الشعوب تتحرك… ضجيج الإضرابات والاحتجاجات يملأ العواصم الأوروبية
تزايد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي بسبب العقوبات الغربية على روسيا
مع تزايد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي الناتج عن العقوبات الغربية على روسيا، تواجه معظم البلدان الأوروبية موجة واسعة من الإضرابات والاحتجاجات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وغلاء المعيشة، الأمر الذي وضع أغلب الحكومات الأوروبية في مأزق حقيقي أمام مجتمعاتها.
التداعيات الاقتصادية ضربت أوروبا بشكل أساسي، بسبب اعتمادها على روسيا كمصدر رئيسي للطاقة ودعمها لأوكرانيا في هذه المواجهة، فضلاً عن تأثير ذلك على السياحة واستقبال مئات الآلاف من النازحين الأوكرانيين.
إضرابات بريطانيا
قال اتحاد موظفي الجامعات والكليات في 8 نوفمبر الجاري، إن أكثر من 70 ألف موظف في 150 جامعة بريطانية سيضربون عن العمل لثلاثة أيام خلال هذا الشهر، للمطالبة بتحسين الرواتب وظروف العمل ومعاشات التقاعد.
وذكرت نقابة (جي.إم.بي) العمالية أن العاملين في مجموعة التغليف البريطانية دي.إس سميث، والتي تضم قائمة زبائنها شركة أمازون، صوتوا بأغلبية ساحقة على تنظيم إضراب بسبب نزاع بشأن الأجور.
وبدأ الممرضون إضراباً في 5 نوفمبر، حسبما أعلنت الكلية الملكية للتمريض، مضيفة أن أعضاءها يعانون انخفاض قيمة أجورهم على مدى السنوات العشر الماضية، وأن الإقبال على تصويت بشأن الإضراب خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة كان الأكبر في تاريخها الذي يرجع إلى 106 أعوام.
وخلال زيارته لأحد المستشفيات بلندن في 28 أكتوبر، قابل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مريضاً مسناً أخبره بأن من “المؤسف” أن الحكومة لا تدفع المزيد للممرضين وأن عليه أن “يبذل قصارى جهده” لتحقيق ذلك.
وبدأ أكبر اتحاد تمريض في بريطانيا التصويت على تنظيم إضراب في تصعيد لنزاع على الأجور في خضم تنامي التضخم، وهو الاقتراع الأكبر في تاريخه البالغ 106 أعوام.
كذلك، قالت نقابة عمال السكك الحديدية (آر.إم.تي) في 4 نوفمبر إن إضراباً لمدة 3 أيام شارك فيه عشرات الآلاف من عمال السكك الحديدية البريطانيين، وتم تعليقه لإجراء “مفاوضات مكثفة” في نزاع طويل الأمد بشأن الأجور وظروف العمل.
وقالت نقابة (تي.إس.إس.إيه) الأصغر إنها ألغت أيضاً إضرابات مخطط لها في أيام 5 و7 و8 و9 نوفمبر، لإجراء محادثات مع مديرين من شركة شبكة القطارات وغيرها من مشغلي الخدمة. وكان من المقرر أن ينظم عمال مترو أنفاق لندن إضراباً منفصلاً في 10 نوفمبر.
مطار هيثرو
وأعلنت نقابة (يونايت) العمالية في بريطانيا في 4 نوفمبر أن مئات العاملين في مطار هيثرو بلندن سينظمون إضراباً في الفترة التي تسبق كأس العالم لكرة القدم هذا الشهر، بسبب مطالب بتحسين الأجور.
وقالت يونايت إن 700 عامل من المسؤولين عن خدمات المناولة الأرضية والنقل الجوي والشحن وتوظفهم شركتا دناتا، التابعة لمجموعة الإمارات ومنزيس سيضربون عن العمل لمدة 3 أيام ابتداء من 18 نوفمبر.
وعرض بنك لويدز، أكبر بنك محلي في بريطانيا، زيادة في الأجور على موظفيه في البلاد بمقدار ألفي جنيه إسترليني (2242 دولاراً) على الأقل، وفقا لما قاله مصدر مطلع على المحادثات لوكالة “رويترز” في 3 نوفمبر، وذلك بالتزامن مع بدء محادثات سنوية حول الأجور بين البنوك والموظفين على مستوى القطاع المصرفي، والتي قد تؤدي إلى ارتفاع فاتورة الرواتب.`
كذلك، قالت اتحاد عمالي بريطاني في 2 نوفمبر إنه حصل على زيادة 10% في الأجور لأكثر من 900 عامل حافلات في شرق لندن من مجموعة (ستيج كوتش) المشغلة للحافلات في خضم ارتفاع تكلفة المعيشة.
وقالت مجموعة البريد الملكي البريطاني في الأول من نوفمبر إن أعضاء أكبر نقابة للعاملين لديها، وهي نقابة عمال الاتصالات، سينظمون إضرابين لمدة 48 ساعة في أواخر الشهر الجاري وأوائل ديسمبر قبل موسم عيد الميلاد.
