الرئيس التونسي يتابع ملف فساد كبير في البنك الوطني الفلاحي
"قروض لكبار الحيتان ولأشخاص وشركات وهمية دون ضمانات"
برفقة أعضاء من لجنة التحاليل المالية، زار الرئيس التونسي قيس سعيد مقر البنك الوطني الفلاحي (حكومي)، معلناً إنه أعدّ بنفسه ملفا حول تجاوزات قام بها البنك عند منحه قروضاً كبيرة لأشخاص دون ضمانات.
وقال الرئيس التونسي، إن البنك وُجد تاريخيا لدعم قطاع الفلاحة وصغار الفلاحين والمزارعين وإسنادهم قروضا دون فوائد، “لكن الأموال أصبحت مخصصة لإقراض كبار الحيتان وأشخاص وشركات وهمية دون ضمانات وأحيانا بضمانات شكلية الأمر الذي يعد خرقا للقانون وإهدارا للمال العام”، وفق تعبيره.
واستعرض الرئيس سعيد بعض الوثائق التي تمت مراجعتها من مختصين في لجنة التحاليل المالية حول قروض أسندها البنك لأشخاص بملايين الدينارات دون تقديم ضمانات، ودون أن يكون لهم معاملات بنكية في حساباتهم، ثم إسنادهم قروضا جديدة لسداد فائدة الديون القديمة.
حرب ضد الفساد
وتساءل الرئيس سعيد: “كيف تسندون قروضا بالمليارات في حين يشتكي أغلب المزارعين من أزمة مالية ومن تبعات الجوائح الطبيعية؟ كيف تقدمون قروضا دون ضمانات؟ كيف تقبل مؤسسة مصرفية منح مثل هذا النوع من القروض والدولة تعاني أزمة مالية؟ الأمر لا يجب أن يستمر على ما هو عليه” حسب قوله.
وشدّد الرئيس سعيد، على أن “تونس في حرب ضد الفساد ويجب تطهير الإدارة والبلاد”، مضيفا: “نحن مؤتمنون على أموال التونسيين (..) البنك الفلاحي بنك عمومي يجب أن يتعامل في إطار الشفافية وأن يحفظ حقوق الجميع.. يجب ملاحقة المخالفين جزائيا؛ لأن ما حدث يدخل في باب الفساد المالي.. يجب استرجاع الأموال المنهوبة”.
كما تساءل عن كيفية تحصّل شخصية معروفة على قرض بقيمة 24 مليون دينار (نحو 8 ملايين دولار) دون ضمانات ثم اقتراضه مبلغا جديدا لخلاص فوائض الدين الأصلي، بالإضافة إلى شخص ثان ينتمي لمجال الصحافة ويدعي الدفاع عن حرية التعبير للحصول على المال العام، حسب قوله.
ودعا قيس سعيد، مدير البنك إلى متابعة كل التجاوزات وإحالة الملفات على القضاء لتعقب كل من يستولي على المال العام.
وكانت السلطات التونسية، اعتقلت مساء الثلاثاء رجل الأعمال التونسي والبرلماني الإخونجي السابق محمد فريخة في قضية فساد مالي متعلقة بالشركة البترولية الحكومية “عجيل”، رفقة رئيس مجلس شورى حركة النهضة الإخونجية عبد الكريم الهاروني، مما أدى إلى فضح جرائمه بتسلمه قروضًا من مؤسسة بنكية حكومية دون ضمانات، ودون إعادتها.
وعندما كان الهاروني وزيرا للنقل، منح شركة الطيران الخاصة سيفاكس إيرلاينز -لصاحبها البرلماني الإخونجي السابق محمد فريخة- محروقات الكيروزان بقيمة 20 مليون دينار من المال العام في سنة 2012، في عهد حكم الإخونجية، في ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، الذي بدأت التحقيقات فيه، في يناير/كانون الثاني 2022.
إخونجي متورط بالفساد
انتمى فريخة إلى حركة النهضة الإخونجية، وإلى كتلتها الحزبية في البرلمان، خلال الدورة التشريعية 2014 – 2019، قبل أن يترشح مستقلا للانتخابات الرئاسية في 2019، لينسحب بعد فشله منذ الدور الرئاسي الأول من الحياة السياسية.
وفريخة هو أحد كبار رجال الأعمال في تونس، ولد في صفاقس سنة 1963.
زاول تعليمه في فرنسا في المدرسة التحضيرية للمهندسين لويس لوقران، ثم مدرسة المهندسين سنة 1984، فالمدرسة الوطنية العليا للاتصالات في باريس بين 1986 و1988. وأسس مجمع تلنات سنة 1994، وفي سنة 2011 أعلن عن تأسيس شركة الطيران “سيفاكس أيرلاينز”.
وفي 12 سبتمبر/أيلول 2022، قررت النيابة العمومية في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إيقاف رجل الأعمال محمد فريخة والاحتفاظ به على ذمة التحقيق في قضية التسفير إلى بؤر التوتر، بعد اتهام شركته “سيفاكس إيرلاينز” للطيران في شبهات تسفير إرهابيين إلى سوريا وليبيا.
وفي اليوم نفسه، أصدر قاضي التحقيق قرارا يقضي بالإفراج عن محمد فريخة مع تأجيل سماعه إلى موعد لاحق، بعد أزمة صحية ألمت به وجرى نقله إلى المستشفى على إثرها.
ومنذ ذلك الوقت، لم يتم التعرف على مكان إقامة فريخة حيث ذهبت الشكوك إلى هروب فريخة خارج البلاد.