لأنه “بعيد كل البعد عن الواقع، خاصة أن كل المؤشرات تدل على أن المجتمع الدولي، أصبح يعرف أن القوات المسلحة الليبية، هي المؤسسة الوحيدة القادرة على كبح جماح الميليشيات الإرهابية وعلى جمع شتات ليبيا وتوحيد مؤسساتها وخلق بيئة يستطيع الليبيون من خلالها الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية حقيقية”.
ميدانياً عزّز الجيش الليبي مواقعه بضواحي العاصمة طرابلس، هذا الأسبوع، وتقدمّ بشكل كبير نحو وسط العاصمة، بعد سيطرته على مناطق العزيزية ومعسكر اليرموك، كما دفع بتعزيزات عسكرية جديدة، إلى محاور القتال، تزامناً مع تحركات سياسية ودبلوماسية تقودها ألمانيا تمهيداً لعقد مؤتمر برلين الشهر المقبل، الذي ستجتمع فيه كل الدول المؤثرة أو المتدخلّة في الأزمة الليبية، لبحث حلّ سياسي ينهي النزاع القائم في ليبيا.