السعودية تدعو رئيس المجلس الانتقالي في اليمن لزيارتها
مراقبون يربطون بين الزيارة وتصريحات الانتقالي الحادة تجاه تنظيم الإخونجية
قالت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، أن دعوة المملكة السعودية لرئيس المجلس عيدروس الزبيدي بزيارة الرياض، تأتي في سياق “حرص الأشقاء في المملكة على توحيد الجهود، ومؤكدة تعاطيها الإيجابي معها”.
واعتبرت مصادر سياسية ومراقبون أن دعوة السعودية التي تقود التحالف العربي لرئيس المجلس الانتقالي في هذا التوقيت، جزء من إعادة النظر في استراتيجية إدارة المعركة وترتيب قائمة الأولويات والبحث عن حلفاء جدد في ضوء التداعيات السياسية والعسكرية وسيطرة الحوثيين على مناطق واسعة في محافظتي مأرب وشبوة.
استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض
وحول دلالات الزيارة المرتقبة لرئيس الانتقالي الجنوبي إلى الرياض، قال منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس إن الدعوة تهدف “لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض”، مشيرا إلى أن قيادة المجلس رحبت بها “انطلاقاً من حرصها على تنفيذ الاتفاق”.
وأضاف صالح “نأمل أن تكلل جهود الأشقاء في التنفيذ الكامل للاتفاق بعيدا عن أساليب المماطلة والتسويف التي اتبعها الطرف الآخر، ونعتقد أنه حتى تتهيأ الظروف الملائمة لاستكمال تنفيذ الاتفاق فلا بد أن تتزامن معها أو تسبقها إجراءات إسعافية لإنقاذ الناس من معاناتهم وصرف رواتب موظفي الدولة ومعالجة انهيار العملة وما ترتب عنها”.
وجاءت الدعوة السعودية لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في أعقاب تداعيات متسارعة شهدها الملف اليمني، وبعد إصدار المجلس لبيان شديد اللهجة لوّح فيه باللجوء إلى إجراءات تصعيدية في حال عدم استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
ولفت نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس إلى عدد من العوامل والتغيرات التي شهدتها الساحة اليمنية، مؤكدا أن الانتقالي الجنوبي يدرك مثل هذه التغيرات التي حدثت خلال العامين الماضيين ومنها “تآكل مساحة وقدرات الطرف الآخر (الحكومة اليمنية) لصالح ميليشيا الحوثي”.
وتابع “ولعل كثيرا من المرتكزات التي قام عليها الاتفاق لم تعد قائمة بعد تسليمها لعدد من المحافظات والمناطق لميليشيا الحوثي، لكن مع ذلك سيمنح المجلس فرصة لهذه الشرعية إن أرادت أن تنقذ ما تبقى لها وسنعمل جاهدين للمضي في الاتفاق شريطة أن يشمل تنفيذا حرفيا لما جاء فيه ومن ذلك انسحاب القوات العسكرية والميليشيات التابعة للإخوان من المحافظات الجنوبية وتحديدا أطراف أبين وشبوة ووادي حضرموت والمهرة والدفع بها باتجاه الجبهات مع الميليشيات الحوثية”.
هيمنة الإخونجية على الحكومة الشرعية
وربط مراقبون بين التحركات الأخيرة للانتقالي وتصريحاته الحادة تجاه تنظيم الإخونجية التي يتهمها بالهيمنة على قرار الحكومة الشرعية، وبين التداعيات السياسية والعسكرية المتسارعة في الآونة الأخيرة والتي يأتي في مقدمتها سقوط ثلاث مديريات في محافظة شبوة جنوب اليمن دون مقاومة، وتزايد المؤشرات على توجه الحوثيين نحو اجتياح المحافظة، في الوقت الذي يضيّقون فيه الخناق على آخر معاقل الشرعية في شمال اليمن بعد اقترابهم من مركز محافظة مأرب.
واعتبر الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى، أن التطورات الأخيرة في المشهدين العسكري والأمني في محافظات الجنوب دفعت إلى الواجهة بتحديات تنفيذ اتفاق الرياض والتهديدات الواردة من التخادم الحوثي مع الطرف المسوِّف في تنفيذ اتفاق الرياض متمثلا في تنظيم الإخونجية داخل الشرعية المؤثر على القرار السياسي والعسكري.
وأشار مصطفى إلى أن دعوة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي لزيارة الرياض تأتي عقب البيان الذي أصدره المجلس الأسبوع الماضي وربط بين مطالبته بتنفيذ سريع لبنود اتفاق الرياض وبين استمرار مشاركته في حكومة المناصفة.
تدارك انهيار لاتفاق الرياض
وأضاف “من الواضح أن الرياض تسعى لتدارك أيّ انهيار لاتفاق الرياض أو الإعلان الضمني لانهيار الاتفاق من جانب الانتقالي، لأن الانسحاب من الحكومة يعني الرجوع خطوة إلى الخلف في تنفيذ الاتفاق الذي لم ينفذ منه سوى خطوتين وهما تشكيل الحكومة المهددة بانفراط عقدها والخطوة الثانية تمثلت في تعيين محافظ لمحافظة عدن الذي تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة قبل شهر والتي تشير أصابع الاتهام بالتورط في هذه العملية إلى أصحاب المصلحة من نسف اتفاق الرياض”.
التعاون الإخونجي – الحوثي
ولفت مصطفى إلى أنه على الجانب غير المنفّذ من بنود الاتفاق والتي يضغط الانتقالي لتنفيذها “تتسع الهوة بين التحركات السياسية للتنفيذ وبين الواقع على الأرض خاصة في الشق العسكري، إذ أدى التعاون الإخونجي – الحوثي إلى تسليم ثلاث مديريات في شبوة للحوثيين وهو ما يهدد بتوسع نفوذ الميليشيا الحوثية في شبوة ومحافظات الجنوب ما يجعل حال حدوثه من اتفاق الرياض وثيقة منتهية الصلاحية”.
وحول الأجندة التي يمكن أن تتضمنها زيارة الزبيدي إلى الرياض، تابع مصطفى بالقول “في تقديري أن التهديدات الخطرة المتعلقة بشبوة ووادي حضرموت هي الملف الأبرز الذي يمكن مناقشته في الرياض مع رئيس الانتقالي الجنوبي؛ خاصة وأن ممارسات محافظ شبوة محمد صالح بن عديو أظهرت تبعية واضحة لأطراف معادية للتحالف العربي ولاتفاق الرياض الذي يشمل محافظ شبوة بالتغيير، ما دفع بن عديو إلى تقديم ارتباطه التنظيمي والقفز على التزامه الوظيفي”.
ورجّح رئيس مركز فنار لبحوث السياسات أن تفرض التطورات الأخيرة سياسياً وعسكرياً، واقعاً ومتغيرات جديدة على الأرض “إما بطيّ جولة من الصراع بتسوية سياسية ناقصة أو تعزيز التحالف العربي لدوره في اليمن في مواجهة المشروع الإيراني عبر إعادة توزيع تراتبية الحلفاء في الداخل من القوى التي فرضت نفسها على الأرض والتي يصعب تجاوزها في أيّ عملية سياسية قادمة مرعية من الأمم المتحدة سواء بتنفيذ اتفاق الرياض أو دونه، خاصة وأن المؤشرات تذهب إلى إعادة النظر في القرار الأممي 2216 الذي كان قد حصر العلاقة التفاوضية بين الشرعية والحوثيين”.