وذكرت نقابة عمالية بريطانية في الأول من نوفمبر أنها توصلت إلى اتفاق لزيادة الأجور 12.5% لصالح ألف من سائقي توصيل المشروبات من شركة الخدمات اللوجستية (جي.إكس.أو)، مما سيسمح بإلغاء الإضرابات المزمع إقامتها في الفترة التي تسبق نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
استمرار الإضرابات في فرنسا
قال مسؤول في نقابة عمال الطاقة (سي.جي.تي) إن إضراباً لا يزال مستمراً في مصفاة نفط فيزين التي تديرها شركة توتال إنرجيز في شمال فرنسا.
وأفادت وزيرة الطاقة الفرنسية أجنيس بانييه روناتشر بأن الإمدادات في محطات البنزين الفرنسية عادت لطبيعتها، وإن أقل من 10% فقط منها لا تزال تعاني من مشاكل.
ونحو 45% من طاقة مصافي النفط الفرنسية كانت خارج الخدمة في 2 نوفمبر بعد إضراب للعمال الشهر الماضي، لكن الإمدادات بدأت في الزيادة بعد معاودة تشغيل مصفاة رئيسية، كما من المقرر أن تعود أخرى إلى طاقتها الكاملة بنهاية الأسبوع.
وقالت شركة كهرباء فرنسا، في 27 أكتوبر، إنها وقعت رسمياً اتفاقاً مع جميع نقابات العمال في الشركة لزيادة الأجور على مستوى البلاد.
أكبر اقتصاد في أوروبا
تطالب النقابات في أكبر اقتصاد في أوروبا بزيادة الأجور في ضوء ارتفاع التضخم. وقالت نقابة (آي.جي ميتال) العمالية في ألمانيا إنها دعت آلافاً من العمال إلى الإضراب الثلاثاء، في 15 موقعاً، بما في ذلك في شركة إيرباص في هامبورج.
توصلت لوفتهانزا ونقابة (يو.إف.أو) إلى اتفاق لزيادة رواتب 19 ألفاً من أفراد أطقم الضيافة على الطائرات، حسبما قالت شركة الطيران الألمانية.
وقال مدير الموارد البشرية بشركة صناعة السيارات الألمانية “أودي” إنها تفضل تقديم مدفوعات معفاة من الضرائب للموظفين لمرة واحدة، بدلاً من منحهم زيادات دائمة في الأجور.
احتجاج كبير في إسبانيا
احتشد الآلاف من الإسبان في ساحة بلاثا مايور التاريخية في مدريد، في 3 نوفمبر، للمطالبة بزيادة الأجور، في أول احتجاج كبير في البلاد منذ بداية أزمة غلاء المعيشة.
وذكرت نقابة (يو.إس.أو) العمالية في 28 أكتوبر أن العمال في شركة أزول للمناولة الأرضية، التي تخدم شركة طيران رايان إير في 22 مطاراً إسبانياً، ألغوا خطة لتنظيم عدة إضرابات لمدة 24 ساعة في الفترة ما بين 28 أكتوبر و8 يناير للمطالبة بتحسين ظروف العمل.
وبدأ المئات من سائقي الشاحنات التابعين لمنصة الدفاع عن النقل، وهو اتحاد عمالي غير رسمي، إضراباً في 14 نوفمبر للمطالبة بتغيير قواعد الشحن البري والاحتجاج على غلاء المعيشة.
وكانت الاتحاد قد نظم إضراباً شل حركة النقل في إسبانيا في أبريل. وبعدها، حصل سائقو الشاحنات على حزمة دعم بقيمة مليار يورو (1.03 مليار دولار) تضمنت خصومات على سعر وقود الديزل ومكافأة نقدية قدرها 1200 يورو، لكنهم يقولون إن زيادة أسعار الوقود بددت أثر هذه الخصومات منذ ذلك الحين.
توسيع نطاق الإضراب في البرتغال
يبدأ العاملون بمصنع شركة فولكسفاجن للسيارات، وهو أحد أكبر المصانع التي تركز على التصدير في البرتغال، إضراباً في أول ساعتين من كل من المناوبات الأربع ليومي 17 و18 نوفمبر، للمطالبة بزيادة استثنائية في الأجور بسبب تصاعد التضخم.
ولا تستبعد النقابات توسيع نطاق الإضراب إذا لم تُلب مطالبهم. وتعرض الشركة تقديم مبلغ مالي لمرة واحدة بقيمة 400 يورو (402 دولار) فقط في نوفمبر.
حصل عمال التعدين في النمسا في 4 نوفمبر على زيادة سنوية في الأجور بأكثر من 7% في المتوسط، بما يتجاوز معدل التضخم البالغ 6.3% إبان فترة التفاوض.
ويُنظر إلى المفاوضات على أنها نموذج قد تحتذي به القطاعات الأخرى في النمسا، التي تتمتع بتقاليد قوية في التفاوض الجماعي وتسفر عادة عن تقديم زيادات سنوية في الأجور لتفادي التهديد بتنظيم إضرابات.