الرواية من فم الضحية… هكذا قتل الإحتلال الإسرائيلي عائلة كاملة في غزة
العائلة تطلب إجراء تحقيق دولي في الجريمة
مع كل صرخة ألم يطلقها الطفلان الفلسطينيان ريم (8 أعوام) وسالم (3 أعوام)، تدور أعينهما بحثا عن والديهما ليخففا عنهما الألم دون نتيجة.
الطفلان الشقيقان، هم جزء من ضحايا غارة إسرائيلية فجر الخميس دمرت منزلين لعائلة “السواركة” في دير البلح وسط قطاع غزة وقتلت 8 من أفراد عائلتهم وأصابت 13 آخرين.
بقلب موجوع يصرخ سالم مناديا والدته تارة ووالده تارةً أخرى، فتهرع إليه شقيقته نور (11 عاما) متحاملة على جروحها وإصابتها لتخفف عنه، دون أن يدرك أن والدته استشهدت ووالده يرقد في العناية المكثفة بين الحياة والموت، وأن اثنين من أشقائه وسيم (13 عاما) ومعاذ (7 أعوام) قضوا شهداء مع عمهم وزوجته وثلاثة من أطفالهم أيضا.
في منزلين صغيرين مكونين بالكامل من الصفيح كان أطفال عائلة السواركة يعيشون حياة بسيطة مليئة بالفقر، ولكنها مليئة بالحب والأمل في المستقبل، قبل أن تباغتهم صواريخ الاحتلال في واحدة من أبشع جرائم الاحتلال خلال عدوان اليومين على غزة.
وقائع ما حدث ترويها من بين دموعها نور: “نعيش في منزل بسيط مكون من الصفيح، كان أهلي نائمون، وحدي مستيقظة، وفجأة سمعت صاروخ فهربت للأرض المجاورة وشاهدت أبي محمد السواركة (40 عاما) يستيقظ من نومه، ثم لا أعرف ما حدث.
ما لا تعرفه أو تتذكره الصغيرة نور، أن الطائرات الحربية الإسرائيلية أطلقت 4 صواريخ متتابعة تجاه منزل والدها ومنزل شقيقه رسمي الملاصق له، وهو أيضا منزل بسيط من الصفيح، محدثة حفرة عميقة اختفت معها معالم المنزلين اللذين دمرا على رؤوس قاطنيه.
التفاصيل الدقيقة للجريمة يرويها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في تقرير له مبينا أنه “حوالي الساعة 12:25 بعد منتصف ليل الخميس، أطلقت طائرات الاحتلال الحربية الإسرائيلية 4 صواريخ، تجاه منزلين من الصفيح في منطقة البركة بدير البلح، يعود أحدهما للمواطن رسمي سالم عودة السواركة، 45 عاماً، والآخر لشقيقه محمد، 40 عاماً”.
وفق البيان؛ أدى القصف لتدمير المنزلين على رؤوس قاطنيهما، واستشهاد رسمي وزوجته مريم وثلاثة من أطفالهما، فيما أصيب شقيقه محمد بجروح بالغة الخطورة واستشهدت زوجته يسرى واثنان من أطفالهما، إلى جانب إصابة 13 آخرين، من بينهم 11 طفلاً، بجراح.
نور كانت واحدة من الجرحى، أغمي عليها ونقلت لاحقا للمستشفى هي وأشقائها وأبناء عمومتها، فيما انتشل جثامين الضحايا بعد أن دفنوا تحت الرمال والركام الذي أطاحت به الصواريخ المدمرة.
في اللحظات الأولى، تفاخر جيش الاحتلال أنه استهدف رسمي السواركة بادعاء أنه مسؤول الوحدة الصاروخية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة “الجهاد” وسط قطاع غزة.
والجمعة، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تفاصيل مروعة عن قصف قوات الاحتلال لمنزل عائلة السواركة في غزة، الذي أدى لاستشهاد 8 فلسطينيين بينهم 5 أطفال، مشيرة إلى أن القصف استند لشائعات منشورة على “فيسبوك”، ولم يتم التحقق من مصداقيتها.
وقالت النسخة الإلكترونية للصحيفة، الجمعة: “عملية القصف تمت بناء على معلومات استخباراتية خاطئة؛ حيث تمت دون التحقق المسبق من عدم وجود مدنيين في الموقع”.
