الحوثيون على لوائح الإرهاب الأميركية
انتظرت الإدارة الأميركية الحالية ثلاثة أعوام حتى تقوم بتصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا دوليا (وليس اجنبيا) لديه ثلاثين يوما لكي يقدم ادلة لدحض التصنيف.
للتذكير كانت أولى خطوات الرئيس جو بايدن مباشرة بعد دخوله البيت الأبيض في 20 يناير 2021 مسارعته إلى اتخاذ قرار تنفيذي قضى برفع الحوثيين عن لوائح الإرهاب الأميركية.
وترافقت هذه الخطوة مع ضغوط كبيرة مارستها إدارة بايدن على الدول الرئيسية المكونة للتحالف العربي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة. وقد تركزت الضغوط الأميركية على مسارين سياسي وعسكري:
المسار الأول، رفع من مستوى الانتقادات السياسية والإعلامية لعمليات التحالف العربي العسكرية الداعمة للشرعية اليمنية، في وقت كان فيه الحالف يخوض معارك طاحنة لتحرير المناطق التي احتلتها القوات الحوثية خلال الانقلاب على الشرعية.
أما المسار الثاني، فضيّق على إمدادات الأسلحة من خلال التباطؤ في تسليم الأسلحة والذخائر التي كانت اشترتها دول التحالف من الولايات المتحدة وسددت ثمنها.
كما أن إدارة الرئيس بايدن قامت في الأشهر الأولى من الولاية الرئاسية بعرقلة الموافقات على صفقات سلاح، خفضت مستوى تبادل المعلومات الاستخبارية. كل ذلك بهدف منع تحقيق تقدم للشرعية اليمنية على الأرض تحت شعار التشجيع على إنهاء الحرب.
على خط موازٍ، سارعت إدارة الرئيس جو بادين إلى تفعيل التواصل مع إيران بعد انقطاع خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعيد إطلاق جولات التفاوض في فيينا بهدف إعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني للعام 2015 التي استمرت لمدة عامين من دون أن تحقق أي نجاح يذكر.
واللافت في عامها الأول أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تأخذ بعين الاعتبار جميع المؤشرات التي توافرت أمامها عن خطورة الحوثيين باعتبارهم أحد أذرع “الحرس الثوري” الإيراني في إقليم الشرق الأوسط. وهكذا جري تجاهل كل التحذيرات الإقليمية إزاء الخطر الذي يشكله الحوثيون على أمن المنطقة بأسرها.
وقد مكنت خيارات الإدارة الأميركية منذ 2021 التي أعادت العمل باستراتيجيات إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما لجهة المراهنة على صفقة تاريخية بين الولايات المتحدة وإيران تعيد إنتاج الاتفاق النووي للعام 2015، وتطلق مرحلة من الانفتاح بين البلدين كما كان الرئيس أوباما يطمح إلى أن يدخل التاريخ من باب إنجاز اتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة وإيران يقلب مشهد الشرق الأوسط وآسيا الغربية، أسوة بالاتفاق التاريخي الذي كان سبق للرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون أن أنجزه بمعية وزير خارجيته هنري كيسنجر في سبعينات القرن الماضي مع الصين بقيادة ماو تسي تونغ.
يمثل قرار الرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا عالميا خطوة ردا على هجماتهم ضد السفن التجارية وتهديدهم ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
لكن الخطوة صغيرة جدا نسبة إلى التهديد الكبير، الذي يمثله الاعتداء ممرات دولية تعني الأمن العالمي، وتنعكس سلبا على مصالح عشرات الدول الاقتصادية والتجارية.
التهديد الأكبر هو أن الحوثيين يتحركون ضمن وظيفة سياسية – أمنية – عسكرية يحددها “الحرس الثوري” في إيران، تماما كما تعمل الأذرع الإيرانية الأخرى في المنطقة ك “حزب الله” في لبنان والفصائل الولائية في العراق.
وإذا كانت إدارة بايدن قد أوضحت بلسان وزير الخارجية انتوني بلينكن، والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأدميرال جون كيربي أن أمام الحوثيين فرصة لكي يراجعوا سلوكهم.
“فإذا أوقفوا هجماتهم البحرية فسوف تعيد أميركا تقييم هذا التصنيف”، فلقد سارع الحوثيون مبكرا إلى الرد على الخطوة الأميركية.
وبعد ساعة من القرار الأميركي أعلن المتحدث العسكري يحيى السريع عن استهداف السفينة التجارية الأميركية “جينكو بيكاردي” في خليج عدن بصواريخ باليستية.
خلاصة القول إن خطوة الإدارة الأميركية تستحق أن توصف بـ “Too little Too late”.