وأضافت أن المعلومات التي أوردها المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، عن رسمي أبوملحوس السواركة (القيادي في حركة الجهاد) “غير موثوقة واستندت إلى شائعات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ولم يتم التحقق منها”.
وتابعت الصحيفة: “كان المبنى الذي تعيش فيه الأسرة على قائمة بالأهداف المحتملة، لكن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أكدوا أنه حتى العام الماضي لم يتم التحقق من وضع المنزل ولم يتم فحصه قبل الهجوم”.
وبحسب “هآرتس” فإن جيش الاحتلال أقر بقصف المنزل باعتباره “بنية تحتية تابعة لحركة الجهاد”.
وتابعت: “صنف الجيش الموقع كمجمع تدريب عسكري، لكن في الفترة التي مضت منذ اعتماده كهدف، لم يتم النظر في التغييرات التي أدخلت على المجمع، لتحديد ما إذا كان لا يزال يعمل كموقع للجهاد”.
وأضافت: “تم إعطاء الضوء الأخضر لمهاجمة الهيكل والأهداف الأخرى باستخدام قنبلة JDA، التي تستخدمها طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، ويتيح نظام الأسلحة المثبت على هذه القنابل إصابة مباشرة باستخدام نظام توجيه قائم على نظام GPS”.
وأشارت إلى أن مصادر عسكرية أكدت أنه لم يتم في أي مرحلة فحص المنطقة بحثاً عن وجود مدنيين.
منال السواركة، عمة الأطفال الشهداء والجرحى قالت أثناء تواجدها إلى جوار الجرحى الأطفال في المستشفى: “ما حدث مروع، حتى الآن، بعض الأطفال المصابين لا يعرفون أن والديهم وإخوانهم استشهدوا، ويصرخون وينادون عليهم في مشهد يقطع القلب”.
وقللت من أهمية اعتراف الاحتلال المتأخر بالخطأ في اقتراف المجزرة، ورأت في ذلك محاولة للتنصل وتبرئة نفسه مما حدث، مشيرة إلى أن الاحتلال لديه طائرات تصوير وعملاء وهم يحصون كل شيء، وكان مشهد المنزلين البسيط وأنه يقطنهما أناس بسطاء، ومع ذلك صبوا حقدهم وصواريخهم ليقترفوا هذه المجزرة.
وقالت: “الاحتلال يدعي أنه نفذ العملية بالخطأ وهذه شماعة لتبرئة نفسه أمام القوانين الدولية التي لا يقيموا لها وزنا ولا قيمة”، مؤكدة أن الاستهداف تم بدون سابق إنذار”.
وتناشد السواركة منظمات حقوق الإنسان وكل الجهات الدولي لضمان إجراء تحقيق دولي في الجريمة، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه وضمان الإنصاف والتعويض لهؤلاء الضحايا.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت في الساعة الأولى من فجر أمس الخميس منزلاً في دير البلح، وسط قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 8 فلسطينيين؛ بينهم 5 أطفال.
وبعد ساعات من القصف ومع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، نشر الناطق بلسان جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي صورة لمسلح مرفقاً إياها بقوله “رسمي أبوملحوس (السواركة) القيادي في حركة الجهاد وقائد الوحدة الصاروخية في لواء الوسطى، قتل الليلة الماضية في الغارة على دير البلح”.
في حينه، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الشهداء هم: “معاذ محمد سالم السواركة (7 أعوام)، مهند رسمي سالم السواركة (12 عاماً)، رسمي سالم عودة السواركة (45 عاماً)، وسيم محمد سالم السواركة (13 عاماً)، يسرى محمد عواد السواركة (39 عاماً)، مريم سالم ناصر السواركة (45 عاماً)، بالإضافة لطفلين آخرين”.
ولم يعلق جيش الاحتلال الإسرائيلي على حقيقة سقوط شهداء مدنيين وأطفال في الغارة الإسرائيلية، ولكن مع بدء التحقيقات في القصف اتضح أن الاحتلال لم يتأكد مسبقاً من أن المنزل الذي قصفه كان خالياً من المدنيين، كما دحض الجيش نفسه مزاعم أدرعي عن السواركة.